تشكيل جديد في حلب وغياب كبرى الفصائل عنه وسط خلافات عميقة بينها

l_5

أنشأت عدة فصائل عسكرية في مدينة حلب وريفها، غرفة عمليات مشتركة أطلقوا عليها اسم «غرفة عمليات فتح حلب» من أجل توحيد العمل العسكري في مدينة حلب وريفها، وتتألف غرفة العمليات من الفصائل التالية:
(حركة أحرار الشام الإسلامية، ما تبقى من مكونات الجبهة الشامية المنحلة والتي فضلت البقاء تحت اسم «الشامية» بقيادة عبد العزيز سلامة، مثل» لواء التوحيد» سابقاً و»أحرار سوريا» و»عاصفة الشمال»، كتائب ثوار الشام المنشق حديثاً عن الجبهة الشامية، فيلق الشام، جيش الإسلام بحلب، كتائب فجر الخلافة وتجمع فأستقم كما أمرت).
ومع تأكيد بيان تشكيل «فتح حلب» إن باب الانضمام لغرفة العمليات مفتوح، لوحظ غياب الفصائل الكبيرة العاملة في مدينة حلب، ومنها ما كان ضمن مكونات الجبهة الشامية المنحلة، مثل جيش المجاهدين وحركة نور الدين زنكي، اللتين لم يُحل الخلاف بينهما وبين كتائب ثوار الشام المنضم لغرفة العمليات، كما غابت جبهة النصرة وجبهة أنصار الدين أيضا عن هذه الغرفة، بالإضافة لغياب الفوج الأول وكتائب الصفوة الإسلامية عنها، وهما أحد أهم الفصائل العاملة بحلب القديمة.
غياب هذه الفصائل رآه البعض نقطة ضعف كبيرة في الغرفة، التي جاءت بعد دعوات كبيرة من عسكريين ومدنيين وناشطين ثورين، لتوحيد الجهود في مدينة حلب وريفها، وإبعاد تهديد الحصار عنها وتحريرها، و طُرحت تساؤلات عديدة حول غياب الفصائل الكبرى عن غرفة العمليات، في الوقت الذي تحتاج المدينة لتوحيد وتضافر الجهود ونبذ الخلافات، نظرا لما أثبته العمل الموحد من نجاح في مدينة ادلب وريفها، من خلال توحد الجميع تحت مسمى «جيش الفتح» الذي استطاع تحقيق انتصارات كبيرة بتحرير مدينة ادلب المحافظة، ومدينة جسر الشغور الإستراتيجية ومعسكر القرميد الذي كانت قذائفه تطال مناطق واسعة من الريف الادلبي.
فيما يرى ناشطون أن الفصائل التي شكلت غرفة العمليات، تسرعت بالإعلان عنها، ما أدى لغياب الفصائل الكبرى، كما أن الخلافات بين مكونات الجبهة الشامية المنحلة، وخلافات أخرى بين جيش المجاهدين وحركة نور الدين من جهة، و كتائب ثوار الشام المنضمة لغرفة العمليات من جهة أخرى، كان سبباً رئيسياً لغياب تلك الفصائل، وأن الاستعجال جاء بعد توالي انتصارات جيش الفتح بإدلب، والشعبية الكبيرة التي حظي فيها في عموم أنحاء سورية، كان له دور أخر في الإعلان عن تجمع جديد بحلب، في محاولة تلبية طموح الشارع الحلبي، المتلهف للانتصارات التي غابت عن المدينة منذ مدة طويلة، واكتفاء الفصائل فيها بلعب دور المدافع الذي لا يبحث عن الهجوم.
احمد الأحمد المسؤول الإعلامي لفيلق الشام تحدث لـ زيتون قائلا:
غرفة عمليات فتح حلب بقيادة فيلق الشام، وقد أعلنت عنها عدة فصائل، والأن تجري مشاورات واجتماعات لضم البقية، وعمليات التواصل مستمرة مع الجميع، ويوميا يجتمع مندوبو الفصائل لبحث انضمامهم لغرفة العمليات، ويتم حاليا الاتفاق على عدة أمور ونقاط، لتنظيم العمل بشكل أكبر للمرحلة القادمة، وجبهة النصرة ستكون موجودة في عمل يتم التنسيق والتجهيز له، وسيتم الإعلان عنه عند الانتهاء من الترتيبات الأخيرة فيه.
أما بخصوص الأسباب التي دفعتنا لتشكيل غرفة «فتح حلب» هي الانتصارات الكبيرة التي حققها جيش الفتح بإدلب، بعد توحد الجهود والعمل بغرفة عمليات تحت مسمى واحد، وفتح حلب ستشمل معظم الفصائل بحلب وريفها والتحضيرات جارية وبشكل يومي يتم عقد اجتماعات من أجل ذلك.
الناشط الإعلامي علي قال لـ زيتون أيضا:
غرفة العمليات جاءت بعد مطالب ملحة من الثوار على الأرض لكنها لم تشمل الفصائل الكبيرة، التي تتحمل مسؤولية ذلك بسبب تقديم خلافاتها على المصلحة العامة لحلب، ويجب أن يتم تغير جميع القادة الحالين وضخ دماء جديدة في عروق الثورة، كونهم قدموا ما عندهم، وفشلوا من انتشال حلب من حالة التخبط العسكري الذي نحن فيه، وكانت الفصائل المشكلة للغرفة قد أعلنت عنهاوهي ترجو انضمام انضمام باقي الفصائل، ورفض الفصائل الانضمام يعني مزيدا من الفشل ومزيدا من الخسائر، ولنرجع بالذاكرة لمدة عام، منذ بدء المشاكل بين الثوار تقدم النظام على جميع جبهات حلب، واكتفى الثوار بالدفاع طوال العام الماضي.
غرف عمليات متفرقة بدون نتائج حاسمة:
نظريا يوجد في مدينة حلب عدة غرف عمليات غير معلنة، فحركة نور الدين الزنكي التي أعفت قائدها العام توفيق شهاب الدين من مهامه كقائد عام للحركة لأسباب صحية، وعينت الشيخ علي سعيدو قائداً عاماً للحركة، أعلنت عن بدء عملية لتحرير ما تبقى من حي الراشدين غرب حلب، بمشاركة لواء الحرية وجيش المجاهدين، وأعلن كل من الفوج الأول كتائب الصفوة عن بدء معارك لتحرير مناطق في حلب القديمة، تمكنوا على أثرها من التقدم و تحرير جامع بشير باشا في الجدَيدة، أما الفرقة 16 مشاة وعدد من الكتائب المنضوية تحت راية المجلس العسكري فتركزت معظم عملياتها في أحياء الأشرفية والشيخ مقصود، فيما يقاتل لواء السلطان مراد والمؤسسة الأمنية في حي بستان الباشا، بالإضافة الى وجود عدد من الألوية والكتائب المتفرقة وغير التابعة لأي تنظيم إداري، مثل كتائب «أبو عمارة» ولواء العزة بالله وكتائب أحفاد حمزة وغيرهم، ونسبياً لو توحدت هذه الفصائل بقيادة موحدة، لحصدت نتائج تضاهي نتائج جيش الفتح بإدلب، كونها تملك أعداد تضاهي تلك التي في ادلب، عدا عن وجود ترسانة ضخمة من الأسلحة الثقيلة لدى هذه الفصائل بحلب.
خلافات بين مكونات الشامية:
وكانت مناطق واسعة من ريف حلب الغربي، شهدت تحركات عسكرية مكثفة وانتشارا لمقاتلي حركة نور الدين زنكي التابعة للجبهة الشامية، ومقاتلي كتائب ثوار الشام، المشكلة حديثاً بعد انفصالها عن الجبهة الشامية، وذلك على خلفية اعتقال الزنكي ثلاثة من قادة كتائب ثوار الشمال، بسبب مشاكل حاصلة بين الطرفين منذ انفصال كتائب ثوار الشمال عن الشامية، وذلك يوم الأربعاء 8 نيسان 2015 لدى عودتهم من تفقد لخطوط مقاتليهم في على جبهات مدينة حلب، واستطلاع الأوضاع تجهيزا لعمل عسكري مرتقب ضد قوات النظام، كانت غرفة عمليات كتائب ثوار الشام تنوي القيام به، ولدى ذهاب قياديين اثنين من الكتائب للحوار مع الحركة، للطلب منها إطلاق سراح القادة الثلاثة، بادرت الحركة الى اعتقالهما دون أي سبب، وقد أفرجت حركة نور الدين زنكي التابعة للجبهة الشامية، عن القياديين الخمسة من كتائب ثوار الشمال المعتقلين لديها، بعد تدخل عدة فصائل إسلامية، منها حركة أحرار الشام و جبهة النصرة، والاتفاق على تشكيل لجنة شرعية مستقلة لمتابعة القضية، بعد يومين من الاعتقال، وأكد ناشطون أن الإفراج عن القادة تم بعد ضغوط من الفصائل الإسلامية الأخرى، تجنبا لأي اصطدام بين الطرفين، واشتعال فتنة واقتتال داخلي، وومازالت المشاكل العالقة بينهما قائمة، ولازال الاحتقان سيد الموقف، مما أثر بشكل كبير على موضوع دخول كل من الزنكي وجيش المجاهدين في غرفة العمليات، التي تواجدت فيها كتائب ثوار الشام.
الشامية تُحل نفسها وتُبقي على التنسيق بين مكوناتها:
بعد خلافات كبيرة بين مكوناتها، وسط محاولة للتعتيم عليها، والعمل دون تفاقمها، أعلن مجلس شورى الجبهة الشامية عن حل الجبهة، والإبقاء على التنسيق المشترك بين مكوناتها، فيما يخدم الثورة في سوريا وحلب، وذلك بعد التصدعات والانشقاقات التي عانت منها الشامية في الفترة الأخيرة، عندما بدأت من حركة أحرار الشام الإسلامية والمنضوية في الجبهة الإسلامية، والتي رفضت الانضمام الى الشامية، لتتبعها كتائب الصفوة الإسلامية أحد أهم الفصائل الموجودة في حلب، ومن ثم الفوج الأول الذي يتشارك مع الصفوة بجبهات حلب القديمة، الى أن جاء أخرها وهي انشقاق كتائب ثوار الشام، وترافقت هذه الانشقاقات مع مشاكل عديدة، والتي كان أخرها المشاكل التي حصلت مع ثوار الشام.
لم يكن خبر حل الشامية لنفسها بالشيء المفاجئ، حيث شهدت المدينة قبلها فشل مشروع الجبهة الإسلامية، والتي كانت أيضا توحد إعلامي أكثر ما يكون توحد على الأرض، واستمر الفشل الى الجبهة الشامية، التي سجلت ثاني تجمع لا يحقق أي نجاحات عسكرية في مدينة حلب وريفها، يرجع مراقبون السبب في ذلك الى الداعمين، فكل فصيل له جهة تدعمه ولا ترضى أن تدعم أحد سواه، كما أن قادة الفصائل يخافون من انقطاع الدعم على أي توحد مع جهة أخرى.
بالمحصلة هناك حالة تشاؤم كبيرة من الوسط الثوري في مدينة حلب وريفها من الأوضاع في مدينة حلب، وكلام عن بُعد التوحد والتحرير للمدينة، أو على الأقل إبعاد النظام عن منطقة حندرات ومحيطها لمنعه من التقدم مرة أخرى لحصار حلب، وذلك بسبب التخبطات التي تجري على الأرض من احتقان ومشاكل بين الفصائل التي طالما تغنت بوحدة الصف والادعاء به.

محمد علاء