الواشنطن بوست تعيد فتح قصة “مازن حمادة” وأسباب عودته إلى دمشق

أعادت صحيفة الواشنطن بوست فتح قضية الناشط السوري “مازن حمادة” في تقرير مطول لها نقله موقع القدس العربي، ناقشت فيه اختفاء حمادة الذي عاد إلى دمشق بعد أن حصل على لجوئه في هولندا وورود أنباء عن اعتقاله فور وصوله إلى مطار دمشق.

وقالت معدة التقرير “ليز سلاي” إن مازن بوجه النحيل ودموعه تحول إلى صورة عن معاناة السجناء في سجون الأسد، وذلك بعد نجاته من مسالخ بشار الأسد وتعرضه للتعذيب الجسدي والنفسي بشكل وحشي.

شكلت عودة حمادة إلى دمشق صدمة لشريحة واسعة من النشطاء والمعارضين السوريين، لا سيما وأنه أصبح معروفا بنشاطه وتنقله بين بعض الدول الغربية لمناصرة قضية المعتقلين السوريين، ليقدم على خطوته في العودة إلى جلاديه بشكل غامض ومفاجئ.

وفي حين أرجع البعض عودته في شهر شباط من العام الماضي إلى صدمته ومرضه النفسي وسوء أحواله المادية والنفسية، وهو ما أكده تسجيل صوتي له يقول فيه أنه يريد العودة إلى بلده ليعيش بين أهله ولن يتدخل في النشاط السياسي، لكن شريحة أخرى من جانب المعارضة هاجمت حمادة متهمة إياه بالعمالة للنظام.

ويرى البعض أن عودة معتقل سابق في سجون الأسد حصل على اللجوء في أوربا إلى جلاديه أمر غير منطقي، وخصوصا أن نتائج العودة معروفة للجميع، وهو ما يرجح أن حمادة يعاني من اضطراب نفسي حاد، تمكن من خلاله بعض المقربين من النظام إلى استجراره للعودة بحسب أصدقاء حمادة.

وتشير عودة حمادة إلى حجم اليأس والإحباط الذي سيطر على معنويات المعارضين لنظام الأسد، وما يعيشونه من صراع نفسي لم ينج منه حتى من وصل منهم إلى الأراضي الأوربية ليقعوا في عقدة الناجون التي تعني جلد الذات وتحميلها المسؤولية عن آلاف المعتقلين الذي القابعين في سجون النظام.

لم يدخر حمادة البالغ من العمر 33 سنة جهدا في دعم قضية المعتقلين فقد سافر بعد وصوله إلى هولندا إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية ليروي قصص تعذيبه في السجون السورية ومشاركته في مظاهرات شعبه ضد النظام السوري.

تعرض حمادة للاعتقال مرتين في دير الزور ثم انتقل بعدها إلى دمشق ليتم اعتقاله مرة أخرى في أحدى أفرع المخابرات في حي المزة، وتحدث عن شبحه وتكسير أضلاعه بأرجل المحققين وإطفائهم السجائر في أماكن حساسة بجسده، وكيف تعرض للتعذيب بواسطة الكهرباء، وشد عضوه الذكري واغتصابه بقضيب حديدي.

دفع التعذيب الذي تعرض له حمادة إلى جعل قضية المعتقلين قضيته الأساسية مصرا على إيصالها للقضاء كما يقول: “لن أرتاح حتى آخذهم إلى المحكمة. وحتى لو كلفني ذلك حياتي فسألاحقهم وأقدمهم للعدالة مهما كان الأمر”.

لم يستطع حمادة التأقلم مع الحياة في هولندا، وقال لأحد أصدقائه أن الغرب يرى أن الدم السوري رخيص، كما لم يتجاوب مع العلاج النفسي نافيا أن يستطيع الطبيب الهولندي أن يفهم معاناته، كما وجد صعوبة في تعلم اللغة الهولندية، فضلا عن مشاكله المادية في إيقاف المساعدات التي كان يتلقاها من الحكومة الهولندية.

كل هذه المشاكل دفعت بحمادة إلى تعاطي مادة الماريغوانا بكثرة، وازدياد تدخينه وعصبيته، واستمراره بالحديث عن السجناء بشكل هوسي، يصفه صديقه عمر الشغري بأنه أصبح أكثر كآبة، كل شيء أسوأ. كان معزولا ووحيدا، عزل نفسه وشعر أن أحدا لا يهتم به”.

أزداد إحباطه بعد تقدم قوات النظام السوري وسيطرتها على مساحات واسعة من المناطق المحررة، ما دفعه للشكوى بعد جدوى نشاطه وأن ما يفعله ليس سوى مضيعة للوقت، كما شعر بالاستغلال حتى من المنظمات التي كانت تدعوه للتحدث في مناسباتها.

وصل اليأس بحمادة ذروته يف عام 2019 حين بدأ يتهم النشطاء والمعارضة بالعمالة معتبرا النظام السوري أفضل منهم، وأنهم لصوص للثورة، كما هاجم الحكومة الهولندية والولايات المتحدة.

ويروي ابن عمه زياد كيف اكتشف حجم الضرر الذي تعرضت له أعضاء حمادة بعد أن اقترح عليه أن يقيم علاقة مع إحدى الفتيات وكيف أن مازن غضب وكشف عن أنه لا يستطيع الزواج وإنجاب الأطفال عارضا عليه ما أصابه في المعتقل.

وفي حديث مع الناشطة ميسون بيرقدار عبر الهاتف أثناء طريقه إلى دمشق قال حمادة أنه لم يترك دولة غربية لم يذهب إليها ويحدثها عن مأساة السوريين، لم يجد جدوى من كل ذلك، معربا عن رغبته في إخراج الأكراد والأمريكيين من محافظة دير الزور والسعي لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين حتى لو كان الثمن تضحيته بنفسه.

ويؤكد صديق عائلة حمادة “إبراهيم الأسود” أنه زار السفارة السورية في برلين ثلاث مرات قبل مغادرته ليتلقى ضمانات من المسؤولين فيها أن اسمه ليس على قائمة المطلوبين.

واتهمت إحدى شركات المحاماة في لندن النظام السوري بالتغييب القسري للناشط مازن، وفي تقرير لها قدمته لأربع وكالات لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قالت إن امرأة من السفارة السورية رافقت حمادة إلى مطار برلين.

ونشرت وسائل أعلام معارضة أن حمادة تعرض للاعتقال منذ وصوله إلى العاصمة دمشق، كما يعتقد البعض أنه تم استجراره إلى سوريا بعد وعود له بضمان سلامته.

ويقول تقرير الواشنطن بوست إن حمادة أجرى مكالمتان بعد وصوله إلى مطار دمشق تشيران إلى أنه اكتشف متأخرا المخاطر التي وقع فيها، فقد تحدث مع ابن عمه زياد وصول إلى دمشق بصوت مرتجف سمع خلال الاتصال أصوات أشخاص تطلب منه قول أشياء لينهي اتصاله بالطلب من ابن عمه بالدعاء له.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*