“وأخيرا تم إلقاء القبض علي”.. صرخة إنسانية في وجه الظلم

نشر الشاعر “أسعد سماق” نصا أدبيا على صفحته الشخصية في فيس، اختزل فيه تساؤلات جالت في خواطر معظم السوريين الذين تعرضوا لاضطهاد قوات النظام السوري لا سيما خلال السنوات السابقة.

وتضمن النص مفارقات ساخرة تعكس مدى ألم الإنسان السوري الذي وجد نفسه في قبضة آلة أمنية هدفها الأول “تدجين المواطنين” كي يصبحوا عبيدا في بلد لا يرى النظام فيه سوى مزرعة له تذكرنا بما كتبه “جورج أوريل” في روايته الشهيرة.

تعرض الشاعر أسعد سماق إلى الاعتقال التعذيب الوحشي خلال الثورة السورية، كما اعتقلت قوات النظام ابنه الناشط “مهيار” من مدينة سراقب، وبحقد سافر قصفت دبابة منزله لتحيله ركاما خلال اجتياح الجيش للمدينة عام 2012.

يتميز النص بلكماته القاسية التي تشابه تجربة الكاتب، لكنها مع ذلك تحمل طرافة تدل على بديهة حاضرة وقلم أنيق، نترككم مع النص:

“وأخيراً تم إلقاء القبض عليّ واعتقالي لعدة شهور!

بزنزانة أوسع قليلاً من برميل !

لماذا اعتقلت لا أعرف؟

لماذا أفرج عني لا أعرف؟ لكنني فقط أحب أن أعرف لماذا وضعني الأربعة في سيارة “اللاندروفر” في الوسط وقيدوني كخروف وانهال الثلاثة منهم بضربي بقبضاتهم أولا ثم بكعوب أحذيتهم لأن الرابع كان مشغولا بقيادة السيارة؟

أحب أن أعرف حين وصلنا قبو الفرع لماذا رموني من مؤخرة السيارة وبدأوا يدحرجوني كأسطوانة غاز إلى أن وصلت باحة صغيرة وعيوني ترتطم بعشرات الأرجل التي تتسابق بضربي وهرس أصابعي وأذني، وزاد على ذلك سقوط عشرات الكرابيج التي بدأت تلهب جسدي بعد أن خلعوا عني ملابسي؟

أحب أن أعرف لماذا لم يكتفوا بذلك؟ ومن أعطاهم أمر إدخالي في دولاب سيارة وضربي على ظهري وأنا أعوي ككلبٍ يقذفه الأطفال بالحجارة؟

أحب أن أعرف من ضربني الضربة التي جعلتني أبول دماً لأيام؟

أحب أن أعرف اسم الحلاق الذي نبهته أن براسي جرحا غائراً من جراء ارتطام راسي بحافة مكتب المحقق في الليلة الأولى فما كان منه إلا أن قشط الدم المتخثر حول الجرح بماكينة حلاقة معدنية مفتوحة الساقين كالقح….؟

أحب أن أعرف لماذا وأنا معصوب العينين دفعني سجاني من أول درجة في القبو الى عاشر درجة فيه لتنسحق أسناني وشفاهي وأعيش شهران لا أفتح فيهما فمي إلا بمقدار قطرة ماء وقطرة حساء مر؟

أحب أن أعرف لماذا كان سجاني يلقب بأبي النبل وهو لا ينتمي للإنسانية بشيء؟

أحب أن أعرف من أعطى أمر اعتقالي؟

أحب أن أعرف لماذا أكلت من برميل الزبالة وأنا أمسح ذات أرض القبو؟

عرفت شيئاً فقط

إنهم يريدون أن أكون مدجناً كدجاجة

وإن أولادهم لازالوا يمارسون التسلط والظلم في قيادات الثورة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*