زيتون – بشار فستق
تُستخدم الجوائز الثقافيّة لأغراض سياسيّة متعدّدة، فمنها لتعزيز مواقف لجماعات أو أفراد، ومنها لاستبعاد التركيز عن غيرها. وتختصّ الأنظمة القمعيّة بابتداع جوائز وتكريمات تلمّعها، وتمجّد رموزها، وتحاول عبرها رسم صورة مغايرة للواقع، إلى درجة إلغاء الحقائق، وكتابة تاريخ آخر.
كما أُنشئت جوائز ومهرجانات ومَعارض باسم ابن حافظ الأسد، الذي لا يمتلك أيّة صفة رسميّة، أو قيمة فكريّة، سوى أنّه مات بحادث سيّارة كان يقودها بسرعة كبيرة. فصار باسمه جوائز للإبداع والتفوّق، وتحوّلت أسماء مهرجانات ومسابقات ومعاهد وجمعيّات إلى اسمه، وصار شهيداً، وتندّر السوريّون بطول سلسلة الصفات التي يحملها قبل اسمه، فقد سبق عمّه رفعت، ولا أحد يدري كيف ومتى وأين كانوا يحصلون على شهادة الدكتوراه التي صارت في سورية هزلاً، ومضرب مثل في السخرية ممن حملها وهو لا يفقه شيئاً.
كذلك الأوسمة التي لطالما مُنحت بأشكال مشوّهة، فقد نال فنّانون أوسمة رفيعة لأنّهم كانوا ينفّذون ما تريده السلطة، ويرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالأجهزة الأمنيّة مثل دريد لحّام، أو لإسكاتهم كالسيّدة منى واصف، بعد مشاركتها ثمّ انسحابها ممّا عرف في بداية الثورة السوريّة بـ «بيان الحليب» الذي وقّعه فنّانون إدانة لحصار درعا ومنع الغذاء عنها.
يتسابق أمثال هؤلاء إلى مديح رئيسهم والمطالبة بأن يَقتل أكثر، كأنّما ينقصه هذا، ويعطيهم المناصب التي تتيح لهم الظهور أكثر، كأنّما لا ذاكرة للناس! فعندما يطالب نجدت أنزور كما طالب أحمد حسّون (مفتي الأسد) بالمزيد من القصف، ماذا ينتظر بالمقابل ممّن يُقصفون اليوم؟ هل سيعامل الناس والتاريخ أمثال هؤلاء معاملة أخرى غير بقيّة أفراد العصابة القاتلة؟.
كلّ الجوائز والأوسمة والمهرجانات لن ترفع من قيمة المجرمين قيد أنملة، لن تبيّض صفحاتهم المطليّة بالعار والدم، عار الخيانة ودم السوريّين، ولن تمحي آثار وقوفهم في صفّ القاتل كشركاء، وستصير هذه الجوائز أدلّة إضافيّة على الشراكة، كذلك لن يفيد العصابة الحاكمة أن تقف معها وتشجعها فئة تدّعي الفنّ أو الإنسانيّة وهي تطالب بالمزيد من القتل، فئة تستدعي الاحتلال وتطبّل وتزمّر له، وتخدع نفسها بأن تعتقد بأكبر أخطاء في تاريخ البشريّة، وهي أنّ الشعوب قد تُهزم أو تنسى أو تموت.