أصدرت 20 منظمة لبنانية ودولية بينها هيومن رايتس ووتش والمركز اللبناني لحقوق الانسان والشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانا مشتركا اليوم الخميس، يدين عمليات ترحيل اللاجئين السوريين في لبنان ويطالب بوقف ترحيلهم.
وجاء في البيان، إن الجيش اللبناني رحل مؤخرا مئات السوريين بموجب إجراءات موجزة إلى بلادهم، حيث يواجهون خطر الاضطهاد أو التعذيب.
وتأتي عمليات الترحيل هذه في خضم تصاعد مقلق للخطاب المناهض للاجئين في لبنان وإجراءات قسرية أخرى تهدف إلى الضغط على اللاجئين كي يعودوا إلى بلادهم.
وذكر بيان المنظمات، أن الجيش اللبناني نفذ منذ بداية شهر نيسان، مداهمات تمييزية لمنازل يقيم فيها لاجئون سوريون في عدة مناطق لبنانية، بما في ذلك في جبل لبنان وجونيه وقب إلياس وبرج حمود، وتم ترحيل معظمهم على الفور، رغم أنهم مسجلون أو لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، دون منحهم فرصة توكيل محامي، وحرمانهم من الاعتراض على قرار ترحيلهم.
ونقل البيان عن بعض اللاجئين تأكيدهم، أن الجيش اللبناني اقتاد المرحلين إلى الحدود وسلمهم مباشرة إلى السلطات السورية، بعضهم اعتقلوا أو اختفوا بعد عودتهم إلى سوريا.
وترافقت عمليات الترحيل مع إجراءات أخرى ترمي إلى إرغام اللاجئين السوريين على العودة إلى سوريا، حيث فرضت بلديات عدة في كل أنحاء لبنان إجراءات تمييزية ضد السوريين، مثل حظر التجول وتقييد قدرتهم على استئجار المنازل، كما فرضت بعض السلطات المحلية على السوريين تزويدها ببياناتهم الشخصية مثل وثائق الهوية وبطاقات الإقامة وإثبات السكن، وهددت بترحيلهم إذا لم يفعلوا ذلك.
وأشار البيان إلى أن السلطات اللبنانية أساءت عن عمد إدارة الأزمة الاقتصادية في البلاد، ما تسبب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم، وبدلا من تبني الإصلاحات الضرورية، عمدت السلطات إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء للتغطية على إخفاقها.
وتفاقم المناخ الضاغط والمعادي للاجئين السوريين في لبنان بسبب الارتفاع المقلق للخطاب المناهض للسوريين الذي تؤججه السلطات المحلية والشخصيات السياسية وبعض وسائل الإعلام اللبنانية، والذين يعتمدون على معلومات مضللة، تساهم في العنف والتمييز ضد اللاجئين.
وأدت هذه التطورات إلى إرساء جو من العداء، ما تسبب في حالة من القلق والذعر في صفوف السوريين في لبنان. وذكر لاجئون في لبنان أنهم يعيشون في خوف من الترحيل أو التعرض لهجمات، والكثير منهم قالوا إنهم لم يغادروا منازلهم لأسابيع.
وأوضح البيان أن لبنان وبصفته دولة طرفا في “اتفاقية مناهضة التعذيب”، يجب أن يلتزم بعدم إعادة أو تسليم أي شخص معرض لخطر التعذيب، وعدم الإعادة القسرية المكفول في القانون الدولي العرفي الذي يقضي بعدم إعادة أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأكد أنه بموجب القانون اللبناني، لا يمكن إصدار قرارات ترحيل إلا من قبل سلطة قضائية أو بقرار من المدير العام للأمن العام في حالات استثنائية وبناء على تقييم فردي.
وطالبت المنظمات من السلطات اللبنانية وقف عمليات ترحيل اللاجئين السوريين والامتناع عن فرض تدابير تمييزية واستخدام عبارات مهينة ضدهم، واحترام الاصول القانونية ومنح كل من يواجه خطر الترحيل إلى سوريا فرصة لمقابلة محام، ومقابلة المفوضية والدفاع عن حقه في الحماية من الترحيل أمام محكمة مختصة.
وقال رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان “وديع أسمر”، إن توقيف السوريين المخالفين في لبنان من قبل الأجهزة الأمنية “أمر قانوني”، لكن قرار الترحيل يجب أن يصدر عن قاض يتحمل مسؤوليته بعد التأكد من أن المرحل لن يكون بخطر في سوريا.
وأضاف، “حسب المعطيات انخفض عدد عمليات الترحيل، رغم استمرار المداهمات التي حصلت في عدد من المخيمات الأسبوع الحالي ولكنها جرت بشكل قانوني وهادئ”.
وأرجع أسمر انخفاض عمليات الترحيل إلى فتح باب التسجيل رسميا للعودة الطوعية إلى سوريا، معتبرا أن هذا الأمر لا يعارضه أحد وهو مطلب جماعي وبالأصل هو حق للاجئ بالعودة إلى وطنه.
واعتبر أن الإشكالية الأساسية والوحيدة هي في استجابة النظام السوري، مشيرا إلى إن آخر لائحة قدمها الأمن العام كانت تضم أسماء خمسة آلاف شخص سجلوا للعودة الطوعية، ولم تأت الموافقة من قبل النظام إلا على 600 شخص، وهذا دليل أن النظام السوري ليس لديه نوايا حقيقية للتعاون في هذا الملف.