بعد تهجير أصحابها.. النظام يسلب ملكيات الأراضي الزراعية

تستعيد الذاكرة وهي تمر على الأخبار الواردة عن استملاك الأرضي من قبل النظام السوري لمواطنين هربوا من قصف طائراته، ما قرأته من قصص الظلم الذي حاق بالفلسطينيين إبان تهجيرهم من أراضيهم على يد المحتل الإسرائيلي، وتعود إلى النفس تلك المشاعر التي انتابتنا ونحن نقرأ قصة “التراب الحزين” للأديب الفلسطيني بديع حقي، حين يصور فيها بجدارة حنين وحاجة صاحب الأرض إلى حقه في العودة إليها، وكأن بعده عنها هو بعد عن الحياة بحد ذاتها، ويرسم بتلك القصة القصيرة كيف يعتصر الطفل الذي غامر بحياته للعودة إلى بستان أهله في حيفا، أملا أن يجلب بعض البرتقال لوالدته المريضة، لكن رصاص الجنود يخترق جسده الصغير، ويعتصر الطفل برتقاله بألم، فيمتزج عصيره بتراب البستان وحرقة قلب المظلوم.

في الواقع السوري يعيش أصحاب الأراضي والبساتين في كل من حماة وإدلب وحلب، النازحون من بيوتهم ذل الفاقة والحاجة، فيما يرتع شبيحة وعناصر قوات النظام بخيرات الأراضي تحت حماية قوانين يسارع رأس النظام إلى تشريعها كسبا لاستمرار تأييد مواليه، واستثمارا لانتصاره على مواطنيه.

وفي خضم تخوف الأهالي على أرزاقهم وأراضيهم، يلجأ البعض منهم إلى بيعها بأسعار بخسة إلى متنفذين من أهالي المناطق ذاتها، يملكون قدرة التعامل مع النظام وقواته، في حالة من التغيير بدأت تتضح ملامحه للملكيات العقارية في المدن المهزومة أمام قوات النظام، لا سيما في ريف حماة وإدلب، كخان شيخون ومناطق المعرة وسراقب وأريافها.

فيما يساوم آخرون من المزارعين قوات النظام المتواجدة عبر وسطاء، في سبيل جني محاصيلهم مقابل إتاوات ونسب باهظة من ثمن محاصيلهم وذلك مقابل السماح لهم بجنيها.

وما يزال الكثير من الأهالي لا يعلمون مصير بساتيهم وممتلكاتهم، مع وصول معلومات مؤكدة عن ممارسات عناصر النظام لانتقامهم من أصحابها بقطع أشجار الزيتون والفستق الحلبي تنكيلا بأصحابها.

تأتي هذه الممارسات في السياق الطبيعي لسلوك النظام وفكره، وهو استثمار كل ما يمكن استثماره من أموال السوريين، لا سيما المعارضين له، انطلاقا من فكرته في أن مقومات سوريا كلها يجب أن تجير لاستمرار حكم الأسد فيها.

في ريف سراقب
أصدرت الرابطة الفلاحية في إدلب ومعرة النعمان التابعتين لحكومة النظام، في 22 من تشرين  الأول الماضي قرارا يقضي بطرح الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها لمدنيين مهجرين من ريفي سراقب ومعرة النعمان في مزاد علني.

ويشمل القرار المعلن الأراضي الزراعية في قرى وبلدات “تل السلطان، تل الطوكان، راس العين، باريسا، البليصة، أبو الظهور، حرملة، رسم نياص، تل سلمو، رسم عابد، حميمات الداير، البراغيتي، الوسيطة، تليجينة، الحسينية، الزفر، بصرى، أم ميال، الطواحينة” بريف سراقب الشرقي، وعشرات القرى والبلدات التابعة لخان شيخون ومعرة النعمان جنوبي إدلب.

وأشار القرار إلى أنه يستهدف الأراضي الزراعية بداعي ملكيتها لأشخاص غير متواجدين في مناطق سيطرة النظام.

وكان من المقرر إجراء المزاد العلني في 28 تشرين الأول، في حدث بات متكررا لاستباحة ممتلكات المدنيين المهجرين قسرا من مدنهم وقراهم، والانتقام منهم لوقوفهم ضد نظام الأسد.

وأعلنت حكومة النظام في وقت سابق، عن عدة مزادات علنية لاستثمار الأراضي الزراعية بأرياف حماة الشمالي والشرقي والغربي وحقول الفستق الحلبي، والتي تعود ملكيتها لمدنيين مهجرين بسبب العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام وروسيا على المنطقة.

يذكر أن نظام الأسد شرعن الاستيلاء على ممتلكات المدنيين المهجرين والنازحين من مختلف المناطق السورية بموجب المرسوم رقم 10 لعام 2018، والذي يقضي بمصادرة أملاك المهجرين الغير متواجدين في مناطق سيطرة النظام لمنعهم من العودة إلى مناطقهم.

هيئة القانونيين السوريين تدين الاستيلاء على الأراضي في حماة وإدلب
من جانبها أصدرت هيئة القانونيين السوريين يوم الجمعة 24 تشرين الأول، مذكرة وجهتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، أدانت فيها استمرار نظام بشار الأسد بالاستيلاء على ممتلكات وأموال السوريين المعارضين لحكمه، بما فيها المواسم الزراعية وتأجير الأراضي بريفي حماة وإدلب.

وقالت الهيئة في مذكرتها، أن نظام بشار الأسد يستكمل خطته الممنهجة لتجريد السوريين من أملاكهم المنقولة وغير المنقولة سواء في مصارفه أو دوائره العقارية، حيث بدأ بقوانين مكافحة الإرهاب ثم القانون رقم 10 لعام 2018، ليأتي اليوم بحرمانهم من حقوق الانتفاع والإيجار والمزارعة وجني المحاصيل وسلبها وتقديمها لشبيحته وعصاباته الإرهابية مكافأة لهم على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري.

وأضافت الهيئة، أن اتحاد الفلاحين والجمعيات الفلاحية في حماة وإدلب التابعة لحكومة النظام، استولت على أملاك المعارضين السوريين المنقولة وغير المنقولة بحجة مديونيتهم للمصرف الزراعي التعاوني.

وأكدت الهيئة في مذكرتها، أن هذه القرارات باطلة وغير دستورية وغير قانونية، وتعتبر اعتداء صارخا على حق المالكين، كما يعتبر سرقة ونهبا لهذه الملكيات التي قرر القانون أنها من حق المالك حصرا، وانتهاكا للمبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي لتوفير الحماية للأموال والممتلكات التي يتركها المشردون داخليا وراءهم، من التدمير والاستيلاء التعسفي وغير القانوني ورفض الاستيلاء كشكل من أشكال العقوبة الجماعية.

وطالبت هيئة القانونيين السوريين من الأمين العام للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها نظام الأسد وإيران وروسيا بحق الشعب السوري وسلبهم أمواله والاستيلاء على عقاراتهم بدون وجه حق.

واعتبار كافة القرارات والقوانين والمراسيم والإجراءات التي تمهد للاستيلاء على عقارات وأموال السوريين من قبل نظام الأسد وإيران وميليشياتهم باطلة، وتحمليهم التبعات المالية والقانونية والجزاءات التي ستترتب على إقدامهم على هذه الأفعال.

لواء القدس يستولي على أملاك المدنيين في مخيم بحلب
كشفت مصادر إعلامية عن انتهاكات ارتكبها لواء القدس الفلسطيني بحق النازحين في محافظة حلب شمالي سوريا.

وقالت مصادر مطلعة مهتمة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، إن لواء القدس المدعوم روسياً استولى على أملاك النازحين في مخيم النيرب.

ونقل موقع سوريا 24 عن مسؤول الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” فايز أبو عيد قوله إن اللواء استولى على تلك المنازل لأن أصحابها يتعاملون أو محسوبون على المعارضة السورية.

وتم توثيق استيلاء اللواء على منزل ومحلين تجاريين في الشارع الجنوبي للمخيم تعود ملكيتها لأحد المدنيين ويدعى (يوسف الداهودي) والذي اعتقله الأمن السوري عام 2012.

ومهد أحد قادة اللواء بالسيطرة على ما تبقى من ممتلكات المدنيين هناك قائلاً إنه لن يسمح للمغتربين عن المخيم بالعودة إليه مستقبلاً خاصة من تعاطف مع عائلة (الداهودي) على وسائل التواصل الاجتماعي.

واستولى لواء القدس على ثلاثة منازل تعود لعائلات مغتربة عن مخيم النيرب، وطرد العائلات المستأجرة لها، كما سيطرت مجموعة من لواء القدس على بناء مؤلف من ثلاثة طوابق تعود ملكيته للفلسطيني (عبد القادر شلبي).

كذلك فعل المسؤول السياسي للواء القدس ويدعى (عادل عبد الحق) على منزل طبيب الأطفال الفلسطيني (يوسف سليم) والمؤلف من ثلاثة طوابق وعلى معمل خياطة يعود ملكيته لابن عمه “عبد الحق عبد الحق”.

وتذرع عبد الحق بموقع ذلك البناء الاستراتيجي بالجهة الغربية للمخيم، وإطلالته على ضيعة “عزيزة” والتي كانت أحد مراكز المعارضة السورية العسكرية في وقت سابق.

ولم تقتصر عمليات الاستيلاء ومصادرة وتدمير الممتلكات ومنازل اللاجئين فلسطينيين على مخيم “النيرب” بل طالت العديد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية.

فقد جرت تلك العمليات في مخيمات السبينة وخان الشيح والحسينية ومنطقة الذيابية بريف دمشق، ومخيمي النيرب وحندرات في حلب.

وتعود ملكية تلك الممتلكات لناشطين فلسطينيين إغاثيين أو إعلاميين أو عسكريين، أو لمعتقلين ممن تتهمهم حكومة النظام السوري بالتعامل مع المعارضة السورية.

كما تشمل ملكية أولئك الذين تتهمهم أفرع الأسد بتهم الإرهاب أو الانتماء إلى فصيل فلسطيني أخد موقفاً مخالفاً لمواقف نظام الأسد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*