عشر عجاف مرت.. هل يتلوها عشر سمان؟

عدنان صايغ

تتجه الثورة السورية بعد سنواتها العشر لتصبح مشروع هوية للسوريين بما تمثله من قيم تطلعات، صقلوها واختبروها خلال محنتهم، كما دفعوا ثمنها دما ودموعا، هوية قد تكون الوحيدة المتبقية لهم في مستقبلهم، فلا مشروع عربي ولا إقليمي، ولا رغبة أو إمكانية في العيش مع النظام، لتبقى الثورة هي كل ما لديهم وكل ما سيكون، وهو ما يبرر تمسكهم اللافت بها عاما تلو الآخر، رغم ما آلت إليه أوضاعها من سوء.

مظاهرات وجداريات، حراك سياسي وإعلامي، واستعدادات نفسية لمناسبة غالية على نفوس من ثاروا، هي دلائل على أن صوابية ما فعلوه، وأن ما أنجزوه برفضهم الصبور والمكلف والطويل ما يزال فعلا مشرف، فيما تتكفل الحياة المعيشية في مناطق سيطرة النظام بدفع الناس للكفر بالأسد وهم يراقبون انتصاره النذل.

وبرغم من الحياة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ليست بأفضل حال من مناطق سيطرته إلا أن فارق الإيمان بعدالة ما يدفعون ثمنه شاسع بين الطرفين.

تأتي الذكرى العاشرة والسوريين ليسوا بخير، لا على المستوى الاقتصادي، ولا فيما ينتظرهم في المستقبل القريب، ومع انهيار الليرة السورية التي تخطت حاجز 4 آلاف ليرة، تنكشف الأهوال ويتفاقم الجوع ليعم سوريا، في منظومة لا يمكن أن تنتهي ما دامت السلطات رأس المشكلة.

كما أنها تأتي فيما السلطة في كل أشكالها وتمركزاتها ما تزال تتبع الخداع والقمع، ليزيد اعتمادها على السلاح صاحب الفضل الوحيد في وجودها، معولة على عامل الزمن، في أن ينسى الناس كرامتهم بمزيد من الذل، وتتلاشى شعارات الإنسانية مع ترسيخ العبودية، ليتحول الإنسان شيئا فشيئا إلى كائن همه لقمة الحياة والبقاء، لكن ما تقوله السنوات العشر الأكثر دموية في تاريخ سوريا يثبت عكس ما يحلم به الطغاة، شرط أن يرافق الثورة وعي مناسب يحميها من أن تنقلب ضد ذاتها.

تبقى ملفات الألم أغلى ما يقدمه السوريون، على رأسها ملف المعتقلين، وغالبيتهم في سجون النظام، والمغيبين مجهولين المصير، وما يعيشه ذويهم من تفكير دائم بمآلهم، مئات الآلاف من الأرواح المنتظرة في ظلام السجون يوم حريتهم، مقابل عجز أو عدم اكتراث العالم بتخليصهم.

النازحون في الخيام، والمهجرين من بيوتهم، لا سيما النزوح الكبير الذي شهده الشمال السوري بداية العام الفائت، بعد هرب مليون شخص، إلى المدن المحاذية للحدود التركية، معظمهم استقر في خيام ومنازل غير مهيأة للسكن، هؤلاء النازحون ما يزالون يحلمون بالعودة إلى بيوتهم، متعلقين بأي خبر من شأنه أن يزيد احتمال الرجوع.

اللاجئون في دول الجوار ليسوا بأفضل حال، وربما كان أسوء من حال أهل الداخل، لا سيما في لبنان والأردن وتركيا، متحملين ما يبديه البعض من عنصرية وتنمر، في ظل غياب القوانين التي تحميهم أو تسمح لهم بالعمل وتأمين دخل، ليرتهن قوتهم بما يقدم من مساعدات أممية لا تسد الرمق.

قد يكون من العسير تصوير الوضع السوري، لكن من السهل جدا تشير إلى الحل، هذا الحل الذي خسر السوريين قراره، بعد أن تنازعته دول كبرى، ليبقى الأسد كشماعة لتدخلهم بشكل أكبر، كتركة الرجل المريض.

عشر عجاف مرت ينتظر السوريين بأمل أن يتبعهن عشر سمان وأن يسدل الستار على ماساتهم.  

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*