أطفــال يموتون تحت الثلوج .. كيف تسـاعدهم بخطوات واضحة ؟

ي

بمـا أن المنطقة العربية تستضيـف حاليــاً كل ما هو شــرس ووحشــي ، فلم يكن الشتاء هذا العــام إستثناءاً أيضــاً فى معظم بلاد المنطقــة، الذي يضــرب تحت الحــزام بموجـات برد شرسة، وثلــوج، وسيــول، وأمطـار رعدية..
وكعــادة كل شتــاء يتفرّغ الكثيــرون جداً للتدفئة، وشرب المشــروبات الساخنة.. أو الخــروج لإلتقــاط الصــور تحت الثلــوج أو الامطــار ورفعهــا على فيسبوك وإنستغــرام

أو – وهذا هو السائد مؤخراً – التفــرغ لإلتقــاط الصــور لفنجــان القهــوة الموضوع بجــانب نافذة مليئة بحـبــات المطــر ، وغــلاف كتــاب رومـانسي من نوعية (فلتغفــري) أو (في القــلبِ فتــاة عبــرية)، أو أي عنــاوين أخرى غامضة – وسخيفة لو أردتَ رأيي – لهذه الكتب التى تعرفونها..

الطفلة هبة عبد الغني

نعم، الشتــاء يكون مليئـاً بالبهجة والحميميــة إذا كان لديكَ مايكفي من مــال، وتعيش وسط اهلك، وتقضى سهــراته البــاردة فى مشــاهدة الأفلام مع عائلتك، بجانب المدفأة.. وتستمتع معهم لصــوت زخّــات المطــر الرومانسية بالخــارج..
ولكــن، وفي عــالم موازي.. قريب منك جداً، ولكنك لا تــراه.. الشتــاء كابــوس حقيقي!
حورية صغيرة.. رحلت مُرتجفـة!
إسمها ( هبة عبد الغنــي ).. 10 سنوات ..

وهي – كمـا ترى فى الصــورة – تصنيفهـا أقرب إلى حــورية جميلة، أكثر منها إلى بشــرية من لحم ودم.. إذا إستطعت ان تجمع كل معــاني البراءة والجمال والإشراق والامل، فأنظــر إليها عشر دقائق، ثم إمضى في حياتك وقد تطهّرت روحك، وتشبّعت بهذه المعـاني تماماً..
خرجت هبة مع أهلها من مدينة حمص الســورية، إلى مخيّم عرســال اللبنــاني بسبب الحــرب.. وبالتاكيد لم تكن هبة وهي تلتقط هذه الصــورة المُبتسمة، تتخيـّل أن مصيــرها أن تموت تحت الثلــوج، في موجة البــرد الأخيرة التى تضرب الشرق الأوسط..
ماتت هبــة تحت الثلوج في المخيّم – كمـا تقول كافة وكالات الأنبــاء – عندما حاولت أن تحتمـي بمكـان دافئ، فلم تجد إلا الثلوج حولها.. فلم يستطع جسدها الصغير الرقيق إلا أن يسكـن دون مقـاومة..
فلنحمد الله ان هذه البراءة الصافية قد خرجت سريعاً من عالم حقيــر مليئ بالشـــر التى كان من المستحيــل أن تتحمله ملامح بريئة نقية كهذه، وروح بريئة طاهــرة مثلها..
وليـرحمنا الله جميعاً، ويساعدنا فى الاستمرار في هذا العالم !
الأمور السيّئة ( لا ) تحدث للآخرين فقط !
في ســوريا والعراق واليمن وليبيـا ومصــر وغــزة، ملايين اللاجئيــن والفقراء والمتسوّلين الذين يموتون من شدة البــرد – حرفيــاً وليس مجــازاً – .. البشــر هنا فى هذه المنطقــة يموتون من شدة البــرد، كأننا نعيش فى زمن ماقبــل العصــور الوسطى في أوروبا..
شعــور مؤلم جداً أن تكون أنت تحتسي مشروبا دافئـاً، في الوقت الذي تعرف فيه حتماً ان ثمة بشــر بنفس لونك ودينك وحياتك وثقافتك ولغتك، يضحكون لما تضحك، ويحزنون لما تحزن.. إخوة لك حرفيــاً، يموتون من شدة البــرد.
السؤال: ماذا لو كنتَ انت مكــانه؟ ..
هذا وارد جداً، لأنك لم تعقــد حلفــاً مع السمــاء، تقتضــى بموجبه أن تظــل طوال عمرك دافئاً هانئــاً، تعيش بمبدأ أن الامور السيئة ( تحدث للآخرين فقــط ).. و تكتفــي بمشــاركة الصور على الفيسبوك وانستجرام للاجئين والفقراء والمرضى والمتسوّلين، وتذيّله بدعاء: اللهم إرحمهم فى هذا الشتاء.. فتبدو رائعاً أمام أصدقاءك، وإنســان نبيـــل مليئ بالمشــاعر !
أنت وأنا وكلنــا حرفيــاً مُعرّضين لأن نكون في هذا الوضع تماماً يوم من الأيام.. لا مجاملة، ولا مزايدة، ولا حتى مبالغة فى هذا الأمـر أبداً.. هؤلاء اللاجئين والمتسوّلين والمرضــى لم يتوقعوا أبداً أن يصير بهم الحال إلى هذه المأســاة طبعاً !
1 – إبدأ بوطنــك
الآن فوراً، قم بالبحث فى غــوغل عن كل المؤسسات الخيــرية القريبة من منزلك، أو المعروفة على مستوى وطنك.. تواصل معهم هاتفيــاً، وكن مُحدداً في الأسئلة التى تطـرحها:
ما هي الإحتيــاجات التى تنقصهم لمُتابعة أحــوال الفقــراء والمتسوّلين في هذا المناخ السيئ ؟
حملة ( قوات مكافحة البرد ).. حملة مميــزة تقدمها جمعية رسالة المصرية لمساعدة المحتاجين
غالباً ستكون الإجابــة إحدى أربعة:
طعــام – كســاء – تبرعات ماليـة – مُتطوّعيــن لتوزيــع هذه الأشيــاء على المُحتــاجين ..
قرر أي شيء تستطيــع أن تُساهم به.. إذا كان لديــك طعــام، او قدرة على شراء طعــام.. او لديك فائض من الملابس الثقيلــة، أو ألحفــة.. قم فوراً بحزمهــا، وقم بالتحرّك لتوصيلهــا إليهم..
إذا كنت قد وصلت لمــرحلة ( الدب القطبــي ) الذي لا يستطيــع أن يرفع أردافه من الأريكــة الدافئة في الشتاء، فأطلــب من الجمعية الخيــرية أن يرسلوا لك مندوباً لبــاب المنزل، ليأخذ منك المــال، أو الطعــام، أو الملابس الثقيلة..
2 – ثم عــروبتك
تواصل مع كافة منظمــات المجتمع المدني في كل الدول العربية الأخرى التى تحتاج إلى مساعدات، خصوصاً سوريا والعراق وغزة.. سواءاً مع منظمـات إقليمية أو منظمـات الامم المتحدة، مثــل هذه المنظمة.. وغيرها من مؤسسات اللاجئين، والنــازحين، وهي بالمئــات..
قم بمعرفة كيفية المُساعدة ، وتحويــل أي مبلغ – مهمــا كان بسيطاً جداً –، حتى لو كــان بمقدار 10 دولارات لأي مؤسسة.. أو حتى بإرسال رسائل SMS غالية الثمــن تُحوّل لرصيد هذه المؤسســات..
تذكــر دائماً أنه لا يوجد في هذه الحيــاة مشهــد أكثـر ألمــاً من موظّف معدوم الحيلة، يقف أمام مئات من الخيــام التى تعج باللاجئيــن والمحتاجين وسط الجليــد والثلوج والصقيع، ولا يعــرف ماذا يفعـــل حيالهم لتدفئتهم وتوفيــر الطعــام لهم، لأنه لا يوجد تبرّعــات.. أو يتم توجيــه التبــرّعــات بشكــل خاطئ !
3 – لا تخـرج إلا ومعــك ..
خلال هذه الأيــام، لا تخــرج من بيتــك إلا ومعــك 3 أشيــاء:
طعــام – أي ملابس شتويــة زائدة – مــال إضــافي ..
في أي مكـان تذهب إليه، إذا وجدت شخصاً يرتجف من البـــرد، فوراً إذهــب إليه واعطــه ما تستطيــع من هذه الخيــارات الثلاثة.. مُعظــمنا مليئ بالحيــوية والخيــر، ولكــن الكثير جداً يترددون من الإقتــراب منهم خوفاً أنهم قد يتعرّضون للإيذاء، او المعــاملة السيئة، أو لأنهم ( المُحتــاجين ) كثيــر منهم لا يطــلب مُساعدة أصلاً..
4 – التواصل الإجتمــاعي .. مهم جداً ..
من أهم الطــرق التى تزيــد من فعــالية الأعمال الخيــرية هو التواصل الإجتمــاعي.. بدلاً من أن تقضى وقتك كله فى رفع صور الثلوج.. أو مشــاركة صور حزينة للأطفـــال، وتحت جملة ( وإن سالوك عن العدل فى بلاد المُسلمين فقل لهم لقد مات عمــر ).. ثم تشــرب مشروبا دافئاً وتنــام.. يمكنك إستغلال السوشيال ميديا بشكــل أفضل من ذلك !
ستجد العديد من الاحداث التى ينظمها الشباب، والنشطــاء فى المجتمعــات العربية المُختلفة، بهدف تقديم أعمال خيرية في هذا المنــاخ الجوي الكارثي.. شارك فيهــا بالحضــور، وتمــريرها للجميــع ومشــاركتها.

عماد أبو الفتوح

المصدر: أراجيك