“داعش” سبب لعدم عودة اللاجئين من الأردن.. و”الهدنة” ترفع المعدل

اسامة

زيتون – أسامة عيسى 

بالتوازي مع جملة التطورات الأخيرة التي اندلعت في المحور الجنوبي من سوريا، وبالتحديد على مستوى محافظتي درعا والقنيطرة، على صعيد المواجهة مع خلايا «داعش» التي ظهرت فجأة، انحدر مستوى توقعات «العودة» لدى لاجئي سوريا في الأردن، وهم في الغالب من أبناء الجنوب السوري، وجميعهم من الباحثين عن عودة قريبة لوطنهم ولمدنهم وقراهم.
فبين الأمل الذي ارتسم على وجوههم قبل فترة بالتزامن مع انطلاق مباحثات جنيف التي تكللت بهدنة «هشة» عمت أرجاء البلاد السورية منذ 26 شباط/فبراير الماضي، وواقع مأساوي أنتجته الظروف الجديدة التي أدت لظهور خلايا الفكر المتطرف في الجنوب، الذي لطالما عرف عنه خلوه منها، يقول لاجئون سوريون إنهم لا يرون في المستقبل القريب فرصة لعودتهم لبلادهم، إذا لم تنتهي الحرب مع خلايا «داعش» بشكل حاسم.
ويرى سمير البرم، وهو لاجىء من درعا في مدينة إربد شمال الأردن، أن وجود الفكر المتشدد في درعا لا يخدم البتة الحرب التي يشنها الثوار ضد نظام الأسد، وطلباً للحرية، ويقول إن «متطرفي داعش يكفرون الناس من كل جانب، وهم لا يميزون بين مسلم وغير مسلم، إنهم يقتلون الناس ويستبيحون دمائهم على الهوية. الجميع بنظرهم مرتدين وكفار، ونحن بيوتنا في مناطق تواجدهم حالياً، لذلك فالعودة إلى سوريا راحت إلى إشعار آخر..!!».
ويؤكد «البرم» أن خلايا التنظيم تهدد اللاجئين حتى في دول الجوار، وتعتبرهم بنظره الشرع الذي تحكم به «متخلفين عن الجهاد» كما يقول، ويردف «نحنا ما خرجنا إلا لننال الحرية، أما هذه الحرية فنحن لا نريدها وهذا الفكر الديني الذي لم نعرفه طوال عمرنا لا يمثلنا وهو دخيل علينا، وليس مطلوب منا أن نموت جميعاً في حرب مجنونة..»، على حد تعبيره.
بدورها، ترى تغريد محاسنة، اللاجئة في مخيم الزعتري شمال شرق الأردن من ريف درعا الغربي، وهي المنطقة التي تشهد اعنف المواجهات بين الجيش الحر وخلايا «داعش» أن «الناس تعبت من كل شيء.. من الحرب.. من القتل.. من الدمار..»، وتضيف «ما خلصنا من بشار الأسد ليطلعلنا البغادي وداعش..!!».
وتؤكد تغريد أن خلايا التنظيم استحلت بيتها الذي كانت تقطنه وعائلتها المكونة من 7 أفراد في إحدى قرى المنطقة، وحولته إلى قاعدة لمسلحيها، وتشير إلى أن عشرات المنازل السكنية المماثلة تم الاستيلاء عليها، فضلاً عن ممارسة سياسات التنكيل تجاه المدنيين، وهي مجموعة عوامل برأيها تجعل العودة لسوريا «غير ممكنة أبداً».
وفي نقيض الحالة التي يعيشها لاجئو سوريا في الأردن فيما يخص انخفاض معدلات العودة في صفوفهم لسوريا بسبب «داعش»، يبدو بريق من الأمل لديهم مع انطلاق مفاوضات جنيف من جديد، حيث يرى سليمان الحريري، وهو لاجىء في العاصمة الأردنية عمان منذ 3 سنوات أن «الحل السياسي لا بديل عنه»، ويرى أنه «مجنون من يعقد أن الحرب ستنهي أي طرف أو ستحل الصراع المستمر وتوقف نزيف الدماء».
كما تأمل «أم خالد السعدي»، وهي أيضاً لاجئة في مدينة الرمثا الأردنية أن «الحرب على داعش كالحرب على بشار الأسد، وأن كل أهالي درعا والقنيطرة لن يقبلوا العودة إلى مدنهم وقراهم إذا كان فيها أي من مسلحي داعش والأسد»، وتعقد بدورها «الأمل على الله والجيش الحر بأن يعيدوا للناس حقوقهم».
في المقابل، يؤكد مصدر ميداني في مخيم الزعتري لـ»زيتون» أن انخفاضاً فعلياً سجل في معدلات العودة للاجئين السوريين خلال الشهر الأخير، وهو أمر أرجعه المصدر إلى الأحداث التي تشهدها محاور الجنوب من الناحية الأمنية، لكون هذا العامل مهم جداً في تحقيق معدلات عودة مضطردة كما السابق.
ويضيف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه «في السابق كانت معدلات العودة مرتفعة، كما شهدت ارتفاعاً مع دخول الهدنة في سوريا حيز التنفيذ، لكنها بكل أسف عادت لتنخفض مع ظهور خلايا داعش وانطلاق معارك ريف درعا الغربي، الذي كان يعد من أهم حواضن النزوح في الجنوب السوري».
وبين جنيف والأسد وداعش يستمر أكثر من مليون سوري لاجئين في الأراضي الأردنية، حيث يعيش قسم منهم في مخيم الزعتري وقسم آخر في مخيم الأزرق، وآخرون يتوزعون في المدن والبلدات الأردنية، على أمل العودة القريبة للوطن بعد «رحلة عذاب» كما يسمونها دامت لسنوات عجاف.