صباحكم ثورة..

13095994_1011766918905363_3673120173326471314_n

زيتون – وسام عناد

أعلاه ليست تحية، هي شتيمة بحجم وطن ألقيها على مسامعكم لعلكم تذوقون مثلي طعم هزيمة البائس المهزوم، شتيمة بحجم خيبتكم وأنتم أمام قبور شهدائكم وأشلاء أحبائكم، ﻻ تعرفون فيما قتلوا وبسبيل ماذا، شتيمة بحجم خيبتي وأنا أصبحكم باسمي المستعار خوفاً من غيلة أوﻻد الزنا..

هذا وأما قبل..

هل أتاكم نبأ فرعون اسمه حافظ اﻻسد ؟

وهل سمعتم وعيده “أنا ربكم الأعلى” فأستجبتم له وأطرقتم رؤوسكم وركعتم أمام سطوته ترددون بملء ذُلكم: ما علمنا لنا من إله غيرك!

و هل تذكرون كيف ركنتم لجبنكم وسكتم عنه وأخرستم كل عاقل يحضكم على الثورة قائلين له “إذهب أنت وربك فقاتلا إن ها هنا قاعدون!”

عندها حَرَّم الله عليكم أرضكم، وألزمكم في التّيه أربعين عاماً، أربعون عاماً سلبتكم الحياة والكرامة والشرف واﻻرض والعرض والرجولة، وأبقت لكم ذات الذل تسوقونه للمستبد القادم على طبق من خنوع وبمنتهى البلادة والانصياع..!

و أما بعد …

فقد أنزل لكم ربكم ثورة، علها تطهركم وتزكيكم، وفلق لكم البحر ممهداً لكم طريق العبور بآﻻف من الشهداء، فماذا فعلتم؟!

رحتم تنادون من بين جثث قتلاكم: أﻻ من مستبد لنعبد!

لم تكد تجف أقدامكم بعد عبوركم البحر حتى تناديتم بالبيعة لمستبد نزع نياشين الجيش وامتطى صهوة المقدس وارتدى العمامة يقودكم، وانتم صم بكم ﻻ تفقهون!

ألم تفهموا الدرس من تيهكم أربعين عاما؟!

ألم تفهموا أن دعاة الحكم مهما تطاولت لحاهم أو ارتفعت أحذيتهم العسكرية إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذله؟!

كذلك يفعلون !!

ألم تفهموا أن من يجاهد إنما يجاهد لنفسه ﻻ لكم و إنما حسابه الشخصي على الله و لن تقبضوا معه شيئا!

و أنه وبمنتهى الأنانية يستشهد ليدخل جنته وﻻ وجه فضل له عليكم وعلى حريتكم؟!

ألم تفهموا أن القدسية للفكر وأن ﻻ قدسية لحامله مهما تمنطق و برع في البلاغة واﻻستعباط، وأنه ككل البشر يخضع لقوانين اﻻحتمال فإما أن يكون جيداً أو عاهراً و هو الغالب الأعم!

ألم يكن “البوطي” و “حسون” عاهرين بلبوس الدين الجيد؟

فما القدسية لمثل أولئك؟

تدغدغكم مشاعر التقديس، و تثير حميتكم نزعة الخلافة المشتهاة.. وتتشدقون بـ “إن الحكم إﻻ لله”.. و أقسم أن غالبيتكم ﻻ يعرف تتمة الآية.

أرأيتم ما أكسل همتكم وأرخى شأنكم؟

ترمون حملكم عن ظهركم و تضعونه على ظهر الدين، مؤمنين بأن غيباً ما سيعيد لكم أمجاداً غابرةً، لم ولن تفهموا ما حييتم أنها أمجاد لوﻻ سطوة سيف أجدادكم وضعف أعدائهم حينها لكان حالهم كحالكم، وأن “الرشيد” ذاته لو عاش اليوم وأرسل لكلب الروم رسالة مهينة أو بالأحرى منقوصة الأدب لوجدتكم كلاب الأرض قاطبةً تتغذى بلحومنا و تتحلى برأس الرشيد بعدنا.

ألأجل هذا القيء ثرنا؟

ألأجل هذه التعفن الفكري والقرف التراثي المخجل فاضت دماء الملايين وانهدت أركان البلاد و تاهت أمم الله في بلاد الله؟

خبتم وخاب مسعاكم، وﻻ عظم الله لكم أجراً بوطن ضيعتموه.. وثورة قتلتوها.

قَدَرُ الله أن ندفع ثمن غبائكم وجبنكم تيهاً جديداً في بلاد الله.. وحسبنا شرفاً أننا لم نطع في هذا الوطن ظالماً، مهما كان لبوسه، حتى وإن غلب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*