جهاد قصّاب: اللاعب الذي كرّمه النظام بالاعتقال

جهاد قصاب

زيتون – عمار الشاعر

يدخل السوريون عامهم السادس منذ مطالبتهم بحقوقهم في العيش بحرية وكرامة، ولا يزالون يدفعون ثمن ذلك، ولعل الجانب الأكثر كارثية وإيلاماً هو ملف المعتقلين والمغيّبين. ولم يكترث النظام لشخصيات سوريّة تعتبر رموزاً وطنيةً في الماضي، أمثال الرياضيين الذين حققوا نتائج لافتة لم تكن سوريا لتحلم أن تحققها، ومن هؤلاء نجم نادي الكرامة وقلب دفاعها اللاعب جهاد قصاب قلب دفاع المنتخب الوطني. ونادي الكرامة كان قد حل وصيفاً في البطولة الآسيوية عام 2006 بفضل جهود هذا اللاعب. 

ظروف الاعتقال
تعرض الشاب «محمد» للاعتقال في حمص أثناء عودته من عمله على حاجز تابع للأمن السياسي، ولم يكن يتوقع أنه سيرى نجم نادي الكرامة جهاد قصاب داخل المعتقل وقد تعرض للإهانة والتعذيب الجسدي والنفسي.
يقول محمد: في بداية الشهر التاسع من عام 2014 تم سوقي إلى فرع الأمن السياسي بعد أن قام عناصر أحد الحواجز التابعة للأمن السياسي بتفييش هويتي، وعندما أدخلوني إلى المهجع تفاجأت بوجه مألوف جداً، نعم إنه نجم المنتخب السوري جهاد قصاب ابن حي بابا عمرو الذي كان من أوائل الأحياء الثائرة على نظام الأسد القمعي.
يتابع محمد: كان جهاد إنساناً خلوقاً وكان يساعد المعتقلين بتدليك أرجلهم والقيام بالمساج لهم بعد تعرضهم للتعذيب، ولكنه كان يحمل حزناً شديداً وحسرة حارقة لما قابله به النظام بعد كل العطاءات والإنجازات الرياضية التي قدمها لوطنه.
يقول «جهاد قصاب» على لسان محمد: كنت أشعر بفخر كبير عندما أحرز هدفاً لوطني أو عندما أصد هجمات الفرق المنافسة، وبعد عطاء كبير تعرضت لإصابة تسببت باعتزالي، حتى أنهم لم يقدموا أي تعويض لي، ولم أعتب عليهم، لكن ما يؤلمني هو أن يتم اعتقالي وتعذيبي لمجرد أن أحد أقاربي الذين تم اعتقالهم اعترف – تحت التعذيب – أنني كنت أخرج بالمظاهرات. تم توجيه تهمتي التظاهر وحمل السلاح إلى جهاد بحسب محمد واضطر جهاد للاعتراف بذلك تحت التعذيب.

ليست حالة جهاد الوحيدة كونه رمز من رموز الكرة السورية، فالكثير من الرياضيين السوريين تعرضوا للاعتقال والمصير المجهول، ومنهم «عبد الرحمن صبوح» لاعب نادي الكرامة ومنتخب سوريا للناشئين، و»محمد سليمان» الملقب (سمّيرة) لاعب نادي مصفاة بانياس بكرة القدم وعامر حاج هاشم لاعب نادي الشرطة والمنتخب الوطني للشباب و»عمر خان» حارس مرمى نادي الوثبة ونادي سراقب و»أحمد العايق» لاعب شباب نادي الكرامة و»طارق عبد الحق» لاعب ناديي الشرطة وتشرين بكرة القدم، والقائمة تطول، عدا عن آلاف المدنيين.

جهاد يدفع الثمن
كان جهاد قد اعتقل قبل شهر واحد تقريباً من اعتقال محمد، يقول محمد: كان معنا عنصر من الدفاع الوطني في نفس المهجع، وتهمته أنه اختلف مع أحد الحواجز على السرقات وأطلق النار على الحاجز، ولكن كان لهذا العنصر سلطة مطلقة داخل المهجع.
يضيف: في يوم من الأيام طلب هذا العنصر من مدرس معتقل أن يحكي له حكاية تاريخية من باب التسلية، وكان جواب المدرس: «رجاءً اتركني بهمي» فما كان من هذا العنصر إلا أن يشتم المدرس ويعتدي عليه بالضرب، ولم يجرؤ أحد على الكلام، إلا لاعب نادي الكرامة «جهاد قصاب» الذي تصدى لهذا العنصر ودفعه نحو الجدار طالباً منه أن يحترم نفسه، فقام العنصر على الفور بالطرق على الباب منادياً السجان ليطلعه على الأمر، وهنا حلّ غضب الفرع بأكمله على «جهاد»
يختم محمد: تم أخذ جهاد على الفور إلى المنفردة، وبقينا نسمع صوته وهو يتعرض للتعذيب المستمر أسبوعاً كاملاً، وتم رفع التهم الموجه له من التظاهر وحمل السلاح إلى خطف ضابطين وقتلهم وسرقة سيارتيهما، وبعدها تم تحويل جهاد على الأثر إلى معتقل اللجنة الرباعية سيء السمعة في حي مساكن الشرطة، قبل أن يتم الإفراج عني.
أقرباء جهاد لا يعلمون مكانه
ياسر، كان قد اعتقل في فرع أمن الدولة، وتم تحويله بعدها إلى اللجنة الرباعية قبل أن يخرج من معتقلات الأسد ليجتمع مع جهاد قصاب داخل معتقل اللجنة الرباعية.
يقول ياسر: كان جهاد منهكاً وكانت آثار التعذيب واضحة على جسده المتعب، ولقد قام عناصر اللجنة الرباعية بتعذيبه أيضاً ليبصم على جرائم لم يفعلها ومنها قتل الضباط وسرقتهم، وعلى الفور تم تحويل جهاد إلى الأفرع الأمنية في دمشق، ولم يتم تحويله إلى أي محاكمة، وبعدها لا أعلم شيئاً عنه.
فيما يقول أبو محمود، وهو أحد أقرباء جهاد، ويقيم حالياً في تركيا: لم نترك باباً إلا وطرقناه منذ اللحظات الأولى لاعتقال جهاد، لكننا لم نتلقَّ أي رد إيجابي، وإلى الآن لا نعلم أين هو جهاد.
ويتابع أبو محمود: ما يؤلمني هو أطفال جهاد الأربعة والذين ينتظرون عودته كل يوم، وما يشعرني بالغصة هو أننا توجهنا لكادر نادي الكرامة الموجود حالياً في حمص ليساعدوا جهاد الذي قدم لناديهم الكثير، لكنهم تبرؤوا منه كلهم، حتى إنهم قالوا إن علاقتهم به كانت في إطار النادي فقط، وذلك لخشيتهم من الاعتقال أيضاً، لم أكن أتوقع أن الجبن والخسة تصل ببعض الناس إلى هذه الدرجة.
ويختم أبو محمود: لا نريد شيئاً منهم ولا من هذا النظام المجرم فقط نريد أن نعلم أين هو جهاد الآن بعد أكثر من عامين على اعتقاله، بل نريد أن نعلم فقط إن كان على قيد الحياة.

تعليق واحد

  1. #مدينة_حمص
    تزف لكم نبأ استشهاد لاعب نادي الكرامة الكابتن (جهاد قصاب)
    من لايعرف ابن #نادي_الكرامة صخرة الدفاع
    بعد اعتقاله لأكثرمن عامين اللاعب♥ جهاد قصاب ♥
    شهيدا جميلا باذن الله بعد ان تم تصفيته من قبل النظام الغادر الكافر
    في سجن صيدنايا
    تقبلك الله أيها البطل

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*