الإقامة المحدودة ولم الشمل يهددان آلاف العائلات السورية

14079830_530102953847456_3769976481800675657_n

خاص زيتون 

بعد أن عانوا ويلات الحرب، وتكبّدوا مشقة السفر، وعناء الغربة، وخسارة المبالغ الطائلة التي دفعوها في تكاليف السفر، وألم البعد عن الأهل والأحبة والخوف عليهم سواء أكانوا في بلدهم سوريا أو في بلدان اللجوء، ضاع كل ذلك سدىً، وبات حلم الكثير منهم في الالتقاء بعائلته مجدداً صعب المنال. 

وجاء ذلك بعد ظهور ما يعرف ب «الإقامة المحدودة أو الثانوية»، وبعد التعقيد الذي بات يشوب إجراءات الحصول على الإقامة ولم شمل الأسرة.
الحماية الثانوية
الحماية أو الإقامة المحدودة (الثانوية): هي مرحلة تسبق مباشرة حق اللجوء، وتسمح بمنح المهاجر إقامة لمدة سنة، قد تمدد تلقائيا ولمدة أقصاها 3 سنوات، واللاجئين الذي يحصلون على «حماية محدودة» لن يحق لهم استقدام عائلاتهم خلال السنتين المقبلتين، وهي حماية مقيدة يحصل عليها الشخص بسبب تعرضهم للتهديد والقمع في بلادهم ولكن لا يمنح صفة لاجئ ولا يخضع لاتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين، ولا يستطيع التقدم بطلب لجوء.
ما هو التغير الذي طرأ بعد ظهور الحماية الثانوية؟
قبل صدور قرار الحماية الثانوية في العديد من الدول الأوروبية، كان السوريون يحصلون على الحماية أو اللجوء بشكل شبه تلقائي، وكان يسمح لجميع اللاجئين بتقديم طلبات لم الشمل لأسرهم.
أما بعد صدور القرار، فقد تغيرت طبيعة تواجد اللاجئين السوريين بين شخص وآخر، وتختلف حتى جوازات سفرهم وألوانها وطبيعة الأوراق الثبوتية الخاصة بهم، وأصبح من يحصل على حماية محدودة لا يحق له لم شمل أسرته.
أسباب القرار
أولاً: ارتفاع أعداد اللاجئين بشكل كبير جداً.
ثانياً: رفض الشعوب الأوروبية لاستقبال هذه الأعداد من اللاجئين، إما من نظرة اقتصادية أو أمنية أو عنصرية..
ثالثاً: التفجيرات وحوادث الشغب التي حصلت في بعض الدول، وتم تبنيها من قبل تنظيم «داعش».
رابعاً: لا يخفَ على أحد حاجة شعوب قارة أوروبا «القارة العجوز»، إلى اليد العاملة السورية، وقيام بعض اللاجئين الذين حصوا على الإقامة بمغادرة دول لجوئهم إلى حيث تقيم عائلاتهم ريثما تحصل على إقامة أفرادها، وقد تم سحب الإقامة من عدد لا بأس به من اللاجئين في السويد لهذا السبب، وتم إلزام اللاجئين السوريين في ألمانيا والسويد وغيرها على العمل.
خامساً: صعوبة اندماج عدد من اللاجئين مع المجتمعات المضيفة، وصعوبة تعلم البعض للغات هذه المجتمعات.
وكان وزير الداخلية الألماني «توماس دي ميزيير» قد تقدم في تشرين الثاني من العام الماضي، بفكرة جعل شروط استقبال اللاجئين أصعب وطالب بأن يشمل ذلك السوريين. وقال «لا أحد يعرف كم شخصا في سوريا أو الدول المجاورة لها ينتظرون موافقة على طلباتهم للم شمل أسرهم».
القرار واللاجئين
أرسلت العائلات السورية التي كانت تحلم بالاستقرار والأمان وبمستقبلٍ مشرقٍ لأبنائها، أحد أفرادها «اب، أو الأم، أو طفل دون سن الثامنة عشرة»، وعاشت حالة من الخوف والهلع، ريثما أنهى رحلته في طريق «الهجرة من الموت إلى الموت»، آملةً في أن تنتهي معاناتهم، ويوضع حدٌّ لبعادهم بعد أشهرٍ من وصوله إلى هدفه.
وكثيراً ما فقدت العائلات السورية، من علّقت عليه آمالها وأحلامها في هذا الطريق، وفقدت بذلك أملها في النجاة من واقعٍ كانت تحاول الهروب منه، وتغييره نحو الأفضل، وأغلقت طرق الهجرة غير الشرعية، وباتت دولاً تتطلب فيزا، وأخرى تتطلب إقامة، وغيرها أغلقت أبوابها نهائياً.
ولكن الضربة التي تلقاها السوريين كانت بقرار الحماية المؤقتة، حيث تلاشت آمال وأحلام هذه العائلات، بعد أن انتظرت في بعض الأحيان قرابة العام ونصف، علماً أن قوانين الحصول على الإقامة كانت تتراوح بين شهرين إلى 10 أشهر، حسب الدولة.
إلى سوريا والسودان
واليوم وبعد انتظارٍ طويل وأحلام كثيرة، وبعد تحمّل روتين الأدوار في السفارات، ومزاجية المحقق المسؤول عن الملف، والأخطاء الكبيرة في توزيع فرص الإقامة بين اللاجئين، بات البعض في ظل الحماية المحدودة دون أدنى استقرار وبلا هدف أو خطة أو مستقبل.
واضطرّ البعض للعودة من منفاهم إلى سوريا وإعادة عائلاتهم ليكملوا حياتهم معاً تحت وطأة الحرب وظروفها في سوريا، بينما اضطرّ آخرون للبقاء دون رؤية عائلاتهم بسبب القوانين التي فرضت في الدول التي يقيمون فيها، على أمل أن يحدث تغييرٍ لصالح اللاجئين، أو بغية إجراء محاولات استئنافٍ لتغيير القرار.
وقسمٌ آخر لجأ إلى السودان وغيرها من الدول التي لا تتطلب فيزا وتعقيداتٍ في إجراءات السوريين فيها، أما القسم الأخير فقد ضحى بعائلته وحدث انفصال أو شرخ داخلها.
سيران اللجوء
وفي هذا السياق، كتب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي «صدقوا أن النزهة بين تركيا وجزر اليونان ستكون على متن يخت سياحي، والطريق بين أثينا وشمال صربيا هو سيران يوم الجمعة، وأن المهربين خريجو السوربون».
«صدقوا أن الشرطة الهنغارية لن تدوس على رقابهم، قبل أن تشحطهم ليبصموا في مكاتب اللجوء، وأن الشرطة النمساوية ستدغدغهم وتلحمس على شنباتهم ولن تضع كلبجات بدري في أيديهم».
«صدقوا أن اللاجئين الألبان والأفغان وغيرهم لن يسرقوا نقودهم وهواتفهم وكحل عيونهم، وأن نهاية رحلتهم تستحق منهم المغامرة، وأن مراكز اللجوء في ألمانيا آمنة ولا يعتدي عليها الألمان ولن يحرقون الخيام».
وتجدر الإشارة إلى أن قرار الحماية المحدودة، بالإضافة إلى العديد من القرارات التي صدرت في دول أوروبية عدة، والتي كان الهدف منها هو التضييق على اللاجئين السوريين والحدّ من تدفقهم، كانت قد صدرت مطلع العام الحالي 2016.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*