دمشقيون لـ “زيتون”: لقمة عيشنا مُرّة.. وهذه حالنا لمن لا يعلم

0,,17053930_401,00

تحرير زيتون 

«أوقية لبن أو بضعة حبات زيتون أو مكدوستين، وفي أحسن الحالات كيلو بطاطا وكيلو بندورة، هو أقصى حلمنا، بعد أن كانت الخيرات تعم بلادنا، والناس تعتقد أننا نعيش في نعيم، ولكوننا هنا فهي تهمة بأننا لا نحس بغيرنا من أبناء بلدنا، ولا نشعر بضنك العيش عليهم، كيف لا ونحن من نعيش الموت جوعاً وذلاً، لا نقوى على الكلام، كما الحركة، إذا لا مكان آخر آمن يكون الملاذ الأخير».
بهذه الكلمات تروي «زهرة. ت»، المقيمة في منطقة «الزاهرة» وسط العاصمة دمشق معاناة المدنيين في تأمين قوت يومهم، في المدينة التي يقطن فيها أكثر من أربعة ملايين مدني، بينهم ألاف النازحين من محافظات سورية عديدة، لا ينعمون جميعهم بالترف الدمشقي المشاع إعلامياً، والذي تؤكد «زهرة» أنه محصور بـ»أبناء وأزلام النظام والمنتفعين منه»، وكذلك من تصفهم بأنهم «تجار الحروب».
تتابع «زهرة»: «تكلفنا وجبة الطعام الواحدة إذا أردت أن أطبخ طبخة صغيرة لأولادي الأربعة 3500 ليرة سورية. زوجي استشهد في بدايات الثورة، وانتقلت من محافظتي القريبة من هنا إلى العاصمة، هناك لم يبقى لي أحد بعد أن هاجر إخوتي للأردن ومنهم من فر لأوروبا، أفكر كل يوم من أين سأتي بقوت اليوم التالي للأولاد، والله لولا أن الله مَنّ علي بجيران يحنّون علي بين اليوم والآخر لكان وصل بي الحال وبهؤلاء الأطفال إلى حدود لا يعلمها أحد».
وتضيف: «نشتري هنا في الشام, الزيتون بالأوقية ونصف وربع الأوقية وكذلك اللبن والحليب، لم أكن في حياتي معتادة على لقمة عيش مريرة ومغمسة بالذل بهذه الطريقة، ونحن هنا محسوبين كما يقولون لنا على النظام، لكوننا نسكن في مناطق يسيطر عليها، لكن حالنا في الواقع لا يعلمها إلا الله وحده».
جنون كبير في أسعار المواد الأولية في أسواق العاصمة، حيث تصل في غالب الأحيان إلى أكثر من عشر أضعاف في ظل تحكم عدد محدد من تجار دمشق بها على مرأى ومسمع من حكومة الأسد، كما يقول «فادي. ع»، ويشير إلى أن المواد الغذائية الأساسية ليست متوفرة تماماً، كما كانت عليه الحال على الأقل قبل عام من تاريخه كالسكر والأرز والبرغل والعدس والبقوليات ومواد المؤونة، بينما أسعارها مرتفعة جداً وتبلغ أكثر من عشرة أضعاف سعرها الطبيعي حالياً.
ويشير «فادي» إلى أنه موظف بسيط في إحدى الدوائر الخدمية للنظام في العاصمة ويتلقي راتب لا يتعدى خمسة عشر ألف ليرة سورية، يوضح أنه لا يكفي لمصروف خمسة أيام من الشهر، ثم يستدين من باقي من يعرفهم من زملاء عمل أو أصدقاء المبلغ اللازم ليستطيع إطعام نفسه وأهله الذين يعيش بقربهم.
ويتابع: «والله لو كان هناك منفذ واحد من البلد حالياً لما بقينا ساعة هنا، نحن لا نكره وطننا ولا أرضنا ولا أهلنا وناسنا، لكننا صرنا نعيش الحياة بالدقيقة، فبين الموت والموت هناك موت، وأنت وحظكّ! فقد يكون موتك بالقنص أو الجوع أو رفض أن تكون عبداً لشخص ما، أصبح بين ليلة وضحاها متحكم بأمرك، ولا يوجد أحد يسمع شكواك إلا الله. نحن هنا لسنا في سبات ونبات كما يقولون عنا، نحن هنا في الجحيم نفسه.. لقمة عيشنا أصبحت مرّة.. مرّة.. هذه هي حالنا لمن لا يدري بها».
وفي جنوب العاصمة نفسها، تأخذ المعاناة منحاً أشد وطأة، حيث يعيش نسبة كبيرة من أهالي الجولان الوافدين بالإضافة لعدد كبير من الفلسطينيين اللاجئين والذين يتوزع معظمهم في المخيمات الفلسطينية كـ (مخيم اليرموك – حي الحجر الأسود – مخيم السيدة زينب – مخيم حجيرة – حي القدم – حي العسالي – مخيم التضامن- البويضة)، وهؤلاء جميعاً حالهم كحال باقي سكان دمشق من البسطاء وأصحاب الدخل المحدود، كما يقول أمين حمزة الناشط من هناك.
ويضيف «حمزة:» «الناس هنا تعيش على رمقها في كثير من الأحيان من الصباح حتى المساء، نحن نقول أنه لا شك بوجود اتفاق سريّ بين النظام وتجار الحرب الذين يتحكمون بقوت الأهالي من خلال سحب المواد الغذائية من السوق أو رفع أسعارها حسب حركة فتح أو إغلاق الحاجز الأمنية والعسكرية، هذا الأمر يبدو واضحاً بالنسبة لمن يعايش الوضع عن قرب. هم يسلبون الناس لقمة عيشهم ولا يأبهون لا للنظام ولا لغيره ويقولون لمن يحاول الاعتراض على الأسعار اذهب واشكينا لمن تشاء..!».

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*