الجزء الثاني من رواية «الجوخي» للكاتب عبد العزيز الموسى

%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d8%ac-%d8%a3%d8%a8%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d9%8a%d8%b4-%d9%88%d8%b9%d8%b7%d9%81%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b3%d9%83%d9%8a%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%87%d9%84

ذراع ابن أخت أمون شعبو ومن ورائه ذراع رحمو شقيق الهندية المطّلقة السمراء أمسكا بقفل يد المختار المشرعة وثبّتاها حيث هي في الهواء فوق رأس أمون الحمدو تماماً،  شعبو قال لأبي شريف مهّوناً في محاولة لامتصاص نظرته اللاهبة.
أمسح وجهك بالرحمن يا مختار هي مجرد امرأة.. امرأة وحسب يا مختار.
أبو شريف من جهته مسح وجهه بالرحمن لكن لهاثه تضاعف بالغضب واللهاث على السواء.

تساءل أبو شريف وقد غادر الجميع، ابن مريوم العوراء يمسك يدي ! يكاد يبكي في داخله من لؤم يتصعّد في كل خلايا جسده ويحسّ سريانه فيه مثل السم الهاري.
لست مرهقاً لهذه الدرجة قال لنفسه، لكنه وجه ابن العوراء العدواني كوجه كلب رمضون عندما يكشّر، ألم تلاحظ نظرته التي تنقط سمّاً يا مختار؟
ما هذا يا مختار؟ هل هذه هي المغارة التي أنت مختارها؟ إنها أمون يا مختار، أمون التهمت صلاحياتك كلها، البساتين استولت عليها، الآبار، حتى العنابر والقصر بطوله وعرضه ووصلت صلاحياتها للفلاحين يا مختار؟
ليس الأمر عارضاً، هناك الذي أوراهم عليك، لا تغالط نفسك بأنك تصرفت بحكمة واعتدال ! آه يا مختار ما أسوأ الاعتدال إذا كنا لا نطيق غيره.

ملامح شعبو القاسية لا توحي بأنها إهانتك الأخيرة يا مختار، أية حكمة تدعيها لو ارتبط هذا الذي صار بزوجة أحد فلاحي المغارة، أعرف كم كنت ستسوطها حتى تكل ذراعك وسيثني زوجها عليك بل ويدعو الله أن يسلم يدك عندما تنتقم له أو هذا ما يدّعيه، لكن هذه المرة فالأمر اختلف، اختلف كثيراً يا مختار! أمام عينيك انتفضت شوارب شعبو ابن أخت أمون شواربه التي أمرعتها أمون على طشتْ البك وبحضورك يا مختار، هل صرت جزءاً من مهمة أمون في قصر التل يا مختار؟

أبو شريف طوى سوطه ثم زفر، شعر أنه محموم، تبوّل دون أن يكون آسفاً على فوات صلاة المغرب موصياً ملامحه المضطربة بأن يكون حذراً أكثر مما كان، واعتباراً من هذه الليلة هناك أمون يا مختار، وهناك الهندية التي هي محور العلاقة القوية بين شعبو ورحمو، شعر أبو شريف بالارتياح وقد تخفف من ثقل مثانته.

لا، لن أشكوهم للبك، سأكشف عن قصر ذراعي وقدري في المغارة لو فعلت وسأفتح بذلك ممراً سهلاً يسلكه أقل الناس نحوي خاصة إذا احمرت العيون وأنت بلا عزوة تشدّ أزرك وتنصرك! أنت غريب ومختار بمرسوم من البك.
في داخل أبي شريف همّة حانقة لجلد رحمو بسوطه أكثر من حمار حاج سطوف، مرّعت فيه الحمى هذه الشطحات وقرر في نفسه ورأسه على الوسادة أنّ للمغارة مختاراً واحداً، قالها لنفسه بتحدٍّ ليواسي جوارحه المهانة بالمذلة التي تسلّلت إليها وجبينه مثل بصّة النار من الحمّى.

أقسمت مريوم بولّي الله الجوخي ورأس ولدها شعبو أنها رأت بعينها اليتيمة السحر الذي نّبشه ابن الشيخ طه من تحت كعب خابية الماء وأقسمت أنه ملفوف بعناية داخل بيت من جلد عتيق تم قصّه من مداس رجل صالح وأقسمت أن ابن طه قرأه بحضورها، قالت مريوم ما قالت وهي تدفع بكف معروقة ذيل غطاء رأسها المكرنش خلسة للوراء لتحجب به عينها العوراء التي لا تسعفها في توكيد مصداقية تعابير الهلع التي تريد إيصالها، أمون لم ترد ومع كل الحماس الذي أبدته مريوم أدارت وجهها ونفضْت غطاء صدرها دون حماس لإبعاد احتمالات الارتياب بالهندية ثم عاودت توجيم ملامح سحنتها لتدلل عن تفاهة ما ساقته مريوم على سمعها.

أمون لا تريد أن يبدو عليها أنها فوجئت أو اندهشت، يفترض أنها ملمّة بكل شيء وهي بذلك ليست مضطرة لتستجيب فوراً بما تلغط به نسوة المغارة على المزابل، ثم ليس مستحسناً أن تكشّ أو تهش لأي كلام ما لم يكن كلام البك شخصياً. بالعدوى من البك اكتسبت هذه السحنة باعتبارها المشرفة على اهتماماته في حضوره وغيابه، ليس لائقاً أن تتعامل مع الخلق إلا باستعلاء ولا مبالاة مثل البك الذي يسكت مواجهة الفلاحين المتوسّلين، يلغطون ويلغطون وهو ساكت ينافقون ويكذبون والبك ساكت ويعرف لأنها سمعته أكثر من مرة يوصي وكيل حسابات المغارة مؤكداً:

لا تنفعل من أجلهم يا عصمان ولا تسمع لكل ما يصدر عنهم لكن إياك أن تمنعهم يا عصمان، الفقراء لا مشاعر لهم وأحاديثهم مختلفة يا عصمان.

يتبع..

تعليق واحد

  1. ase4367 scrive::Dovete anche tener presente che alla fine degli anni 80 il milan aveva si molti abbonati ma non dimenticate che molte tessere e biglietti(allora fortunatamente non esisteva il nome sul biglietto)erano “comprate” dalle aziende del gruppo,si parlava di migliaia abbneamonti……Non comprate, REGALATE.E questo lo so per certo perchè mi è stato detto da una dipendente Cariplo conosciuta per caso.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*