بـ”خاطر مكسور”.. السوريون يستقبلون العيد في أوروبا

13516706_506686332855785_2391165461465469438_n

زيتون – أسامة عيسى

تمر أيام قليلة وينتهي فيها شهر رمضان المبارك، والذي تصادف أخر أيامه وفق الحسابات الفلكية يوم الاثنين أو الثلاثاء القادم، ليكون العالم على موعد مع عيد الفطر السعيد، حيث الفرحة تعم بيوت الصائمين، إلا أنه الحال اختلف كما العيد السابق والذي سبقه وما قبله، لدى السوريين في أوروبا، الذين يقولون إنهم لم يحسوا ببهجة الشهر الفضيل حتى يشعروا بأن العيد قريب.

ويقول لاجئون سوريون في دول أوروبا، ممن استطلعت “زيتون” آرائهم، إنه “عيد مرير” سيكون عليهم، لأنهم متواجدين في حالة من “الشتات النفسي”، حيث تقطن أسرة واحدة دولتين أو ثلاث او أربع دول، وربما أكثر، ما يعني مرارة العيد في نفوس الناس، وقد باتت حياتهم تعاني من تعقيدات كبيرة على مستوى الإقامة وإجراءات لم الشمل ومعايير الاندماج بالمجتمعات الجديدة…

ولاء العلي، اللاجئة قرب كوبنهاغن عاصمة الدنمارك، ترى أنها كانت تتمنى أن “تموت” على أن ترى العيد في أوروبا، وتتابع “لم أتصور بحياتي كلها أن أعيد العيد بعيدة عن أهلي وإخواني، أتيت إلى الدنمارك وبقي قسم من أهلي في سوريا والقسم الأخر في لبنان، وقسم كان في تركيا ومن المقرر أن يتبعوني لكن كل شيء تبدد عندما أغلقت تركيا الطريق وتقطعت بنا السبل، وها نحن نعيش في أربع دول، ولا أعلم أنا عن العيد شيء إلا أنني صائمة وأحتسب أمري وأمر أهلي عند الله، كنت أتمنى الموت على أن أصل لهذا اليوم المرير”.

ويؤكد ملهم سلامات، المقيم كلاجئ في مدينة “مرسيلية” في فرنسا، أن “معاني العيد اضمحلت منذ أن بدأت الحرب، لأن الحرب تعطل كل مفاهيم الحياة الجميلة”، ويتابع صار لي ولأسرتي هنا أكثر من سنتين، الله وحده أعلم كيف نمضي حياتنا في هذه البلاد وكيف مضى علينا رمضان قاسياً كحد السيف، ليس بسبب الصيام، لكن بسبب افتقادنا لأجواء هي في صميمنا مما كنا قد تعودنا عليها منذ طفولتنا حتى غدت جزء من ذاتنا وكياننا”.

بدورها، تروي دلال برم، وهي لاجئة من سوريا في مدينة “أورفوش” جنوب السويد، أن “العيد لا يعني أن نأكل فيه ونشرب، بل هو تكريس لأشياء طبعها الله تعالى في نفوسنا، الآن كلها رحلت دفعة واحدة، فأنت في أوروبا لا تجد الأجواء الاحتفالية في العيد التي تتميز بها البلدان الإسلامية، لا سيما بلادنا سوريا، كما أن معاني الطيبة والجيرة والإخلاص والحب والتأخي، كل ذلك يختلف، إنها حياة ليست خاصتنا، هي حياة هؤلاء الناس الذين جئنا إليهم مجبرين، وهم يعتقدون أننا جئنا من طيب خاطر..!!”.

وتجدر الإشارة إلى أنه وفي أغلب الدول الغربية، تعد مسألة العطلة من أهم المشكلات التي تواجه المسلمين في قضاء العيد، ما يضطرهم للدوام رسمياً في ذلك اليوم المقدس، أو لتقديم إجازة للاستمتاع بالعيد، مقابل اقتطاع مستحقات مالية منهم، وهو ما تقول “سلام عرب”، اللاجئة من سوريا إلى “أوبسالا” شمال السويد، أنه من منغصات العيد في أوروبا، فضلاً عن غياب الفرحة عن الأولاد الصغار.

وتضيف عرب: “ليس العيد باسمه فقط، لا سيما لدى أهل الشام، بل يعني لدينا الأجداد والآباء والأشقاء وأبناء العمومة وكل العائلة والأقارب والجيران والمعارف، يعني لدينا مقبرة نزور فيها أحباباً لنا رحلوا، وما أكثرهم بعد هذه الحرب، يعني أيضاً قالب من الكعك تصنعه أمي وتوزع منه لأقاربنا والجيران وتفوح رائحته في الحي.. يعني صوت الباعة في الأسواق ويعني رائحة الوطن التي باتت واحدة من أحلامنا الحالية…”.

ويبقى لمسلمي بعض دول أوروبا “صلاة العيد” التي تعوضهم نوعا ما عن غياب الأجواء الاحتفالية بالعيد التي تتميز بها البلدان العربية والإسلامية، حيث يتاح للمسلمين في بعض المدن الصلاة في أماكن واسعة خارج المساجد، وهو ما حصل العيد الماضي في بعض الدول كما في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا، وبدأت كل من السويد والنرويج والدنمارك تحذو نفس الحذو، نتيجة ارتفاع أعداد المهاجرين إليها من المسلمين، والذين يؤكد السوريون منهم أن أوروبا بأسرها لن تعوض فرحة معايدة الأقارب في صبيحة العيد، فكيف بباقي بهجات العيد التي لا تنتهي، آملين أن يكون عيدهم القادم في أرض الوطن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*