“سجناء مغيّبون خارج السجن”.. اللاجئون السوريون في لبنان

13001262_262443470765268_6842335939019719941_n

أكّد ناشطون سوريّون في لبنان، أنّ اللاجئين السوريّين في لبنان يعيشون أسوأ الظروف، ويعانون أكثر ربما من أهلهم في الداخل السوريّ، الذين يعيشون تحت وطأة قصف نظام الأسد، ووسط تضييق واعتقالات حواجزه, ووسط انتشارٍ للأوبئة، وانعدام أدنى متطلبات الحياة.
وأكّد الناشطون الذين يعيشون في مخيمات اللجوء في لبنان، أنّ هذه المخيمات عبارة عن سجنٍ كبير، وأنّ معاناتهم لا تختلف عن معاناة أهلهم في الداخل في عدة نواحي؛ فقد وصلت قذائف الأسد، وميليشيا حزب الله، وداعش عدة مرات إلى محيط مخيماتهم وقراها.
وعانى اللاجئون في هذه المخيمات من الجوع والفقر والحصار والبرد، وانقطاع الكهرباء، وانعدام أدنى متطلبات الحياة الكريمة التي خرجوا من أجلها، وانتشرت الأمراض والأوبئة في مخيماتهم، وارتفعت نسبة البطالة في صفوف اللاجئين السوريين في لبنان.
واعتقل النشطاء والضبّاط السوريّون المنشقّون وسلّموا لأجهزة النظام السوريّ في دمشق، وكان آخرها اعتقال المقدم الطيار حسن خالد الحالوش المنشق عن النظام السوريّ، في بلدة جديدة الفاكهة في 14 نيسان الجاري، من قبل مكتب أمن الدولة.
ومنع السوريون من الخروج من المخيمات إلى الداخل اللبنانيّ، بسبب الاعتقالات العشوائية على الحواجز اللبنانيّة، ونفّذ الجيش اللبناني عدة مراتٍ مداهماتٍ في عددٍ من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، نفذ خلالها اعتقالاتٍ، وسط ضربٍ وإهانة للاجئين.
كان آخرها اقتحام مخيمات الحور للاجئين في بر إلياس في منطقة زحلة بالبقاع، في 14 نيسان الجاري، واعتقال ما يقارب ال 100 لاجئٍ سوريّ، بينهم رجال مسنون.
واختطف أبناؤهم وبناتهم، بمختلف الأعمار من داخل وخارج المخيمات، ولعدة غايات، لم تكن أوّلها الطفلة الحمصيّة “فاطمة”، ذات ال 14 ربيعاً، والتي اختطفت من قلب المخيّم، وفي وضح النهار، وعلى مرأى الجميع.
ولم يكن آخرها الطفل الحلبيّ “عبد الكافي”، ذو الأربعة أعوام، والذي اختطف في 15 نيسان الجاري، من منطقة الرابية الخضراء في دوحة عرمون.
وطلب الخاطفون مبلغ 15 ألف دولار لإعادته، علماً أنّ راتب والده الذي يعمل ناطوراً في أحد أبنية المنطقة 250 دولاراً، وتمكنت السلطات اللبنانية من تحريره اليوم.
ولم تتوقّف عند قضية الاتجار بالبشر بحقّ ال 75 فتاةً سوريّة؛ في بلدة جونية اللبنانيّة، والتي تورّط فيها مسؤولين لبنانيّين وسوريّين، وإعلاميّين، وغيرهم..، وتعرضن لتعذيبٍ جسديّ ونفسيّ ، واحتجزن، وأجبرن على ممارسة الجنس والدعارة بالإكراه.
وحرم مواليدهم من التسجيل في قيود السجلّات المدنيّة، وبات الآلاف منهم دون اسمٍ أو نسبٍ أو عنوان، ولم يجد موتاهم حفنة ترابٍ في مقبرةٍ تضمّ رفاتهم على طول الأرض اللبنانيّة حتى وقتٍ قريبٍ جداً، وبثمنٍ مرتفعٍ ومكانٍ موحّدٍ مخصّصٍ لهم يضمّ كلّ موتاهم.
وفرض عليهم تسوية أوضاعهم، كما لو أنّهم عند نظام الأسد، وفرض عليهم مبالغ ماليةٍ عاليةٍ تصل إلى ما يقارب ال 500 دولاراً مقابل الحصول على إقامةٍ سنويّةٍ، ووسط شروطٍ ليست بالبسيطة.
وتغيّب أكثر من 300 ألف طفلٍ سوريّ عن مقاعد الدراسة، واستشهد العديد من الأطفال من شدة البرد، واقتلعت خيامهم التي آوتهم، وافترش بعضهم أرصفة الطرقات.
وصف الناشط “مصعب خالد” في حديثٍ لشبكة شام حياة السوريين في عرسال بقوله”لا يعلم بنا إلا الله، فالموت جوعا في مخيمات عرسال هو حالنا، سوء التغذية يفتك بأجساد أطفالنا الأبرياء، والحصار يخنقنا والبلدة لا تستوعب عددنا، بلدة عرسال هذا هو السجن الكبير”.
وصف البعض حياة اللاجئين السوريّين في لبنان بأنّها السجن الكبير، بينما وصفها البعض بالقنبلة الموقوتة في أيّ لحظةٍ تنفجر من شدّة الضغط.
واكتفى ناشط في تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان بعبارة” ختموا على جواز سفري (غربة ولجوء) وحددوا التاريخ.. وعلقت لافتة أثناء المغادرة…. رافقتكم الذكريات”.
وبالرغم من صدور تقارير حقوقيّة كثيرة، ومناشداتٍ عديد، سواءً من المنظمات الدولية المعنيّة أو المهتمّة، فلا تزال أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان تتّجه نحو الأسوأ. وبالتزامن مع مفاوضات جنيف طالب اللاجئين السوريين في لبنان الهيئة العليا للمفاوضات، بعدم إبقائهم مغيّبين في سجون اللجوء وبعيداً عن سجون الأسد، فمعاناتهم تتفوّق على معاناة الداخل، بألم ومعاناة الغربة، وذلّ اللجوء.
هذا وقد تعهّد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني “تمام سلام” في بيروت يوم أمس السبت، بتقديم مساعدات إضافية للبنان، مؤكداً قرار بلاده بزيادة دعم اللاجئين السوريين في لبنان.
وأكّد قرار بلاده بتقديم مساعدة فورية لتعزيز قدرات لبنان العسكرية؛ وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ولمواجهة تهديداتٍ أخرى، على حدّ وصفه.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد اللاجئين السوريين حالياً في لبنان، يبلغ مليون ومائة ألف لاجئ سوري، وأبرز مخيمات اللجوء في لبنان هي”مخيمات عرسال، ومخيم الريحانية في عكار، ومخيمات الحور في بر إلياس في منطقة زحلة في البقاع”.