ربيع ثوبها لكلّ الفصول

14370298_751489621657384_1359585787928491648_n

زيتون – سلوى محفوظ كيّالي

أقدامها تغوص في طين الشتاء كالمعتاد وأكثر

مَن في بطنها أعلن منذ أيّام رفسته الأولى، بين يديها ما تنثر، على ظهرها ينام كوم لحم، عمره عام ونصف، سَمِيُّ جدّه إبراهيم.

زوجها، أبو إبراهيم، هو ابن عمّها، عالي الجبين، شيخ الشباب، أغلى من الروح، تاج الرأس، المعلّم ( في المدرسة الوحيدة الصفّ)، غائب.

غائب، منذ أربعة شهور، بصمت تلوك دموعها، وترقب الدرب القِبليّ.

من الدرب القِبليّ سار، لم يلتفت إلى الخلف، بعد أن قال لها: «لا تخافي!».

الخوف يملأ الهواء وأكثر 

الهدوء يصعّد الخوف فتسترجع أمّ إبراهيم احتياطاتها: «لو وصل جيش الشبّيحة، أحتمي بجرّة الغاز، أقذف لهبها في وجوههم، إن دخلوا. أضع إبراهيم على الأرض وأنكبّ فوقه، إن سمعتُ الطائرة».

الانتظار يتعب الحواس وأكثر.

مَن سوف يصل قبل قارس البرد؟ براميل الطائرة أم الشبّيحة؟ لا، لن يأتوا، ولكنّها تنتظر.

الموت يمسح الأرض وأكثر

إخوتها، شقيق زوجها وزوجته ورضيعهما، قُتلوا، بقرة جارتها أمّ صالح وحمارها، الصفّ الوحيد في القرية، المئذنة، (وكانت تعتقد أنّها لا يمكن أن تسقط) 

المقبرة، البئر الغربيّة، موسم الكمّون…

النزوح يمتصّ ماء القرية وأكثر

طمأنوا بعضهم بعودة قريبة، ما أخذوا شيئاً من مونة الشتاء، أوصوا من بقي، ومنهم أمّ إبراهيم: «ديري بالك»

المطر يبلّل وجهها وأكثر

تنثر على وجه الأرض، ترمق الدرب، تنتظر، بغتة، تبتسم، لا أحد في الأفق، لكنّ، ثوبها المطليّ بزهور الربيع، يحسّ أنّ في داخل بطنها رفسة رفستان وأكثر.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*