وثائقيّون خطرون، على من؟

11954572_838068472978306_2261332740950871663_n

زيتون – بشار فستق

تستحقّ أعمال فنّيّة وثائقيّة أُنجزت عن لجوء السوريّين إلى أوروبا كلّ الاهتمام، ليس لاشتراكها في المسابقات العالميّة، أو لترشيحها ولنيلها الجوائز فقط، بل للأهمّية الإنسانيّة والمسؤوليّة التأريخيّة اللتين ستأخذهما في سياق المستقبل، وتأثير ذلك القريب على مسار الثورة السوريّة، فدور الوثيقة سيكون الأوّل في مختلف عمليّات المحاسبة من عدالة انتقاليّة وما شابهها، اعتباراً من اللحظة الراهنة.
محلّيّاً، تابع السوريّون في المناطق المحرّرة عبر مهرجان أفلام الموبايل، ثلاثة وثلاثين فيلماً، يمكن تصنيفها ضمن الوثائقيّة، ومهما اختلفت تقنيّاً فهي تعبير صادق عن مأساتهم بأساليب جديدة، وبعضها سيكون له أثر في تطوّر مسار السينما العالميّة، حِرفيّاً، وقد بدأت بعض الفعاليّات الفنّيّة الأكبر تلتفت – رغماً عنها – إلى بعض هذه الأعمال، فقد نال الفيلم الوثائقيّ «قمر في السكايب» الجائزة الكبرى في مهرجان هوليوود العالميّ للأفلام المستقلّة الوثائقيّة في لوس أنجلوس، وهو من إخراج السوريّ غطفان غنّوم، الذي وثّق وروى فشل ونجاح اللاجئين في الوصول إلى أوروبا.
فيما يسلّط إعلام النظام الأمنيّ أضواءه عبر التلفزيون، وتلحق به – مع الأسف – وسائل الاتصال الاجتماعيّة، بوعي أو دونه، بلقاء مع الممثّلة سلمى المصري مثلاً!
لابدّ هنا من التوضيح، أنّ العلاقة الشخصيّة بين أبو سليم دعبول (مدير مكتب حافظ أسد) وسلمى المصري، لعبت الدور الرئيسيّ في وجود الأخيرة في معظم الأعمال التلفزيونيّة، ولردح طويل من الزمن، حتّى ردحت أردافها وظلّت تؤدّي أدوار الشابّات.
قالت (الفنّانة) أثناء لقائها في برنامج «بلا تشفير» على قناة «الجديد» اللبنانيّة، إنّها معجبة بشخص بشّار الأسد، لأنّه «استطاع الحفاظ على البلد بعد سنوات خمسة من الحرب»!. وأنّه ورغم «الحرب الكونيّة» التي حصلت ضدّ سورية، ما زال بشّار موجوداً، وأنّها وفاءً لسورية ستكون معه. أضافت (الفنّانة) أنّها تعشق أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله.
بعد تخرّجه من أكاديميّة السينما في مولدافيا، أخرج غنّوم فيلم «صور من الذاكرة» من إنتاج المؤسّسة العامّة للسينما في دمشق، وانتهى منه في 2011، لكن الفيلم مُنع من العرض، واتّجه المخرج إلى مدينته حمص لينجز «بورتريه مدينة ثائرة» تصويراً وإخراجاً كأوّل مساهمة له في الثورة، ثمّ يضطرّ إلى النزوح هو أيضاً، فيجوب البلدان وهو يصنع «بوردينغ» الفيلم الوثائقيّ الذي رشّح إلى العديد من المهرجانات العالميّة الهامّة.
بينما كانت «ميّادة حنّاوي» في مثل عمره تعمل (مفتاحاً) معاونة لزوجها، إذ تسهّل عمليّة مشاهدة أهالي المعتقلين لأبنائهم بدءاً من فترة ثمانينيّات القرن الماضي، لقاء مبالغ بعشرات آلاف الدولارات، وتستمرّ اليوم في إكمال دورها المرتكز على شتم الشعب السوريّ وثورته، ولعق الحذاء العسكريّ، مواصلة مسيرة الفساد والخنوع للأسد؛ لأنّ صوتها الغنائيّ صار يشبه صوت تحريك خزانة ملابس، أي في الطريق ليصير كصوت جورج وسّوف المنشاريّ.
غطفان غنّوم، واحد من مخرجين شباب، بعضهم اغتالتهم عصابة الأسد، مثل باسل شحادة، الذي تصادف هذه الأيّام ذكراه الثالثة( اغتيل في 28-5-2012)، فقد ترك أمريكا وعاد إلى مدينته، لينضمّ إلى الثورة، لينقل ويدرّب إعلاميّاً، ويصوّر ويوثّق في فيلمه القصير «سأعبر غداً» خطر القنص الذي يهدّد حياة السكّان أثناء عبورهم الشوارع.
كما قَتلت العصابة الحاكمة قبله المخرج العالميّ مصطفى العقّاد. فقد أدانت محكمة أميركيّة منذ أسابيع النظام الحاكم في سورية، بتفجير الفنادق الثلاثة في عمّان عام 2005، وحكمت عليه بدفع مبلغ 347 مليون دولار كتعويض لأُسر الضحايا الأمريكيّين، وكان من ضحايا هذه التفجيرات مخرج فيلم «الرسالة» و «عمر المختار». وحدّدت أنّ «المخابرات العسكريّة» الأسديّة كانت خلف هذه التفجيرات، وقد تبنّت «القاعدة» وقتها التفجيرات.
للأسباب ذاتها اغتيل «ناجي الجرف» صانع الفيلم الوثائقيّ «داعش في حلب» بواسطة ما تمّ تفريخه تهجيناً من زواج المخابرات الأسديّة بسلالة القاعدة. مع الاستمرار باختلاق الأوهام الفانطازيّة، ومحاولة إلغاء التاريخ الحقيقيّ بواسطة أدواتهم من أمثال نجدت أنزور، المطالب بالمزيد من القتل للشعب السوريّ، فالنظام لا يقوم بواجبه كاملاً، وهو (مقصّر) في الإبادة بحسب رأي أنزور.
الفنّ الوثائقيّ السوريّ الحقيقيّ دعامة الوطن الجديد الديمقراطيّ، فالرؤية المتطوّرة للحياة البشريّة في ديناميكيّتها كانعكاس للوثيقة، أخطر ما سيواجه الاستبداد بمختلف أشكاله؛ لذلك تقوم عصابات النظام بمن فيها «داعش» وأشباهها باغتيال الموثِّقين والسوريّين الشهود كافّة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*