اتفاق مبادئ قد حصل “تجعلونه لكم أم عليكم ؟! “

تنزيل

الآن هذا هو السؤال!
أن تستوعبوا الاتفاق، وتدورون زوايا نتائجه، أم تتركونه ينغرز في جهاتكم الأربع، يطعن فيها شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وأنتم عاجزون عن الرد، لا تملكون رؤية الدول، وفعل الدول؛ ولا تملكون عزيمة القادة، وحكمة القادة؟
بداية يجب معرفة بأن ما تم حتى الآن، ما كان له أن يرى النور، لو لم يكن قد تم انجاز أغلب، إن لم يكن جميع القضايا الرئيسية، الخاصة بالملف النووي الإيراني أساسا.
ومن يعتقد بأن قضايا السياسة الإقليمية، والسلوك الإيراني فيها ضمنا وأساسا، في المنطقة والعالم، لم يكن يُبحث في ثنايا بحث المشروع النووي، هو لا يدرك حجم التخوفات والأرق المزمن الذي شكله – ولا يزال – للولايات المتحدة وللغرب وللعالم عموما، هذا السلوك الإيراني العدواني والاستفزازي في منطقة متوترة ومشتعلة – بعضها على صفيح الانفجار- بحجم المنطقة العربية، تمور بالحرب والعنف المنفلت من أي منطق، يُحارب فيها الجميع ضد الجميع.
بالتالي يتوجب لجم هذه الاندفاعة الإيرانية الخطرة، بعد أن يُصبح الاتفاق قيد التنفيذ، دون أن يعني ذلك ضرب المصالح الإيرانية في المنطقة بعرض الحائط.
لكن يتوجب عقلنتها بنظر قيادة أوباما، الذي يرغب بمغادرة الرئاسة الأمريكية وقد حقق ما يطمح إليه المواطن الأمريكي في أبعاد الخطر النووي الإيراني كما يعتقد، وأيضا حض الناخب الأمريكي على الثقة بقيادة الديمقراطيين في سياستهم الخارجية، لجهة الاهتمام بالقضايا الداخلية أكثر، والتي تعنيه بشكل أكبر بكثير من أي قضية خارجية، خاصة وأن سياسة بوش الابن قد كلفته الكثير من المعاناة والضحايا والأعباء الضريبية، في أفغانستان والعراق، وهي لم تُمح من ذاكرته بعد.
نحن الآن في نيسان، وفي \30 \ حزيران يُتوقع أن يتم التوقيع على الاتفاق النهائي، وإسدال الستار على الأقل، للعشر سنوات القادمة، وربما الخمسة عشر القادمة، على «صداع عالمي «سببه الملف النووي الإيراني.
ومنذ ثلاثة أسابيع، بدأت عملية «عاصفة الحزم «بهدف إعادة الحكم الشرعي لعبد ربه هادي في اليمن، التي انتهكها الحوثيون باجتياحهم الأخير لمناطق واسعة من اليمن، ومؤسساته الحكومية. والموضوعين مترابطين، وإن لم يكونا كذلك في حسابات المملكة السعودية وحلفائها في العملية العسكرية، يجب ربطهما حالاً. وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال عند ربط القضيتين.
في البدء يجب أن تتوفر القناعة والعزم معا لدى السعودية وحلفائها، من أجل حسم الوضع في اليمن قبل تاريخ التوقيع النهائي. وهو وارد في حال تسارعت وتيرة التدخل وشدته ونوعه. فالتدخل البري لا بد منه، والإقدام عليه سيغير في معادلة الصراع الإقليمية، وسيغير في قواعد الاشتباك في المنطقة، ويُعيد الاعتبار جديا، للأمن القومي العربي. وكلما تم الإسراع في ذلك يكون أفضل لتحقيق النتائج المرجوة منه.
عندما يحصل التوقيع في لوزان كما هو مخطط (يُرجح حصوله في موعده، مع ذلك قد لا يكون الموعد مقدساً لدى الغرب لأسباب مختلفة، أو لاعتبارات داخلية إيرانية، لكنه يجب أن يكون كذلك عند أصحاب «عاصفة الحزم) يجب أن يكون قد تم فرض «أمر واقع «جديد في اليمن. واقع أعاد الحكم الشرعي، وهزم حركة «أنصار الله «الحوثية، وتحركاتهم التوسعية (هنا هزيمة علي عبد الله صالح وجماعته، مسألة حيوية، بل في غاية الأهمية لنجاح هدف العملية العسكرية، والذي يُفترض أن يكون حلّاً سياسيا).
مبدئيا، ننوه إلى أنه ليس بالضرورة أن يتم ذلك عبر فرضه بالقوة فقط (مع ضرورة أن يشعر الحوثيون بإمكانية الهزيمة عمليا) وإنما عبر إقناعهم أيضا وأساساً، بأنه لا بديل لهم عن الشراكة في البلد وفي الحكم، وإن الاعتماد على المساعدة من الخارج، وبالخصوص من الإيرانيين، ضد أبناء جلدتهم، خطأ تاريخي كبير، ولا يُعوّل عليه. كما أن حقوقهم في الشراكة يجب أن تكون محفوظة، وأن ايلاء منطقتهم «صعدة «بعض الاهتمام الخاص سيكون مساعدا على سرعة الانجاز، مع إيجاد وضع تنموي مستعجل لكل مناطق اليمن الفقيرة والمتخلفة.
عندما تتوفر القناعة لدى المملكة السعودية بأن الحل سياسي أساسا، وبأن الحوثيون ليسوا مجرد ذراع أو أداة للمشروع الإيراني، بل هم جزء أصيل من أبناء اليمن، ولهم حقوق ومطالب مشروعة يجب لحظها عند طرح الحل السياسي، سيسهل هذا من الاتفاق. فيما دروس الحروب الستة مع الحوثيين في عهد صالح، عليها أن ترسخ القناعة لدى كل الأطراف اليمنية بأن الحل هو إيجاد صيغة وطنية يمنية.
من هنا على الدور السعودي أن يتركز على المساعدة في خلق هكذا صيغة متوازنة، تؤمن فيها حالة استقرار يمنية داخلية طويلة نسبيا، ومن خلالها تؤمن حدودها لفترة لا بأس بها، بينما يكون الهدف بعيد المدى للملكة – ولكل من يقف وراءها – قد وجد طريقه للتحقق، عبر غلق أحد منافذ التمدد والتوسع للمشروع الإيراني. مما يوفر الشرط الملائم جداً للانتقال إلى ساحة عربية أخرى تعيد التوازن والاستقرار لها، في حال أرادت الانخراط المباشر في القضايا العربية المشتعلة والمأزومة جرّاء التدخل الإيراني العدواني.
(ترشح معلومات صحفية مؤخرا، بأن القوات المصرية تستعد للتدخل البري في اليمن، سيكون هذا عملاً خاطئا وخطيرا يعطي عكس النتائج المرجوة، في حال كان منفردا، وخارج التدخل الجماعي «العربي العربي «حصرا).

مروان محمد