صيد الطيور.. الهواية التي تكرهها الحرب

14686681_729188397228994_682137338_n

زيتون – وسيم درويش 

صيد الطيور، هي واحدة من الهوايات التي يمارسها الناس في محافظة ادلب وينتظرون موسمها على بفارغ الصبر، وهي عند بعض العائلات فن لابد من تعليمه لأولادهم منذ نعومة أظافرهم وبالنسبة للبعض الآخر هي إدمان يتخطّى كل الخطوط الحمراء بممارسته، قلا توقفهم عنها لا القوانين ولا حتى الحروب.

صيد الطيور، هي واحدة من الهوايات التي يمارسها الناس في محافظة ادلب وينتظرون موسمها على بفارغ الصبر، وهي عند بعض العائلات فن لابد من تعليمه لأولادهم منذ نعومة أظافرهم وبالنسبة للبعض الآخر هي إدمان يتخطّى كل الخطوط الحمراء بممارسته، قلا توقفهم عنها لا القوانين ولا حتى الحروب.
الصياد يكون بالعادة عارفاً بكثير من الأحوال التي تخفى على الآخرين فكثرت تنقله في البحث عن أراضي الصيد تجعله عالماً بتضاريسها، ويلتقي بالناس من شتى المناطق، يعرف أحوالهم ولغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومصادر رزقهم ويحفظ الأسماء والمناطق وموارد المياه والأماكن المأهولة وغير المأهولة.
يبدأ موسم الصيد في الأول من شهر أيلول من كلّ عام وينتهي منتصف شهر شباط، حيث يكون قد بدأ موسم التزاوج لكافة أنواع الطرائد التي يحبّذها الصيادون، وهو ما يحتم حسب أخلاقهم التوقف عن مزاولة هوايتهم حفاظاً على الأنواع من الانقراض، وتلك الفترة الممتدة في فصلي الخريف والشتاء يستغلها مدمني الصيد بمغامرات لا يمكنهم العيش دونها.
الحجل والفري والوروار والدرغل، هي من أبرز وأثمن أنواع الطيور التي ينتظرها ويلاحقها الصيادون في إدلب، وتختلف أماكن صيدها باختلاف أنواعها، ففي حين يتركز تموضع طيور الحجل في المناطق الجبلية، وأهمها جبل الزاوية، تجد أن سبخة أبو الضهور من أغنى المناطق على الإطلاق بالطيور البرية المهاجر في فصل الشتاء من الشمال إلى الجنوب كالبطّ البرّي و الوزّ البري، وهناك أيضا مناطق أخرى كسد قسطون ومناطق في جسر الشغور تعتبر من الأماكن ذات الطرائد، عدا عن الأرانب البرية وعصافير التين ذات الشعبية الأكبر من حيث مذاقها اللذيذ وكثرة عددها وتوافرها على مدار العام.
لم يكن الصيد مسموحاً ولا بأي شكل من الأشكال ما قبل الثورة، حيث كانت القوانين حازمة بحق الصيادين وتجار بنادق الصيد، ولكن هذا لم يكن يمنع عشّاق هذه الهواية من المخاطرة والمغامرة، يقول «عبد الباري الخطيب» وهو الذي يمارس هذه الهواية منذ 25 عاماً: كنا نذهب برحلات صيد سريّة للغاية وباعتبار الصيادين على معرفة ببعضهم في أغلب المناطق، فقد كان التنسيق بيننا في تنظيم الرحلات على درجة عالية من التكتيك والمهارة، وأغلب المناطق التي كنا نقصدها هي البادية وتدمر حيث تعتبر فيها منطقة أبو رجمين وجبال البلعاس مكاناً للتنافس فيما بيننا، ويضيف ضاحكاً: حقول شاعر النفطية كانت فقط عبارة عن آبار محفورة لا تستثمر وقد كنا نبني خياماً بجانبها لقضاء فترة تتجاوز عشرة أيام في رحلات صيدنا التي اشتقنا لها.
وعن واقع الصيد بعد قيام الثورة وفي ظلّ احتدام الوضع الأمني يوق عبد الباري: بعد الثورة انحصرت رحلات الصيد في مناطقنا حيث لم يعد بالإمكان التنقل كما في الأمس القريب، وما زاد في الطين بلّة أن مناطقنا أصبحت ملاذاً للنازحين ومن بينهم عشرات الصيادين، ذلك الأمر أدى لضيق المساحات وكثر عدد الصيادين فيها، والذي انعكس على سلباً على وضع الطيور والحيوانات البرية المقيمة، حيث بات أغلبها مهدداً بالإنقراض كطير الحجل والحسون، وأهمها طير الحسّون الذي قلّت أعداده بنسبة تزيد عن 95 %، ويعود السبب في ذلك لتعدي بعض الصيادين واصطيادهم بالشبك لاستعماله في تهجين طيور الكناري، أو بيعه للتجّار للخارج واستلام ثمنه بالدولار.
أدوات الصيد:
بارودة الصيد الهوائية أو بارودة الضغط (جفت الصيد) من أبرز الأسلحة التي يستعملها الصيادون، وتتعدد ذخيرتها حسب الحاجة، ويحمل كل صياد معه عادة إما بارودة واحدة أو بارودتين مختلفتين في النوع، كما يرتدي سترة خاصة لتخزين طلقات هذه البواريد والتي يطلق عليها اسم الفشك أو الخرطوش.
ولطلعات الصيد طرائق حسبما يقول إسراء محروق: الخيمة وعدة الكيف كما وهي عبارة عن ابريق الشاي وسكر وفي أغلب الأحيان مخصصات الشواء من سياخ وشبكة بالإضافة لأواني المياه وأيضا أجهزة جمع العصافير MP3 وكل ما تتطلبه الرحلة من وسائل للترفيه كالكاميرا والعصائر، فرحلة الصيد بحد ذاتها هي رحلة للتسلية وإعادة النشاط.
كانت كلاب الصيد رفيقاً لا يمكن الذهاب دونه، ولكن هذا الفلكلور انتهى أثناء الثورة بسبب قلّة الاهتمام بها نتيجة للأوضاع الراهنة، وهنا يقول إسراء: في كثير من الأحيان لانجد مكاناً آمناً لأنفسنا لنعيش فيه فكيف لتلك الكلاب المسكينة التي أعتقد أن أغلبها قد غادر المنطقة هارباً من قصف الطائرات الوحشي الذي لا يميز بين حيوان أو إنسان.
مع ساعات الفجر يبدأ الصيد:
أبو أيمن، يتحدث عن الوقت الذي يبدأ فيه الصياد رحلته، والتي غالباً ما تبدأ بعد منتصف الليل بساعتين: تبدأ عادة رحلة الصيد عند الثالثة فجراً إلى المنطقة التي تكون قد حُدّدت مسبقاً، ويجهّز كل منا بارودة صيده وسترته التي تحتوي على مخازن للفشك بالاضافة لعلب السجائر وعدة الشاي والقهوة وبعض الصندويشات للفطور، ومع وصولنا للمنطقة يأخذ كل فرد من المجموعة مكاناً مميزاً قبل أن يسبقنا إليه الصيادون، وهناك نشغّل تغريدات العصافير عبر جوّالاتنا أو راديو لجذب الطير إلى موقعنا ويمكننا أيضاً أن نصفّر ونقلّد الصوت، وتبدأ رحلة المطاردة التي تتطلب منّا تركيزاً كاملاً لرصد مكان الطير والقدرة على التصويب، فأهم أمر في الصيد هو الخبرة الكبيرة والقدرة على التخفي قدر الإمكان عن الطير كي لا يهرب.
يختار الصيادون موقعاً له عدّة شروط كالمساحة الواسعة جداً كي يستطيعوا أن يتحرّكوا بسهولة وحرية والأهم ألا يتعدّوا على نطاق صياد آخر.
يتابع في هذا السياق أبو أيمن: هناك اتفاقية اسمها «الجنتلمان» التي تسود بين الصيادين وتنصّ على ابتعاد كل صياد عن الآخر لمسافة تتراوح بين الـ 40 إلى 50 متراً على الأقل، لتجنب حدوث أية مشاكل بينهم، أما سلاح الصيد فهو سلاح شخصي لا يمكن أن يعيره الصياد لصياد آخر.

تعليق واحد

  1. الله الله على زمن ولى من اروع الفترات

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*