حركة فجر الشام الإسلامية في حلب

140811_hof_syria4_gty

نشأتها ومعاركها:

برز بشكل كبير في المعارك الدائرة في مدينة حلب وريفها منذ بداية الحراك المسلح اسم «حركة فجر الشام الإسلامية»، والتي تعرف بنهجها الإسلامي القريب من نهج القاعدة، وقد تأسست مع منتصف عام 2012، ولتبقى حاضرة منذ ذلك الوقت حتى الآن في المعارك الكبيرة والمصيرية التي مرت على المدينة وريفها.
أسس الحركة عدد من الشبان في ريف مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، لتشارك في معارك تحرير مدينة دارة عزة وأجزاء كبيرة من ريف حلب الغربي وصولا الى تحرير أجزاء كبيرة من مدينة حلب، كما خاضت معارك كثيرة تحت اسم حركة فجر الإسلامية، قبل أن تنضم الى حركة أحرار الشام الإسلامية وتشارك بمعارك تحت اسمها ثم ما لبثت أن انفصلت عنها وليصبح اسمها على ما هو عليه الآن، كما ساهمت الحركة بتأسيس جبهة أنصار الدين والتي وضعت على اللائحة السوداء الأمريكية الخاصة بالمنظمات الإرهابية.
تحوي الحركة على نسبة صغيرة لا تتجاوز 5% من المقاتلين العرب والأجانب، الذين يقاتلون الى جانب الحركة في معاركها ضد النظام جلهم من الجنسية التركية.

فكرها وبنيتها
وتعتبر حركة فجر الشام من أقدم الحركات المقاتلة الإسلامية في مدينة حلب وريفها، وقد اعتمدت النهج الإسلامي منذ بداية تأسيسها وهي كباقي المجموعات الإسلامية تعمل بشكل منظم ومؤسساتي ضمن مكاتب عدة تعنى بالتسليح والإطعام والدعوة والتذخير والعسكرة، ولها عدة مقرات في مدينة حلب وريفها، ومازال مقاتلوها المجهزون دائما يرابطون حتى الأن على جبهات حلب وريفها متصدين لتقدم قوات النظام.
وقدمت الحركة منذ تأسيسها الكثير من الشهداء في عدة معارك كان أبرزها معركة تحرير بلدة خناصر الإستراتيجية ومعركة تحرير الجندول والتي هي الآن المنفذ الوحيد للمناطق المحررة لمدينة حلب.
التقت زيتون بعلي صابر عضو المكتب الإعلامي لحركة فجر الشام ليتحدث لنا عن الحركة فكان الأتي:
حركة فجر الشام الإسلامية هي الولادة الثالثة لحركة الفجر الإسلامية بعد عدة أشهر من بداية الحراك الثوري على أرض سورية، وقد أسسها شباب مسلم يحدوهم الأمل بأن تكون حركتهم نواة مشروع إسلامي يثمر عن دولة إسلامية تحكم يشرع الله. أما بالنسبة للاسم واختيار اسم حركة فمردّ ذلك يرجع إلى أن الحركة تطرح مشروعاً إسلامياً يعمل على ترشيد الحراك ونقله من الحالة الثورية إلى الحالة الجهادية، وذلك عبر كل الوسائل الشرعية الممكنة، القتالية منها والدعوية والإغاثية، وهذا بخلاف الفصائل التي تنشط فقط في الجانب العسكري.

أهدافها:
وعن أهداف الحركة قال علي:
«مشروعنا واضح الأهداف ونشترك فيه مع كل مسلم صادق يجاهد لإعلاء كلمة الله، وتتمثل بدفع العدو النصيري الصائل وإدارة المناطق المحررة قضائياً وأمنياً وخدمياً، والعمل على تحكيم شرع الله في جميع مناحي الحياة.
وعن سؤالنا عن الدعم المقدم للحركة أفاد علي بأنه شيء قليل من بعض الإخوة الصادقين الذين يشاركون الحركة الهدف والوسيلة، فالحركة وطنت نفسها ولله الحمد من البداية على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «وجعل رزقي تحت ظل رمحي» وان غالب ما نقاتل به هو من غنائمنا من أعداء الرحمن، ولا نقبل أي دعم مشروط أو مشبوه.
وأضاف أن الحركة خاضت الكثير من المعارك الهامة في مدينة حلب، وان مجاهدي الحركة يشهد لهم بالشجاعة والإقدام والصبر على الرباط، ولعل من أهم إنجازاتهم قديماً وجديداً تحرير الكندي مرتين وتحرير خناصر وتحرير الشيخ سعيد وثكنة هنانو والطعانة والملاح والمياسات، وغير ذلك من معارك عزيزة ونقيرين والشيخ نجار والريف الجنوبي وكفر صغير وأطمه، وهي الأن متواجدة على جبهات عزيزة والشيخ سعيد والراموسة وريف حلب الجنوبي، وهم يشاركون في جميع عمليات حلب تقريباً وخاصة في جبهة البريج والملاح وحندرات، كما نسعى لتقوية وجود الحركة في إدلب وحمص وحماة، علما أن الحركة شاركت بعدد من المعارك خارج مدينة حلب، منها تحرير مطار تفتناز بإدلب، وتحرير حاجز الدبسي بالرقة».
يعود سبب انفصال حركة الشام عن حركة أحرار الشام بسبب بعض المشاكل بتوزيع الغنائم بين الحركة وقيادة أحرار الشام، حيث رأت الحركة أن توزيع الغنائم لم يكن بشكل عادل وفيه ظلم كبير بحق عناصرها، فقرت الانفصال مجددا تحت المسمى الجديد، ليبقى عدد من عناصر الحركة مع حركة أحرار الشام كان من أبرزهم «أبو يزن الشامي»، الذي أصبح الأمير الشرعي لحركة أحرار الشام، والذي اغتيل مع قيادة الحركة بتفجير بقي مجهولا منذ العاشر من أيلول من العام الماضي حتى الآن.
منذ ذلك الحين تعمل الحركة بشكل مستقل وتدخل ضمن تحالفات وغرف عمليات في مدينة حلب وريفها، وكان أهمها دخول الحركة ضمن غرفة عمليات الوعد الصادق، لتحرير ضهرة عبد ربه والصلات وجمعية الحرفيين قرب مبنى المخابرات الجوية، والتي توجت بتحقيق أهدافها.

معقلها:

تعتبر مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي المعقل الرئيس للحركة، حيث يوجد في ريفها عدد من المقرات والمعسكرات التابعة للحركة، كما تملك الحركة عدة معاهد شرعية في المدينة وريفها، إلا أنها لا تملك محكمة شرعية خاصة أو مكتب قضائي خاص بالمدنيين، ويقتصر دور المكاتب الشرعية والقضائية على العمل داخل الحركة، بالإضافة للتنسيق مع الفصائل والجهات الأخرى، لكنها تقوم على تنظيم الأمور الخدمية والأمنية في المدينة لتسيير أمور المدنيين في ظل عدم وجود جهات رسمية في المدينة.
لم يسجل للحركة في مدينة حلب أي تصادم مع المدنيين أو انتهاكات منذ بدء تأسيس الحركة حتى الآن، و يمنع مقاتلي الحركة من التعرض للأهالي بأي شكل من الأشكال، كما يتم معاقبة أي مقاتل أو قيادي في الحركة يخطئ في حق المدنيين، فقد عاقبت الحركة قائد مجموعة قام بالاستيلاء على سيارة إسعاف تابعة لنقطة طبية في حي المشهد، بداعي إصلاحها في بلدة كفر حمرة بريف حلب الشمالي الغربي، حيث تم إرجاع السيارة لأصحابها ومعاقبة القيادي من قبل قيادة الحركة، كونه لم يشعر القيادة بأمر السيارة وتحرك من دون أي أوامر منها.
لم تشارك حركة فجر الشام في الحرب على تنظيم الدولة، وظلت حيادية مع جميع الفصائل، واقتصر عملها على فرض الأمن ومنع أي اشتباكات بين مقاتلي التنظيم ومقاتلي الجيش الحر في مدينة دارة عزة ومحيطها، كما لم تساند الحركة أي فصيل ضد فصيل أخر، واستمر مقاتلو الحركة بالدخول الى مناطق سيطرة تنظيم الدولة الى أن أعلن التنظيم عن خلافته منذ عام تقريبا، وفرض على جميع المقاتلين الذين يقاتلون بأي فصيل أخر مبايعة أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، ولم تسجل أي حالة جماعية أو فردية لمبايعة عناصر من الحركة لتنظيم الدولة، كما لم يسجل أي موقف رسمي للحركة من الاقتتال الأخير الذي دار بين حركة حزم وجبهة النصرة والذي أدى لسقوط ضحايا من الطرفين، وانتهى بسيطرة النصرة على مقرات حركة حزم تلاه إعلان حركة حزم حل نفسها واندماج مقاتليها في الجبهة الشامية كأفراد.
تعرضت الحركة لضائقة مادية ومازالت، ويشار الى أن معظم مقاتلي الحركة لا يتقاضون أي مبالغ مادية شهرية بشكل منظم، و يقتصر الدعم المادي على الغنائم أو الدفعات المادية التي تأتي من الداعمين للحركة، وتقوم بعض الجمعيات بدعم الحركة بوجبات غذائية وتموينية توزع للمقاتلين على الجبهات.
أهم ما يميز الحركة عن غيرها مكتب معني بمتابعة أمور عائلات الشهداء في الحركة، حيث يتم تنظيم رواتب شهرية لهم، وتأمين منازل للعائلات التي ليس لها مسكن، كما تهتم بتعليم أطفال شهداء الحركة ورعايتهم، ويقوم المكتب الطبي بمتابعة أمور الجرحى طبيا وماديا، وتأمين رواتب شهرية للمقاتلين الذين أصيبوا بإعاقة دائمة، وتزويد من فقدوا أطرافهم بأطراف اصطناعية، ويعتبر المكتب الطبي للحركة من أنجح المكاتب في الحركة.
أما عن الشروط التي وضعها المكتب العسكري لقبول العناصر في صفوفه فيجب على المنتسب الجديد أن يزكى من قبل أحد مقاتلي الحركة كي يقبل فيها، وهذا يفسر العدد القليل لعناصر الحركة وفاعليتهم، حيث يقدر عددهم بألف وخمسمائة مقاتل فقط، وبعد أن يقبل المقاتل يخضع لدورة شرعية ومن ثم تليها دورة عسكرية، للتدريب على السلاح الخفيف والمتوسط، نظرا لأن الحركة لا تملك ترسانة كبيرة من الأسلحة الثقيلة، إذ يقتصر على عدة آليات اغتنمتها الحركة في معاركها مع قوات النظام.
يبقى السؤال عن قدرة الحركة على الاستمرار في ظل الأوضاع الصعبة، وهل سيصبح منتسبوا الحركة وقياداتها مطلوبون دوليا بظل ارتباط الحركة بجبهة أنصار الدين الموضوعة في قوائم الإرهاب، وهل ستطالهم ضربات التحالف العربي – الدولي، هذه الأسئلة ستبقى معلقة ولن يعرف جواب لها، بظل تداخل الأمور السياسية والعسكرية في المنطقة، لاسيما بعدما أن وجهت ضربات من قبل التحالف لمقرات للنصرة ومقرات أخرى لحركة أحرار الشام والتنظيمات والفصائل التي تحمل الفكر الجهادي في المنطقة.

محمد علاء