اغتصبها سجانها ليقتل الانسانية فيها

سجينات-سوريات

زيتون – آلاء محمد

هنا في سجون نظام الأسد تتساوى الحياة مع الموت وربما للبعض يكون الموت اجمل بكثير، بل وأقصى ما يتمناه آلاف المعتقلين السوريين.
قصص الاعتقال والتعذيب والاغتصاب في سجون الأسد، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وداد ابنه الأربع وعشرين ربيعاً، من أهالي الغوطة الشرقية، يتيمة الأب والأم، تعيش مع أشقائها الأربعة وأختها الصغرى، كانت تعمل في إحدى مشافي العاصمة دمشق، حيث تعرضت للاعتقال من مكان عملها أواخر عام (2012) م، بحجة مساعدة الجرحى الذين يسقطون برصاص قوات الأمن أثناء تصديهم للمظاهرات
روت «وداد» لنا قصة اعتقالها وما حدث معها في غياهب سجون القهر والذل، وخلف قضبان الظلم والاستبداد. قائلةً: «كنت في المشفى أمارس عملي بقسم العناية، اتصل المدير بي، وقال لي:انزلي لمكتبي، وعند وصولي شاهدت خمسة رجال مسلحين تبيّن فيما بعد أنهم عناصر من المخابرات، اقتادوني إلى جهة مجهولة بعد تعصيب عيناي بقطعة قماش, وضربوني بأخمص «البارودة» وشتموني بأبشع الكلمات البذيئة».
تتابع كلامها» بعد وصولي لمكان الاعتقال وضعوني بالمنفردة لثلاثة أيام، بعد أن خلعوا عني ملابسي، وأعطوني بطانية صغيرة، كان المكان بارداً جدً، صرخت وروجوتهم ان يتركوني، لكن لا حياة لم تنادي.
كنت أسمع أصوات تعذيب معتقلين شباب من الزنزانات المجاورة، وأتخيل ماذا سيحلُّ بوضعي، وطيلة الأيام الثلاثة لم يتكلم معي أحد ولم أرى سوى الشخص الذي يأتي بالطعام المكون من حبة بطاطا مسلوقة وكسرة من الخبز اليابس».
بعد ذلك نُقلت وداد إلى زنزانة فيها نساء، يبدو عليهن آثار تعذيب، وفي اليوم التالي بدأت مأساة التعذيب المرير، فوصفت ما حدث لها: «أتى أحد العناصر وركلني بقدمه وشدني من شعري وأخذني لغرفة معتمة، و شبحوني – والشبح: ربط الأيدي للأعلى بسقف الغرفة بحيث تلامس رؤؤس أصابع القدمين- بقيتُ على هذه الحالة فترة طويلة، ثم أعادوني إلى الزنزانة مغمى عليّ».
نظرنا إلى وداد وإذا بيديها ترتجفان, وأخذت تتنفس بسرعة، سكتت قليلاً، ثم أكملت حديثها بصوت مرتجف، «ضربوني بكل مكان بجسمي، وكل يوم يعذبوني بنفس الطريقة، بالبداية كُنت أترجاهم أن يتركوني، لكن عذبوني بقسوة، حتى يئست، كنت أصرخُ تحت الضرب حتى يغمى علي».
وتُرِكت وداد بهذه الزنزانة لمدة أسبوع، وما لبثت تستعيد عافيتها وتريح جسدها الهزيل الذي أُشبع ضرباً، وتعذيباً، حتى مارس عليها السجانون نوعاً آخر من العقاب والتعذيب، فأخذوها إلى غرفة ورموها على الأرض ودخل عليها ثلاثة من رجال الأمن وكبلوا يداها إلى الوراء، وهم يضحكون ويتكلمون بكلمات بذيئة بصوت مرتفع، لم تتمالك تهاني نفسها وهي تتحدث لنا وأجهشت بالبكاء وسكتت لدقائق وقالت:» اغتصبوني ولاد الحرام».
وبعد شهرين خرجت من المعتقل، وهي تعاني من كوابيس تحرمها من النوم، ونوبات تشنج عصبي، بحسب ماقال لي أخوها الكبير.
لم تكن مثل غيرها من المعتقلات اللواتي فقدن الأمل بالحياة، بل قالت (أنا بدي اتعالج، ورح طيب إن شاء الله من مرضن، ورح أرجع ساعد الجرحى).
خضعت وداد لعدة جلسات علاجية نفسية تحت إشراف أخصائية، وبمساعدة من عائلتها التي ساهمت بجزء كبير من العلاج .
وداد التي دفعت ثمن إنسانيتها ليالي طويلة من العذاب في سجون الأسد، أبت على نفسها أن تعيش منطوية معزولة تجترُّ آلام الحزن والأسى التي تعتصر فؤادها، بل أقبلت من جديد ـــ وكلها عزيمة وإصرار وتحدي للظلم والطغيان ـــ على عملها في معالجة الجرحى.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*