رسالة مفتوحة من والد شهيدة مجزرة أشرف (في العراق) إلى المهتمين بحقوق الإنسان

2011427135113072203019481

زيتون – زهير أحمد

كاتب ومعارض ايراني 
كتب المجاهد رضا هفت برادران أحد سكان مخيم أشرف والد المجاهدة الشهيدة صبا هفت برادران التي استشهدت خلال مجزرة سكان مخيم أشرف يوم 8 نيسان (أبريل) 2011 برصاص قوات المالكي خلال هجومها الإجرامي على المخيم رسالة مفتوحة إلى جميع الجهات المهتمة بحقوق الإنسان في العالم حول تعامل قوات المالكي مع ابنتها ومعه في المستشفيات وكيف قتلوها بموت بطيء بمنعها من تلقي العلاج وبعدم العناية الطبية بها بعد إصابتها بجروح خطرة في فخذها، وفي ما يلي نص الرسالة:
أنا رضا والد «صبا». أود أن يقرأ هذه الرسالة جميع المؤسسات والافراد المهتمون بحقوق الانسان ليقولوا ما هي حصة «صبا» من حقوق البشر أو حقوق الانسان؟
يوم السبت 9 نيسان 2011 وحوالي الساعة الخامسة والنصف صباحاً وبينما كان في المستشفى جنديان يراقبانني مثل سجين وأنا أبحث عن قنينة دم من هنا وهناك لانقاذ حياة «صبا» جائني الجندي الثالث وقال لي «توفيت ابنتك».
هرعت الى قسم «العناية الخاصة» في المستشفى ببغداد فوجدت أن لون صبا قد ابيض وجميع علائم الحياة قد غابت عنها وطارت دون رجعة وهذه كانت نهاية محاولة استغرقت 14 ساعة.
ومنذ اللحظة التي أصيبت «صبا» خلال الهجوم الوحشي لقوات المالكي على مخيم اللاجئين العزل في أشرف في القسم العلوي لرجلها وانقطع الوريد وانكسر العظم الرئيسي، فاني بذلت كل جهدي لاثارة ذرة من الإحساس الإنساني لدى سفاحي المالكي الذين ينتحلون مهنة الطبيب والحماية وكلفهم المالكي علينا على أمل أن تبقى «صبا» حية، ولكنني سرعان ما أحسست أنهم أسسوا نفقاً جهنمياً لقتل كل من لم يستطيعوا أن يقتلوه في الميدان ولكن بالشكل البطئ ووضع نقطة نهاية في عمره.
من مستشفى ما يسمى بالعراق الجديد في أشرف الى الشارع الرئيسي الذي يؤدي الى بعقوبة تقترب المسافة الى حوالي كيلومترين، تم ايقافنا خلاله سبع مرات وفي آخر نقطة تفتيش قلت للرائد العراقي الذي أوقفنا دون مبرر وأراد أن يعيد الأفراد المرافقين للجرحى الى أشرف وبلغة التذكير إن حالة «صبا» حرجة وينبغي فتح الطريق للحركة بسرعة فهمس لرفيقه قائلاً: “ما أحسن ذلك، إننا نريد أن يموتوا كلهم”.

وبعد ساعتين وصلنا الى الشارع الرئيسي وهذا كان أول نقطة لقتل الوقت، ثم أخذونا الى مستشفى بعقوبة بينما كان الدكتور “عمر خالد” رئيس المستشفى الواقع في أشرف يعرف أن العملية الجراحية التي تحتاجها «صبا» تجري في بغداد فقط، لذلك أرسالنا الى بعقوبة، كانت المحطة الثانية لسناريو قتل الوقت. وعندما أكد الأطباء في بعقوبة بوجوب نقل «صبا» فوراً الى بغداد، تلقف هذه الكلمة جلادو المالكي ليجعلوها ذريعة لخلق مشهد آخر من القسوة، حيث جاءنا الضابط العراقي المدعو الرائد ياسر وقال لي:

“من أجل انقاذ حياة «صبا» اترك المقاومة سأوفر أفضل الامكانيات حالياً لعلاجها، ثم أرسلك أنت واياها الى أرقى البلدان مثل فرنسا أو أي مكان آخر تريد”.
تذكرت في الفور سجن “ايفين” وعمليات الاستجواب في عام 1981 وكانت «صبا» أيضاً ذات معرفة منذ طفولتها بجدران وأجواء السجن وأصوات المعذبين، حيث كانت تصحو وتنام على صرخات التعذيب.

وأخيراً وبعد مضي عهد الطفولة في العذاب والمعاناة، خرجنا من ايران وجئنا الى أشرف ثم وبعد مدة أرسلنا «صبا» وشقيقتها الى ألمانيا حيث كانت جميع امكانيات الدراسة والعيش الرغيد متوفرة لها، إلا أنه على ما يبدو فان صوت التعذيب كان يصطحبها على مدى سنوات عمرها حيث تحول فيما بعد الى صوت لتعذيب جميع أبناء الشعب الايراني على أيدي نظام ولاية الفقيه، وهذا ما دفع «صبا» الى التحرك والجهاد من أجل تخليص البلاد.
«صبا»: أنا المجاهدة صبا هفت برادران ، مجاهدة على درب مسعود ومريم ، حاضرة، حاضرة ، حاضرة
وأخيراً انتخبت «صبا» أشرف للبقاء حيث أخذ عشاق درب تحرير ايران ملجأ لهم، والآن «صبا» المصابة بالرصاص وبعد ما لعبوا بنا لمدة نصف يوم للعلاج من أشرف الي بعقوبة، وبينما كانت تذوب أمام عيني مثل الشموع إثر نزف الدم الباطني، واجهنا نحن الإثنان اختبار جديد مرة أخرى.
ولكن ردنا قد أكده الإمام الحسين قبلنا حيث قال «هيهات منا الذلة» لذلك قلنا للضابط العراقي إننا في العراق لا نتوقع إمكانيات أكثر مما يتمتع به العراقيون، ومن الأفضل لك أن تستخدم تلك الامكانيات الخاصة لنفسك وأن توصلني بسرعة الي بغداد فقط، وهذا الرد كان كافياً ليتابع العدو قتل «صبا» بطريقة القتل ببطء، على شكل قتل المزيد من الوقت، بحيث وبعد قرابة 14 ساعة من نزف الدم الباطني، دخلت «صبا» غرفة العمليات الجراحية في الساعة التاسعة ليلاً وبينما لم يسمح لي بالتحرك، وطلبوا مني أن أعد لها الدم، ونتيجة هذا التعذيب في استشهاد «صبا» بقيت معاناتها وجرحها علي وجهها وهي في حالة الغيبيوبة تتنفس بصعوبة لساعات طويلة ماثلة في ذاكرتي.
الجناة لم يسلموا حتى جثتها لي كونهم يريدون استخدامها كورقة أخرى لممارسة التعذيب بحقي وبحق شقيقتها.
وهل سمع أحد صوت «صبا»؟ أين حصة «صبا» من حقوق الانسان وحقوق البشر؟ وماهي حصة أخوات وأخوة «صبا» في أشرف؟ يا ترى هل هناك خلف عبارات مثل «اتفاقية جنيف الرابعة» و «حقوق اللاجئين» و «مبدأ آرتوبي» و «حقوق الانسان» ضمائر حية حتى تسأل لماذا؟ لماذا يسفك المالكي وبأمر من نظام الملالي الحاكمين في ايران دماء المجاهدين، ولم ينبس أحد بكلمة؟ ألم تسمعوا صوت «صبا»؟ إنها قالت في آخر رسالة لها: “اننا سنبقى واقفين حتى آخر لحظة من عمرنا وسنتحداهم حتى رمقنا الأخير”.
«صبا»: سنبقى نقف حتى آخر لحظة من عمرنا وسنتحداهم حتى رمقنا الأخير.
نعم اننا نفتح طريقنا بالاصرار والتمسك بمبادئنا، ولكن ماذا أنتم فاعلون..؟
دم الشهيد يفيض وأشرف يهتف ويصيح (شعار جمهور المشيعين).
رضا هفت برادران (والد صبا) – الساعة الثانية من فجر يوم السبت 16 نيسان 2011