زمن العرب

%d8%ad%d8%b5%d8%a7%d9%86-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%a9-%d8%ae%d9%8a%d9%88%d9%84-%d9%81%d8%b1%d8%b3%d8%a9-ghlasa-com-20

زيتون – عبد العزيز الموسى 

المفروض أن زمن العرب بما كان عليه انتهى! وانتهى زمن الدجل والتضليل والشطح والمبالغات المسيئة للذوق كما هي في وسائل الإعلام ومنه شكلت منجزات عربية شطاحة متخيلة ما زالت تساهم بخفض منسوب الذكاء العالمي!
العصر الذي تقول فيه على هواك وعلى هوى أغراضك وعلى مزاجك راح! عصر لا يحاسبك فيه أحد ولا يقول لك فيه أحد أنت كذاب انتهى يا محترم. نعرف أن الذهنية العربية تربّت على أن تشطح، تسرح وتتهم وتسب وتركض في كل الساحات عدا ساحة السلطان!.
يقول محمد المنسي قنديل في مقالة عن اليمن السعيد أن الزمن العربي السعيد مربوط بالهلال العربي وبالماء العربي والقمر العربي رفيق السمر بشعاعه الفضي وبعده الموحي بالضباب وبالماء وبسدّ مأرب المعجز، مربوط بزمن ما قبل السد وبعد السد. وعلى سيرة السد ذكر أن الخضرة التي حفت بالسد تواصلت لمسير ثلاثة أشهر. هنا أتوقف ليس بسبب عصور شتات العرب التي أعقبت انهدام مأرب، بل أتوقف عند مسير الأشهر الثلاثة التي يخضرها السد ويرويها، مساحة شاسعة، مملكة الخضرة هنا أوسع من مملكة البعل الإله كلها.
الطبري لم يخطر له ولو من باب الخاطر أن يسأل حاله ونحن لا نطالبه بتاريخ مقارن ولا نقد تاريخي، مجرد سؤال أو محاكمة عامية ساذجة. فعلى زعمه أن سد مأرب كان يسقي شمال بغداد وأقدام طوروس شمال سوريا، أي هراء! سد سماوي؟
على ما أحسب وأخمن وأزعم، لم يكن سد مأرب أكثر من كومة أحجار ردموا بها سرير وادي ضيّق لحجز السيل أطول فترة ممكنة بقصد الاستفادة من مائه في غير مواسم المطر لزراعة أرض الوادي وسقاية الأشجار والقات على ضفتيه! ربما تحسن وضع الأحجار فزيدت كميتها بعد تلمسهم المردود الناجع للماء في غير وقته! وعلى ما أحسب لا تتعدى هذه الظاهرة العربية العجيبة مهما شطح الخيال وصال حدود قرية زراعية صغيرة أو حدود وادي القرية وليس أكثر من هذا! لكن كيف صار هذا السد أسطورة بلا تخوم ولا حدود مترافقاً بمبالغات محفوفة بحكايات وأساطير وتواريخ مبتكرة تؤرخ للمعمورة كلها اعتباراً منه فهو ما نعنيه تماماً بالزمن العربي المتمترس وراء صلف المبالغات والواقف بعناد في وجه الفكر حتى الآن. عنزة ولو طارت! وعندما تكون بحضرة آلة قاهرة غبية تدوس عليك ولا يسألها أحد ولا تسأل بدورها أحداً فأنت تعيش الزمن العربي ومنه فهويتك العربية مرشحة للانقراض .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*