الأهالي يواجهون المخاطر أثناء قطاف الزيتون بالقرب من خط النار في ادلب

“نختبئ تحت الأشجار ونغطي ما نملك من آليات بالقماش والشوادر خوفاً من استهدافنا من قبل قوات نظام الأسد والطائرات الروسية”، بهذه العبارات يصف “أبو محمد” حال أهالي بلدته الواقعة جنوب الطريق الدولي حلب-اللاذقية جنوبي إدلب، خلال هذه الأيام التي يعملون فيها على قطاف الزيتون.

تنطبق هذه الحالة على كل القرى والبلدات الممتدة من ريف اللاذقية الشمالي إلى سهل الغاب وجبل الزاوية مروراً بالمناطق القريبة من مدينة سراقب شرقي إدلب وانتهاءً بمناطق ريف حلب الغربي، التي تشهد مع كل موسم زيتون تصعيداً عسكرياً لا سيما وأن العشرات منها على تماسٍ مباشر مع خط النار الفاصل بين مناطق سيطرة الفصائل الثورية وقوات نظام الأسد، وهو ما يضاعف معاناة المدنيين لبدء جني محاصيلهم من ثمار الزيتون.

يلجأ الأهالي في تلك القرى والبلدات إلى هذه الحيل للاختباء من طائرات الاستطلاع التي لا تفارق سماء المنطقة من أجل جني المحاصيل التي تعد واحدةً من أهم مصادر الدخل لهم في ظل الظروف المعيشية المتردية.

يقول أبو محمد (أحد سكان بلدة أورم الجوز بجبل الزاوية): “نضطر إلى الذهاب باكراً قبل شروق الشمس من أجل جني ما تيسر من ثمار الزيتون خوفاً من طائرات الاستطلاع التي تحلق بكثرة في سماء البلدة وأراضي الزيتون هذه الفترة التي تتزامن مع بدء موسم جني المحصول”.

ويضيف، أنهم مضطرون للمغامرة من أجل جني المحصول الذي يساعدهم في كثيرٍ من الأحيان على تأمين النفقات المالية العائدة من بيع الثمار والزيت بهدف تأمين الاحتياجات المنزلية والاستفادة من الحطب والأغصان في إشعال مواقد الطهي والمدافئ خلال فصل الشتاء لا سيما مع ارتفاع أسعار الغاز المنزلي ومازوت التدفئة، إضافةً لتأمين مونة العام من مختلف أصناف الزيتون (الأخضر-الأسود) والزيت.

وتزايدت مخاوف الأهالي بعد إصابة 3 مدنيين بينهم سيدة قبل أيامٍ قليلة، جراء قصفٍ صاروخي استهدف أراضاً للزيتون غربي إدلب، أثناء قطافهم للمحصول، الأمر الذي دفع غالبيتهم إلى تضمين أراضيهم.

 محمد حلاق (أحد سكان بلدة البارة جنوبي إدلب) يقول، إنه ضّمن إحدى أراضيه لأقربائه الذين يعملون في ورشات قطاف الزيتون كونه غير قادرٍ على جني محصوله هذا الموسم بسبب قرب أرضه من مواقع انتشار قوات نظام الأسد في مدينة كفرنبل المجاورة، حيث من الخطورة كما يقول “حلاق” المغامرة بالذهاب إلى هناك (أرضه) والعمل على قطاف الزيتون.

وأضاف، أنه يعمل مع عائلته في قطاف الزيتون في إحدى أراضيه البعيدة “نوعاً ما” من خط النار بهدف تأمين مونته من الزيت والثمار وبيع ما يفيض عن احتياجاته إلى التجار من أجل تدبر نفقات فصل الشتاء البارد من مواد التدفئة والألبسة الشتوية نظراً للغلاء الفاحش في أسعارها.

وأشار “حلاق”، أن العمل في جني المحصول هذا الموسم محفوفٌ بالمخاطر الكثيرة لكن لا بد منه من أجل التغلب على ظروف المعيشة الصعبة، ففي حال عدم جني محصوله سيبقى هذا الشتاء بدون أي موردٍ مالي.

وتسبب القصف البري والجوي على تلك المناطق إلى تضرر عشرات آلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون وهو ما حرم آلاف المدنيين من الاستفادة من أراضيهم، كما وفضل قسمٌ كبير عدم المخاطرة بجني الحصول نظراً لقرب أراضيهم من خط النار والخوف من استهدافهم بالصواريخ الحرارية والرشاشات الثقيلة، حيث أن بعض حقول الزيتون تحولت إلى مليئة بالألغام.

وتواجه المدنيين في تلك المناطق صعوبات عديدة كما يقول “حلاق”، أبرزها يتعلق بعصر ثمار الزيتون واستخراج الزيت منها حيث من النادر وجود معاصر للزيتون نتيجة ما تعرضت له من قصف سابق أو بسبب عدم قدرة مالكيها على تشغيلها خوفاً من استهدافها بسبب التحليق المتواصل لطائرات الاستطلاع، وهو ما يضطر المدنيين إلى قطع مسافات طويلة من أجل الحصول على الزيت.

وتراجع انتاج زيت الزيتون في تلك المناطق بعد سيطرة قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية لها على مدن وبلدات في أرياف إدلب وحماة وحلب في الفترة الممتدة بين عامي 2019 و2020، حيث أن المدنيين اضطروا إلى إهمال حراثة أراضيهم وسقايته وتقليم الأشجار في البلدات والقرى المحاذية لسيطرة قوات الأخيرة أو البعيدة نسبياً بسبب خوفهم من الاستهداف.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*