السويداء: ملثمون في الأزقة وحشيش في الشوارع

السويدا

خاص زيتون 

تعتبر السويداء من المحافظات التي بقيت بعيدة نوعاً ما عن تأثيرات الحرب المندلعة في سوريا منذ ما يقارب الخمس سنوات، والتي شابهت فيها المحافظة، ذات الغالبية الدرزية، في ذلك محافظات أخرى أهمها الساحلية، في حين بدت تأثيرات أخرى للحرب وإن كانت أقرب إلى «غير المباشرة» تلقي بظلالها على مناطق جبل العرب في المدينة والريف، على الرغم من السطوة الأمنية الكبيرة للنظام السوري والميليشيات التي جندها هناك. 

ملثمو الشوارع
من بين أهم الظواهر التي باتت تهدد حياة السكان في السويداء ظاهرة انتشار عصابات السرقة وقطاع الطرق المعروفين بـ»الملثمين» وهم عبارة عن مجموعة من أصحاب السوابق والمجرمين، ممن امتهنوا بشكل احترافي عمليات السرقة والنصب والاحتيال على الناس كوسيلة للعيش، إلا أن الغريب في الأمر هو انتشار هذه الظاهرة على مرأى سلطات أمن النظام والميليشيات الشعبية الموالية له والمسيطرة على كافة مناحي الحياة في جبل العرب، بمدينته وريفه.
وتشير التقارير والمعلومات الواردة من المحافظة، والتي أكدها ناشطون منها، إلى أن أكثر من 700 حالة سرقة ونشل وسطو سجلت فقط في مدينة السويداء، عدا الأرياف، خلال الشهر الحالي آب / أغسطس من العام 2016، بينما سجل أكثر من هذا الرقم خلال الشهر السابق، وهو ما اعتبرته الناشطة ميس بلان من المحافظة بأنه أمر يرجع إلى «فشل السيطرة الأمنية على المحافظة، نتيجة وقوع هذه الجرائم على مرأى سلطات النظام والقوى الموالية له، في حين بات السكان يضيقون ذرعاً بعصابات السرقة والسطو المذكورة دون جدوى».
وتضيف بلان «مجموعة كبيرة من الجرائم باتت تنتشر في السويداء، وهي بالفعل تسجل رقماً مرتفعاً حتى أنه غير موجود في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بينما يتواجد في السويداء جيش الأسد وقواته الأمنية الأخرى، فضلا عن اللجان الشعبية والدفاع الوطني التي أنشأها، والتي تردنا معلومات شبه مؤكدة عن اشتراك عدد منها في التغطية على عصابات السرقة والنشل المذكورة، والتي باتت تمارس أفعالها المشينة على الملأ ضمن أحياء تتواجد فيها حواجز أمنية وعسكرية، وإذا ما تم إبلاغ سلطات الأسد وميليشياته يكون الجواب بكل بساطة: نحن لا نستطيع فعل شيء!!».
سرقة وسلب وحشيش
ويضيف زاهر عز الدين في حديث آخر حول ظواهر مماثلة «السويداء التي كانت عنواناً للأمن والأمان، باتت الآن مرتعاً للمجرمين. عشرات عمليات السرقة والسلب من قبل مجهولين والتي تطال سيارات ودراجات نارية وحيوانات داجنة وأدوات منزلية، وخصوصاً في الأرياف، بالإضافة إلى عمليات خطف مقابل فدية، ناهيك عن تجارة الحشيش والمخدرات والسلاح، كل شيء سلبي رائج باختصار، كل مظاهر الجريمة متوفرة في الشوارع والناس لا تقدر على فعل شيء».
واعتبر عز الدين أن «السويداء تعيش حالياً حالة من الفوضى لا مثيل لها منذ انطلاق الاحتجاجات في سوريا، وسط حالة من غياب مظاهر الأمن على الرغم من تذرع قوات الأسد وميليشياتها، لا سيما الأمن العسكري، بأنها تمسك كافة الأمور في المحافظة».
غلاء فاحش
ويقول مصطفى خ. وهو نازح من درعا، مقيم في السويداء منذ سنتين تقريباً بأن الوضع الحالي في المحافظة ليس كالسابق له، إبان فترة النزوح الأولى خلال العام 2014م، ويضيف موضحاً: «كان كل شيء متوفر في السابق، أما الآن فهناك غلاء فاحش للمواد الغذائية والطبية وتحليق بأسعار المواد، بالإضافة إلى تفاوت كبير في مستوى معيشة الناس، وهو ما أدى بنا إلى أحوال مزرية نحن النازحين إلى المحافظة كأناس بسطاء، فضلا عن تعرض أموال لنا هنا أيضاً للسرقة، كالسيارات والدراجات النارية».
وفي الوقت الذي يتهم فيه ناشطو المحافظة نظام الأسد في حكومته وسلطاته وميليشياته التابعة له بأنه مصدر الفوضى القائمة، يؤكد الناشطون بأن استمرار الحال على ما هو عليه من شأنه أن يؤدي إلى وضع السويداء على «صفيح ساخن» قد يؤدي إلى تفجير الأوضاع فيها خلال مراحل قادمة.

تفيد بعض التقديرات بأن عدد سكانها مدينة السويداء وحدها بات في حدود 200 ألف نسمة، بينما تجاوز عدد سكان المحافظة ككل عتبة 450 ألف نسمة مع توافد النازحين خلال مرحلة الثورة، يشتكي العديد من المواطنين والنازحين ما قالوا إنه “التعتيم الإعلامي” على مشكلة النزوح للمحافظة، وعلى إمكاناتهم الضعيفة في الحصول على لقمة عيشهم، في ظل شح الدعم الإغاثي المقدم لهم. وبحسب مصادر ميدانية، فقد بلغ عدد الأُسر الوافدة إلى مراكز الهلال الأحمر العربي السوري في السويداء حوالي 12 ألف أسرة حتى مطلع العام 2016م، وهؤلاء كما أشير يتكفل الهلال الأحمر بتقديم العون الإغاثي والصحي لهم، وتأمين المتوفر من المساعدات بالتنسيق مع الجهات الدولية والتابعة للنظام السوري. من جهة أخرى، يتحدث النازحون في السويداء عن إشكالات تواجههم من قبيل الاستغلال والابتزاز، سواء في مجال الحصول على سكن بالأجرة، أو من حيث الحصول على لقمة يومهم، بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار الفاحش تحتضن محافظة السويداء حالياً أكثر من 67 ألف نازح من كافة المناطق السورية، تأتي درعا المجاورة على قائمة الترتيب تليها ريف دمشق ودمشق ومن ثم القنيطرة بحسب نشطاء.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*