قاسم حماد.. حلم يأبى أن يموت

“لن أموت” عبارة كتبت على أحد جدران المنتدى الثقافي الاجتماعي في سراقب، وثقها تقرير صحفي يظهر خلالها مؤسس المنتدى الشهيد قاسم حماد وهو يتحدث إلى مجموعة من الفتيان، وربما تشير العبارة إلى ما يريده صاحب المنتدى ليس على مستواه الشخصي، بل على مستوى الحلم.

استشهد في 27 تموز 2013 في منزله بقصف بالبراميل المتفجرة، بعد أن عاد من اغتراب عشر سنوات من اليونان، ليشارك بثورة بلده.

أسس المنتدى الثقافي الاجتماعي في عام 2012 الذي أراده حلقة وصل بين التيارات السياسية والثورية في المدينة، عبر ندوات حوارية ومناقشات للوصول إلى تماسك جميع الفئات المختلفة والتقائها حول أهداف الثورة لا سيما التيار الديني والعلماني.

كما أراده أن يكون منصة لنشر الوعي والأدب مفسحا المجال أمام الأعمال الأدبية والمسرحية والاجتماعية، ومشجعا على تنمية المواهب لا سيما الشبابية.

ضم المنتدى مكتبة تشاركية سمحت لرواده بالقراءة وتبادل وجهات النظر، كما قدم دور المرأة كشرط حقيقي لتطوير أي عمل، ما حمله أعباء مواجهة التيارات السلفية التي رأت في المنتدى عملا مناقضا لمشروعها، وهو ما أدى إلى استهداف المنتدى أكثر من مرة، منها استهداف إحدى المسرحيات بالقنابل.

وعن المنتدى ونشاطاته أوضح مدير دار الثقافة أحمد باكير لزيتون: “حاول المنتدى جمع الأقطاب المتصارعة في المدينة ضمن “مشاريع حوار” للوصول إلى حالة توافقية، لم يلبث بعدها أن انجر وأصبح قطباً فيها، كما استضاف المنتدى الندوات الشعرية والمسرحيات وندوات طبية ومحاضرات ألقاها حقوقيون وأدباء ومفكرون ورجال دين معتدلون، ولم يتقاضى القائمون على المنتدى سوى أجوراً رمزيةً، بالكاد تكفي لتغطية نفقات المبنى، من إيجار وكهرباء ومصاريف أخرى”.

كما عمل على تأسيس مدرسة سماها المدرسة الفاضلة، بمحاولة منه لترميم جزء من البنية التعليمية التي شهدت بداية تسرب وضعف في تلك الفترة، ضمت المدرسة مجموعة من المعلمين الشباب ونشطت في المجال التربوي والتثقيفي للأهالي.

عاني قاسم من رفض ومعاداة لنشاطاته من بعض الفئات التي رأت بنشاطه ما يعرقل مشاريعها، في المقابل لاقى ترحيبا صادقا من فئات عدة، دفعه ذلك للاستمرار بعمله دون الاستسلام للتهديدات والمضايقة حتى يوم استشهاده.

فرض الحماد نفسه على واقع المدينة كمدافع عن الجانب المدني والثقافي، متسلحا بالحوار والنقاش، ومستعينا بكل الشخصيات المنحازة للحياة ضد التيارات الدينية والسلفية وعلى رأسها جبهة النصرة وداعش.

يشهد له صديقه “خلدون البطل” الذي رافقه في أخر ليلة له بصلابته، مؤكدا أنه لم يكن ليستكين لتنمر الكثيرين في تلك الفترة التي سيطرت فيها قوى ظلامية”.

نعته المدينة التي كافح لتنتصر، وبكاه رفاقه الذين افتقدوا مكانه المبادر والاستثنائي، ويروي أحد أصدقائه كيف أن قاسم بكى بحرقة حين كان يرى انزلاق المدينة وسيطرة السواد عليها.

قاسم حماد هو من مواليد مدينة سراقب 26 تشرين الثاني 1976، سافر إلى الجزائر ومن ثم إلى اليونان طلبا للزرق والعمل، ما لبث أن عاد إلى سوريا بعد الثورة، حالما بسوريا حرة وكريمة لأهلها ككل البلدان المتقدمة وقضى وهو يحاول.

تقرير مصور لمجموعة بصمة عن المنتدى الثقافي الاجتماعي بسراقب:

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*