بعد أربع سنوات لمجزرة الكيماوي في خان شيخون.. الضحايا ينتظرون

قبل أربعة أعوام استفاقت مدينة خان شيخون في الريف الإدلبي على جحيم لم يسبق أن عاشته منذ نشأتها، إذ لم يتخيل أهلها في ذلك الصباح أن هواء بلدتهم بات سما بثته طائرات النظام لقتلهم، ما جعل من صباح تسعين مدنياً صباحهم الأخير.

يسترجع أهالي مدينة خان شيخون في ذكرى نكبتهم الرابعة ذكريات تلك المجزرة، حين أغارت طائرة حربية تابعة لقوات النظام على الحي الشمالي في المدينة في الرابع من نيسان 2017 بأربع صواريخ كان إحداها محملاً بغاز سام، راح ضحيتها 91 مدنياً خنقاً، بينهم 32 طفلاً، و23 سيدة، وإصابة ما لا يقل عن 520 آخرين.

وعانى المصابون من أعراض التشنجات وغزارة مفرزات في الطرق التنفسية وشحوب وتضيق حدقات شديد، نقلت الإصابات على إثرها إلى المراكز والنقاط الطبية القريبة.

وتشير اتساع المنطقة الجغرافية المصابة إلى مدى تركيز وقوة المواد المستعملة في الاستهداف، إذا بلغ قطر دائرة التأثير لها ما يقارب 50 كم، وأصيبت نقاط تبعد حوالي 25 كم من نقطة القصف.

وأمام عجز النقاط الطبية والمشافي في الداخل السوري بالتعامل مع المصابين من حيث النوع والكم، تم تحويل معظم الحالات الخطرة إلى تركيا عن طريق معبر باب الهوى.

خلفت المجزرة المروعة أصداء دولية كبيرة وعلى مختلف المستويات، ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه ضربة صاروخية لمطار الشعيرات، قالت إنه رداً على مجزرة الكيماوي في خان شيخون، حيث قامت المدمرتان الأمريكيتان “بورتر” و “روس” بقصف قاعدة الشعيرات التي انطلقت منها طائرات الأسد لقصف خان شيخون بـ59 صاروخ كروز من طراز توماهوك، في السابع من نيسان أي بعد المجزرة بأيام.

كما سارع المجتمع الدولي إلى إدانة الهجوم الكيماوي على المدينة مرحبا بالضربة الأمريكية لقوات النظام، في وقت اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الهجوم الأمريكي مضر بالعلاقات الروسية – الأمريكية، والمعركة المشتركة ضد الإرهاب.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير مفصل مدعماً بأدلة وصوراً لأقمار صناعية، أن كافة تصريحات نظام الأسد وروسيا، حول نفيهما لقصف خان شيخون بالكيماوي، “كاذبة”، بعد أن شككت بثلاث ذرائع اتخذها نظام الأسد لدحض التهم عنه، تتعلق بالتوقيت والمواقع المستهدفة وامتلاكه لأسلحة كيماوية.

وأكد التقرير أن الأماكن المستهدفة بالقصف هي مبانٍ صغيرة في أحياء سكنية ووسط شوارع وفي أحياء مدنية تقع جغرافياً بعيداً عن مستودعات زعم نظام الأسد أنها تضم مواد كيماوية للثوار.

بعد سنوات من الهجوم ومن فرق التقصي والتحقيق الأممي الذي أعدته الأمم المتحدة، وبعد سنوات من التنديد الدولي والإنكار الروسي، وتقارير صحفية واستخباراتية تؤكد النية الجرمية والوسائل التي استخدمها النظام، ومدى رغبته في إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا عبر اختيار ساعة السادسة والنصف صباحا، وبعد سنوات من الضوضاء بات أهالي خان شيخون نازحين في مدن ومناطق الشمال المحاذية للحدود التركية بعد ما تمكنت قوات النظام من السيطرة على المدينة في شهر آب عام 2019.

تستعيد جدران وشوارع مدينة خان شيخون اليوم هذه المجزرة لكن بدون أهلها، الذين باتوا دون منازلهم في منافي النزوح، بانتظار يوم عدالتهم وعودتهم، وما تزال أحاديث الأسى تتردد بين من عاشوا التجربة حول سكوت المجتمع الدولي وترك المجرم بلا محاسبة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*