الظهور الثالث لمخلوف وأسباب انهيار الليرة السورية

زيتون – عدنان صايغ
في انهيار يبدو أنه لن يقف عند هذا الحد، تستمر الليرة السورية في التهاوي إلى أرقام قياسية، بدأتها منذ بداية الشهر الحالي لتصل إلى سعر يقارب 1900 ليرة سورية للدولار الواحد، وسط تخوف السوريين من ارتفاع كارثي للأسعار يزيد من معاناة معيشتهم الصعبة أصلاً.
وحول أسباب هذا الانهيار فإن المتتبع للوضع السوري يرى أنه نتيجة طبيعية لمقدمات سياسة النظام في الأمس، وينطبق القول “يداك أوكتا وفوك نفخ” على حالة النظام السوري في تحمله لمسؤولية الانهيار الاقتصادي، نتيجة لسياساته التدميرية التي انتهجها طيلة السنوات السابقة، دون أن يحسب حسابا لمستقبل هذا البلد الذي أحرقه مع شبيحته لبقاء الأسد، وهاهو الأسد اليوم باق لكن على بلد عاجز عن أن يستمر.
يتزامن وصول سعر الليرة إلى رقمها القياسي مع ثالث مقطع مصور ينشره رامي مخلوف، ما يعطي إشارة لتأثير هذا الصراع الداخلي على اقتصاد سوريا، ومستقبلها، وحجم المليارات التي تمت سرقتها خلال السنوات السابقة، ولم يظهر الخلاف حولها إلا بسبب شعور النظام بأنه على حافة الهاوية إن لم يسارع لعض الأقارب المكتنزين.
مخلوف في إصداره الثالث يهدد ويتوعد، ويكشف تفاصيل المفاوضات بينه وبين النظام، ويظهر عبر مفردة “وإلا”، عن تجرعه للكأس الذي سقى منها السوريين، رافضا أن يتنازل عن مؤسساته وامتيازاته، ما يشير إلى أن انهيار الليرة والاقتصاد السوري لن يقف عند هذا الحد، وأن سقوطا اقتصاديا مدويا للنظام هو على وشك الحدوث.
وفيما يغلي السوريين مما يظهر من أسرار كانوا يعرفوها عن حجم الفساد والتركيبة المافيوية لرأس النظام، تظهر أسماء الأسد فيما يبدو أنه رد على مخلوف في حديث نادر، بوجه أصفر متوعد، أكثر ما هو واعد، عن تلاف القصور لمصابين “الوطن” بحسب وصفها، وهو ما يؤكد ما تم تداوله عن صراع بينها وبين مخلوف.
ويجمع الكثير من الاقتصاديين إلا أن سوريا باتت خالية من القطع الأجنبي، بعد تهريبه على يد غيلان النظام إلى خارج سوريا، خوف سلبه من قبل النظام، في وقت تطالب روسيا وإيران باسترداد مستحقاتهم المالية، بعد اكتشافهم أن النظام السوري عاجز عن إدارة البلاد، وأنه بات عبئا ثقيلا في عجزه عن إجراء إي إصلاحات حقيقية اقتصادية أو سياسية في دائرته الضيقة.
كما أن ساهمت سياسة النظام العسكرية في تدمير البنى التحتية الاقتصادية، كتدمير المصانع، منح امتيازات للميليشيات العسكرية لنهب خيرات المدنيين، وسرقة ممتلكاتهم، وتهجير رؤوس الأموال، وأصحاب الاستثمارات، فضلا عن نزوح الملايين من أصحاب المهن، وتدمير المدن التي يسيطر عليها، وإطلاق يد الشبيحة في مناطق نفوذه، إلى وقف عجلة الإنتاج السوري بشكل كامل، واعتماده على الاستيراد في تلبية حاجات السوق الداخلية، ما يستهلك ما تبقى من العملة الأجنبية.
يأتي هذا في وقت تشهد فيه كل من إيران وروسيا صعوبات اقتصادية ناجمة عن العقوبات الدولية، ما دفعهما للمطالبة باستحقاقاتهما المالية من النظام، في وقت كان فيه النظام يعول على مساعداتهما.
ولربما كان من سوء حظ النظام السوري أن ما فعله انتشار وباء كورونا، أثر على اقتصاديات دول مستقرة، اضطرت فيها لوقف الحياة الاقتصادية في محاولة منها لتجاوز الأزمة، ما أسفر عن انهيار أسعار البترول وتراجع المساعدات التي كانت تصل النظام السوري من حلفائه كروسيا، التي بات موقفها ضبابيا بما يتعلق باستمرار نظام الأسد اليوم، وخصوصا بعد تلاشي آمالها في أموال الغرب بإعادة البناء في سوريا، ويقينها أن المجتمع الدولي لن يساهم في هذا البناء طالما أن الأسد موجود.
كل هذا وقانون قيصر المرتقب في بداية حزيران القادم لم يطبق بعد، إذ يتخوف رجال الأعمال والأطراف الدولية التي تنوي التعامل مع النظام السوري من وقوعهم ضمن دائرة عقوبات هذا القانون، الذي يستهدف تجفيف أي موارد من القطع الأجنبي للنظام السوري.
تأمل شريحة واسعة من السوريين بأن ما عجزت عنه الثورة السورية في إسقاط النظام قد يتحقق على يد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها النظام اليوم، وأن خفوت الثورة وتلاشيها من مساحات واسعة في سوريا، قد ترك المجال للتصارع بين الظالمين، واقتتالهم على مكاسب الجريمة التي ارتكبوها في سوريا.
يبقى السؤال الأن عن مدى استعداد روسيا الاستمرار بالتمسك بنظام الأسد، أمام كل التحديات الاقتصادية الدولية المستجدة، أم أنه تحول إلى ثقب غير قابل للرتق وعليها التخلص منه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*