(بابا ما بستني من هون)

14459812_1117499368332117_1162511329_n

زيتون – رزق العبي

مشيرةٍ إلى خدّها الآخر، بعدما غار لأنه لم يُهدى بقبلة، وجملة أخرى فحواها؛ (بابا رايح؟)، وأيضاً؛ (بابا خدني معك)؛ وحده صوت الطفلة كان يخيّم على اللحظات الأخيرة التي غادر فيها المقاتل محمد الطبش بيته ذاهباً إلى أرض المعركة.

صمته على عتبة الباب وهو يلبس حذاءه، وحركة رأسه التي تنذرُ بأن شيئاً ما سيحصل كانتا كفيلتان بأنه على موعد مع الموت بعد قليل.

«الطبش» واحداً من 21 مقاتلاً فُجعت بهم كفرنبل، الأسبوع الماضي، بعدما استشهدوا على تخوم طيبة الإمام بريف حماة، إثر غارة جوية.

لكلٍّ منهم قصته، ولكلٍّ منهم بيت وأهل، إلّا أنهم اتفقوا جميعاً على الموت في الزمان والمكان نفسه، فشاطروا بعضهم المصير، وتركوا كفرنبل مصعوقة في ذلك اليوم.

تغربُ الشمس، في أيلول، شهر الغياب، لتبدأ مآذن المدينة بعدّ أسمائهم واحداً واحداً، ثمّ يصمت الجميع، كأنها مدينة ما فيها 100 ألف نسمة، حدادٌ عام أصاب القلوب، والحزن الأكبر أن الشهداء اختاروا مكانهم، ولم يكلّفوا أحداً بتكاليف الدفن، فظلّوا في الغار، يتساءلون متى تُبعث هذي البلاد محررة من الطغيان.

وفي بيتٍ عزاء واحد للرجال، وبيوت عزاء للنساء، لملمت كفرنبل حزنها، ودثّرته بالذهول، ليبقى إخوة الغار في غارهم يرقدون.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*