حلم \خبر عاجل

maxresdefault

المعقول هو غير معقول، وبالعكس. كذا واقعنا الجديد. ولأنّ الصدق الفنّي ينبع من الواقع حاملاً قوانينه، يأتي هذه النصّ بأسلوبه منسجماً مع غرابته، لسوريّ يعيش جسده خارج الحدود.
المحرر الثقافي

زيتون – فرحان زرزور 

أصحو غيرَ مدرك أين أنا، الغبار يعميني ويخدش سواد عينيّ، ما كلّ هذا الضغط كيف لعظامي أن تحتمل؟!
إنّي أُسحق، الخدر يتسلّل من أطرافي السفليّة نتيجة الثقل عليها وحرارة الدماء تسيل من جزئي العلويّ ورأسي، ها أنا مقسوم بين الفروق، استأصل الغبار من عيني:
– «ما أكبر هذه الحُصيّة!»
كم هذا ساخر!
إنّي أُولد من رحم الخراب، أعلم أنّي ما زلت عالقاً، لكنّي أبصر السماء، لا يمكنني تحديد الوقت، هذا الهواء البارد، يقول: إنّها الثالثة فجراً، لكنّ سواد السماء يكذّبه.
لماذا توقّف الأنين؟! أتلمّس بيدي الكفيفتين ما حولي، وأجد قطعة دافئة إنّها إصبع غياث، يا لحظّك! بقيتُ أشهراً أدعوك ولم تأتِ إلّا اليوم (البارحة)، أشدّ الإصبع. يستمرّ الأنين لم يمت بعد. لكن، ماذا لو تأخّر الإنقاذ وانقطع الأنين نهائيّاً؟!
ما زلت مثبّتاً كشجرة، طعم الدماء مقزّز (كيف لمصّاصي الدماء أن يكونوا متعطّشين له بهذه الدرجة!؟) أبصق الدماء التي تسيل من وجهي وتدخل فمي، أشدّ إصبعه البارزة كإشارة من بين الركام أشدّها.. ها! تنقطع ولم تسلِ الدماء منها، إنّها تنبت من جديد، لكنّها نظيفة!
القوّة تتسلّل تفجّرني كشعلة نيران، ورجلاي تدفعان الركام إنّي أحركهما بعد شلل، بطلٌ خارقٌ، سأنقذ غياث بقوّتي، وكلّ من تحت البناء. تحرّرت من عجزي، لكنّي أطير صاعداً كبالون خفيف، إنّها أمنياتي تتحقّق، أطير مُعلنا حرّيّتي، أغمض عينيّ الاثنتين، لكنّي أرتطم بسقف، وأجنحتي الوهميّة تتكسّر، أسقط لاهثاً وأتمنّى في سرّيّ ألّا أكون قنبلة أخرى تسقط على غياث.
أقتربُ، ويقترب، أحدهم يصيح باسمي، صوته غير واضح، أصحو! ولم يبقَ من الحلم سوى اللهاث، زوجتي تصيح باسمي، أتركُها، وأفتح التلفاز: «صاروخ ارتجاجيّ يزلزل الأحياء الشرقيّة في حلب».
أنا هنا، وهم هناك، ها أنا مقسوم بين الفروق مجدّداً!

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*