انتفاضة كتف “جون كيري “الفاضحة

10470714411465558221

زيتون – أسامة الملوحي

عندما تواردت أخبار محاولة الانقلاب العسكري في تركيا كان التوقيت في واشنطن قبل العصر وكان فريق أوباما بأكمله يقظ وكلٌ على رأس عمله، وأول رد فعل منهم كان غريباً وجاء تصريح جون كيري الأول فاضحاً حين قال:

“آمل في حل الأزمة والحفاظ على السلام واحترام استمرارية السلطة”، فاعتبر الانقلاب أزمة، ودعا لاحترام استمرارية السلطة، ولم يحدد أي سلطة ولم يذكر السلطة المنتخبة ديمقراطيًّا.

وفي اليوم التالي  وبعد أن تأكد الأمريكيون من فشل الانقلاب العسكري خرج جون كيري أمام الصحفيين ليبلغهم أنه اتصل بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وقال له: إن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب الذي وقع في تركيا «كاذبة»، وتضر بعلاقات البلدين، وحين قال “كاذبة”  انتفض كتفه الأيمن للأعلى بحركة قوية لا إرادية غريبة.

جون كيري من أكثر السياسيين الأمريكيين عطاءً في لغة الجسد ولديه العديد من النظرات وحركات الجسد التي تفضح مناوراته وهروبه من الحقيقة في النفي أو الإثبات والخبراء المختصون في لغة الجسد لا يجدون أي صعوبة في قراءة جسد كيري أثناء لقاءاته الصحفية الكثيرة.

ومن علامات المراوغة الكلامية والجسدية التي انطبقت على كيري:

 تغيير اتجاه رأسه بسرعة عند توجيه سؤال ما إليه، تكرار العبارات وكأنه يحاول إقناع نفسه قبل غيره بأمر يعلم أنه غير صحيح، والسعي لكسب الوقت لاستجماع أفكاره، والاستطراد بذكر كلام كثير غير مبرر لمواضيع ليست باتجاه الموضوع الرئيسي، وضع اليد على الفم مراراً والتحديق بالسائل من دون أن يرمش كثيراً ليخدع الآخرين بأنه واثق ومسيطر وهي توصية من خبراء الخارجية في هذا المجال سبق أن نُشر عنها أثناء تحليلات خبراء الخارجية لمقابلات صدام حسين بعد غزو الكويت.

 وفوق كل تلك العلامات والمفردات في الكلام ولغة الجسد أتت انتفاضة كتف كيري للأعلى في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم (16 – 7) الذي نفى فيه علاقة الولايات المتحدة بالانقلاب الفاشل الذي حصل في تركيا، وكرر كيري هذا النفي عدة مرات، مرة بالتحذير من اتهام أميركا ومرة بخطورة ذلك على العلاقات بين تركيا وأميركا ومرة بتحذير أنقرة من إلحاق الأذى بالعلاقات الثنائية، ومع النفي المتكرر أتت انتفاضة الكتف الملفتة.

جو نافارو، هو أحد أهم الأعضاء المؤسسين لبرنامج التحليل السلوكي المتخصص في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي وعمل في مجال المراقبة السلوكية لمدة 25 عاما، وكان مستشاراً لوزارة الخارجية الأمريكية، لديه كتب عديدة في هذا المجال ويدرس فيه بجامعة سانت ليو ومحاضر زائر أيضاً في  جامعة هارفارد،

يقول جو نافارو:

“بعد خبرة طويلة ومتابعة لآلاف الحالات تأكدت من أمر لم يُبحث فيه ولم يُكتب عنه في لغة الجسد والسلوك، وهو حركة الأكتاف للذين لا يقولون الحقيقة ويراوغون، لقد توصلت إلى أن حركة الكتفين أو الكتف الواحدة للأعلى هي من الإشارات الجسدية الانعكاسية الانفعالية الهامة واللاإرادية للذين لا يصدّقون هم أنفسهم ما يقولونه للناس وأنهم لا يدعمون في قرارة أنفسهم ما قيل لهم لينقلوه للآخرين”

وهذا بالضبط ما أشارت إليه انتفاضة كتف “جون كيري” إذ يستحيل أن لا تكون الولايات المتحدة قد علمت بالإعدادات الرهيبة الواسعة للانقلابيين في تركيا فعلى الأراضي التركية يوجد الآن حوالي 60 منشأة عسكرية أمريكية من ضمنها مراكز متخصصة للاستطلاع والتجسس.

وطبقاً للاتفاقيات “الأمريكية ـ التركية” حول التعاون الدفاعي والاقتصادي” هناك 12 قاعدة “للاستخدام المشترك بما في ذلك القاعدة الجوية إنجيرليك، ومعظم القواعد الأخرى تعتبر مراكز استطلاعية بالدرجة الأولى وهي تُزود باستمرار بأحدث التقنيات والأجهزة للتنصت والاستطلاع والتجسس وهذه القواعد تنتشر في كل أنحاء تركيا: برينتشليك، سينوب، كار جابورون، غلباشي، ومراكز الاتصالات في يامنلار (أزمير)، شاخينتيب (هيمليك)، ايلماداه (أنقرة)، كراتاش، (أدنا)، ما همورداه (سامسون)، كيورجيك (مالاتيا) وأليمداه (استانبول).

وبحكم التزامات تركيا للناتو يوجد في تركيا الآن حوالي 12 ألف موظف أمريكي بما في ذلك 4.5 آلاف عسكري.

ما هو موجود في القواعد الأمريكية وخارجها من محطات وتقنيات تكفي لإحصاء أنفاس الأتراك جميعهم والتنصت على همساتهم وتصوير أدق تفاصيلهم ومن ذلك بلا شك أدق تفاصيل ما يجري في مقرات الجيش التركي ومعسكراته.

 فالولايات المتحدة الأمريكية هي الأكثر تغلغلاً ونفوذاً ووصولا واطلاعاً على الجيش التركي، وتسليح الجيش التركي أميركي ومعظم دورات ضباطه التخصصية أمريكية، وأمور أخرى أدق وأعمق.

أحد كبار ضباط السي آي إي المتقاعدين “فيليب غيرالدي” يقول في مقابلة مع صحيفة حريات التركية بتاريخ 7-8-2012 أن هناك أكثر من عشرين من كبار مسؤولي السي آي إي يعملون في تركيا ويديرون آلاف المستخدمين على الأرض التركية، ويذكر “غيرالدي “دور جهاز المخابرات البريطاني في تركيا الذي يمدّ الولايات المتحدة بأشخاص خبراء بالشرق الأوسط وضليعين باللغة التركية.

الولايات المتحدة تملك أكبر وأدق وأحدث شبكة معلوماتية وتجسسية في التاريخ وأصدرت اعتماداً على معلوماتها الاستخبارية والتجسسية تحذيرات كثيرة خلال عام 2016 لعدة دول أوربية وغير أوربية من عمليات إرهابية.

كل ذلك غيض من فيض وما خفي في عالم الاستخبارات بلا ريب هو أعظم وأخطر ويستحيل أن يكون ما جرى في تركيا قد خفي عن أميركا فلم تعلم لتحذِّر.

إدارة أوباما قد علمت بالمحاولة الانقلابية في تركيا قبل حصولها وما يشير إلى ذلك بقوة هو كل ما ذكرناه عن وجودها العميق المتجذر القديم الواسع في تركيا وانتفاضة كتف” جون كيري” الفاضحة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*