عبر السكايب، الزواج بالوكالة يجتاح سوريا

12165e32-3107-4701-9fac-e70afe655fec_16x9_600x338

زيتون – أسامة العيسى

تعددت ظروف الحياة السلبية، التي يعيشها السوريون منذ خمس سنوات، والتي بدلت نعيم حياتهم إلى حجيم، فبات كل شيء مختلف عن وضعه الطبيعي، بدءاً من أدق التفاصيل الاجتماعية، وانتهاءا بمثلها في الجانب الاقتصادي، عدا عن الجانب الأمني والإنساني المتفرعان بدورهما لجوانب أخرى.
وبالتزامن مع استمرار الصراع المسلح، وارتفاع حدة التوتر في الميدان، يوماً بعد يوم، تستمر أعداد السوريين الفارين من ديارهم بشكل مضطرد، والتي ما كانت لتقف عند حدود النزوح مؤخراً، إلا نتيجة عوامل خارجية يأتي على رأسها إغلاق الحدود عليهم من كل الجوانب تقريباً، بدءاً من الشمال مروراً بالغرب إلى الشرق وصولاً إلى أقصى الجنوب، فيما ساهم هذا العامل، بالإضافة لعوامل أخرى غيره، في تفكك الضوابط الاجتماعية العامة الناظمة لجوانب الحياة، والمرتبطة بالمكان الواحد بحكم طبيعتها، وكان على رأسها مؤسسة الزواج.
وفي أوروبا ودول الجوار التي وصلها ملايين السوريين بصفة لاجئين، تجد معاني المفهوم المحكي عنه أنفاً تطبيقاتها عند السوريين الراغبين في الزواج، والذين يقولون إنهم يلاقون صعوبات جمة في الحصول على زوجة، خصوصاً في أوروبا، وبدرجات أقل في دول الجوار، فراحوا يلجأون لما يُعرف بـ «الزواج بالوكالة»، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصاً عبر برنامج «السكايب»، الأمر الذي رفع نسبة هذه الزيجات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في سوريا والأخرى المحررة لأكثر من 45 % من مجموع الحالات الموثقة، وفق ما يفيد المحامي هلال س. من دمشق لـ»زيتون».
ويضيف المحامي العامل في مجال الأحوال الشخصية، والذي فضل عدم كشف اسمه: «من المعروف أن تغير الأوضاع العامة لأي فئة سكانية يؤدي إلى تغير كافة المفاهيم لديها، ونحن هنا لا نتكلم على المبادئ، بل المقصود بذلك هي المفاهيم الخاصة بالشكليات العامة الناظمة للعلاقات الاجتماعية، ومنها الزواج بالوكالة الذي بات منتشر في دمشق مثلاً بشكل كبير، حيث تنظيم العقود مناصفة، بين الوكالة وبين الحالة الطبيعية التي يكون فيها كلا الزوجان متواجدان في مقر المحكمة ويتبادلان عبارات الإيجاب والقبول بالشكل المتعارف عليه في تثبيت عقد الرقان الشرعي».
ويشير م. هلال س. إلى أن «غالبية الاحالات التي تسجل فيها زيجات الوكالة تتم بين فتيات يقمن في سوريا وشبان متواجدين في دول اللجوء لا سيما في أوروبا، ومن ثم الأردن وتركيا ولبنان، حيث يبلغ حالياً عدد العقود المنظمة بمعدل يومي بين 50 و60 عقداً، وهذا الزوج طبعا لا يشوبه شيء من الناحية الشرعية أو القانونية، إذا تواجدت الوكالة وصحت شروطها».
ويرى محمد مسالمة، وهو لاجئ في الدنمارك، أنه لا ضير في لجوء السوريين إلى هذا النوع من الزواج، ويقول إنها ارتبط بفتاة من دمشق عبر «السكايب»، وبعث بوكالة لوالده لإتمام معاملات عقد الزواج، ومن ثم سيقوم بإجراءات «لم الشمل» وجلبها لأوروبا، ومثله يرى سمير سلامة، وهو لاجئ آخر مقيم في السويد، حيث يعتبر أن «الزواج بالوكالة حل لا بد منه أمام انغلاق أبواب الحياة في وجه السوريين، لا سيما فئة الشباب، وعدم قدرتهم على الزواج بفتاة في أوروبا نظراً لارتفاع التكاليف التي يقوم الآباء بوضعها على من يتقدم لطلب يد البنت».
أيضاً، هند – خ، مقيمة في درعا، أتمت إجراءات عقد زواجها بالوكالة عن زوجها المقيم حالياً في تركيا كما تقول، وتضيف أنها تنتظر أن تسمح الفرصة لها لتنتقل إلى تركيا، وتؤكد أن أختها الأخرى أيضاً واثنتان من أقاربها تزوجن بذات الطرق مع أقارب و»معارف» في أوروبا والأردن، دون أن يحضر العريس إجراءات زواجه كما هو معتاد.
وتتم إجراءات زواج «الوكالة» بعقد الزواج «الشرعي» بحضور العريس عبر برنامج «السكايب» عادة، أو أية وسيلة يكون فيها متصلاً بالصوت والصورة، وبحضور شاهدين مدركين وأب الزوجة أو أي من أوليائها، ومن ثم يتم تثبيت العقد «القانوني» في المحكمة، سواء بمحاكم النظام أو في تلك التابعة للمعارضة (المحاكم الثورية أو الشرعية) على الرغم من عدم اكتساب الأوراق الصادرة من قبل الأخيرة حتى الآن أية مفاعيل قانونية خارج حدود البلاد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*