أمريكا لفصائل الجنوب: لا تبنوا قراراتكم على افتراض قيامنا بتدخل عسكري

زيتون – تيسير محمد
عندما كانت الغوطة الشرقية تخوض أشرس المعارك مع نظام الأسد وحلفاءه حاولت بعض الفصائل في “الجبهة الجنوبية” القيام بعمل لتخفيف الضغط على الثوار في الغوطة، هي مجرد محاولة لم تكتمل باستثناء بعض التحركات الخجولة إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم الرسمي للجبهة الجنوبية كان لها رأي آخر، حيث بعثت برسالة حذرت فيها الثوار من القيام بأي عمل عسكري ضد نظام الأسد، جاء في الرسالة “إذا بادرتم في عمل عسكري ينتهك خفض التصعيد لن نستطيع أن ندافع عنكم، وإن بادر النظام بانتهاك الاتفاق سنفعل أقصى ما بوسعنا لوقف الانتهاك وضمان استمرار اتفاقية خفض التصعيد”، “وعليه إننا نحثّكم على ضبط الأعصاب، والتفكير مليًّا في أهلكم من المدنيين، وعدم إعطاء الذرائع للنظام لقصفكم والقضاء على آخر معقل للمعارضة المعتدلة في سوريا”.
وقبل أيام قليلة هددت الولايات المتحدة من خرق اتفاق خفض التصعيد في جنوب سوريا، وقالت وزارة الخارجية في بيان رسمي لها: “نؤكد مجدَّداً أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءاتٍ حازمةً وملائمةً ردّاً على انتهاكات الحكومة السورية في هذه المنطقة”.
وطالبت الخارجية الأمريكية روسيا باستخدام نفوذها الدبلوماسي والعسكري لوَقْف الهجمات وإرغام النظام السوري على الامتناع عن شنّ حملات عسكرية أخرى، ولكن نظام الأسد استمر في حشد قواته وقام فعليا ببدء معركة في محاولة للسيطرة على المناطق التي تخضع لسلطة الثوار، وما إن بدأت المعارك فعليا حتى أرسلت الولايات المتحدة رسالة لفصائل الجنوب تتخلى فيها عن كل تعهداتها السابقة قالت فيها:

“إن الأمر يعود إلى قادة الثوار فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية التي تشنها قوات الأسد بناء على ما يرون أنه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم”

مضيفةً: “الحكومة الأمريكية تريد توضيح ضرورة ألا تبنوا قراراتكم على افتراض أو توقع قيامنا بتدخل عسكري”، ويأتي هذا كله بعد أن أسهمت الولايات المتحدة في تجميد جبهات القتال في جنوب سوريا طوال الفترة الماضية بالتهديد تارة وبالوعود الكاذبة تارة أخرى.

من الطبيعي أن يكون لهذا الأمر تداعياته على الجنوب السوري وعلى المعارضة بشكل عام، حيث سارعت الأردن بالإعلان أنها لا تستطيع استقبال أي لاجئين إضافيين على أراضيها، داعيةً الأمم المتحدة إلى مساعدة النازحين ضمن الأراضي السورية، ومن المعلوم أن الأخيرة تغلق الحدود بشكل شبه تام منذ سيطرة المعارضة على معبر نصيب الواصل بين سوريا والأردن. 

كما أن إطلاق الولايات المتحدة يد روسيا في الجنوب السوري ومشاركتها بشكل فعلي في المعركة بعد أحاديث سابقة عن عدم مشاركتها، ووقف الدعم العسكري واللوجستي للجبهة الجنوبية، كل هذه العوامل بالإضافة إلى الحرب النفسية، ومشروع المصالحات التي تقوم بها قوات الأسد وروسيا، وانتقال بعض الجهات والشخصيات للطرف الآخر، وتغيير اتجاه البندقية من الثورة إلى مواجهتها، أثر سلباً على الوضع الميداني والحالة النفسية للمقاتلين بشكل عام، مما يسهل على نظام الأسد مهمته في بسط سيطرته على الجنوب السوري، وهو ما حصل فعلاً مع بدء الحملة العسكرية، إذ خسرت المعارضة بعض المواقع والبلدات نتيجة القصف العنيف واتباع سياسة الأرض المحروقة، ومما ساعده أيضاً في المعارك عدم وجود جبهات أخرى، فقام بحشد كافة قواته التي يعتمد عليها وزجها في جبهة الجنوب السوري.
بالرغم من كل ما سبق لا يشك عاقل أن لدى ثوار درعا فرصة كبيرة لإعادة هيكلتها والتعامل مع المعطيات وتنظيم صفوفها بطريقة تتناسب مع حالة الحرب التي تخوضها في الوقت الراهن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*