ألمانيا حلم السوريين

11791712_132434783770394_1529476185_n

صورة حقيقية من رحلة الكاتب

في رحلة تركت فيها نصف روحي في بلدي ولامست فيها جدران الموت لاكثر من مرة وصلنا الى المراد ولكن كيف؟
ابتدأت الرحلة من سوريا مدينة سراقب بلدي وعيناي ترمق بنظرة اخيرة جدان المنزل وشوراع المدينة الحبيبة وتلقي عليهم نظرة الوداع او اللقاء البعيد..
وصلنا الى الحدود التركية السورية (بيت المهرب) كنا حوالي المائة شخص رجال ونساء واطفال دام المسير حوالي الخمسة ساعات عبرنا فيها الجبال والانهار والمنحدرات والغابات لم اعد اذكر كيف انني فقدت الاحساس بقدماي.
وصلنا الى المكان المنشود لكن بكاء طفل صغير جلب الينا الجندرمة التركية تم القاء القبض علينا تحت انظار اهل القرية الذين كانوا بمنتهى القذارة والخسة، قلت لاحد عناصر الجندرمة:
من العار ان تسمح المانيا بدخول السوريين اليها وانتم بلد مسلم وتعرفون احوالنا وتدعون انكم الانصار لمهاجرينا واننا ضيوف لديكم، فاجابني بخجل: تلك هي الاوامر.
نقلونا بالسيارات العسكرية الى معتقل بقينا فيه يومين بدون طعام او شراب، مكان بارد شديد القذارة ولايوجد فيه ماء بالحمامات، اشد ملفت انتباهي ان شابان تمكنا من الهرب باتجاه حاجز قيل انه لجبهة النصرة لكنهم تفاجأوا ان الحاجز اعادهم الى الجندرمة التركية.
كان الضابط من الطائفة العلوية وقد اشبعهم ضربا احسست حينها بالانهيار من جراء صراخهم وتوسلاتهم لكنني ازدت اصرارا على ترك البلد.
بعد يومين اخذوا لنا الصور واطلقوا سراحنا عند الحدود السورية سألت عن الصور قال لي احد الاشخاص انها تقدم للامم المتحدة على انهم يقدمون الرعاية للسوريين.
رجعنا الى بيت المهرب واعدنا المحاولة مرة اخرى وتمت بنجاج وكانت الامور سهلة في تركيا انطاكيا – ازمير- بودرم بودرم مكان الطفل ايلان مازال يتم الاتفاق مع المهرب للركوب في البحر نفس البحر الذي قتل ايلان وباتجاه الأراضي اليونانية وصلنا الى الشاطئ، ركبا فيما يشبه اللعبة وانطلقنا باتجاه البحر حوالي الخمسة والأربعين شخصا في رحلة كان من المقرر لها ان تدوم ساعة لكنها دامت حوالي السبع ساعات، من الواحدة ليلا وحتى السابعة صباحا لم أصدق حينا انني بقيت على قبد الحياة وخصوصا ان البحر هاج بعد حوالي الساعة من ركوب البحر ودواليب النجاة التي اشتريناها سرعان ما ثقبت لانها مهترئة وبالية.
وصلنا جزيرة ساموس بعد ان جفت الدماء في عروقي من رعب الرحلة، كانت جزيرة جميلة نظرات اهلها الينا كانت عادية ربما لانهم اعتادوا المنظر وصلنا الى مركز الشرطة أعطونا أوراقا للعبور بعد أخذ الصور ولكنهم كانوا يرتدون الكمامات لم أعرف السبب ولم اسأل.
مرة اخرة بالبحر ولكن المسير كان بالباخرة باتجاه اثينا وكان من الملاحظ ان اغلب المسافرين لم يكونوا من السوريين بل كانوا افغان وعراقيين وافارقة واكراد، حتى ان اغلب السوريين كانوا من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ذات الملاحظة عند كل الذين سافروا من قبلي ومن بعدي، وصلنا اثينا ومن ثم مقدونيا فصربيا، في صربيا اعطونا ورقة عبور لكن الاعداد كانت كبيرة اضطررنا للاقامة يومين كان ملاحظا لطف الصربيين واحترامهم لنا، من سائق التكسي الى كل شخص قابلناه قال لنا سائق التكسي بدون ان يعرف جنسيتنا:
انا احب السوريين لانهم شعب متعلم ومحترمون ولكني لا احب العراقيين ولا الافغان
ركبنا السيارة وباتجاه الحدود المجرية في طريق طويل بين الغابات ووحوش البشر واثناء المسير اعترض طريقنا شخص مريب وحين سالته عمن يكون قال: انا ربك، مصوبا مسدسه نحوي، حاولنا انا ومجموعة من الرفقاء تخليصه سلاحه فاطلق النار.
لم يكن يعلم المسكين اننا آلفنا كل انواع الاسلحة وقد كان المسدس خلبيا، امسكته واوشكت على قتله لكن لم تسمح لي نفسي ولاسيما انه سوري، تم القاء القبض علينا بعد سماع اطلاق النار في مطاردة دامت الساعتين استخدموا فيها الكلاب وارسلونا الى السجن.
بعد حوالي الثلاثة ايام اطلق سراحنا وارسنا باتجاه بودابست محطة القطار الشهيرة، هنا اختلفت المعاملة وشعرنا بالفارق الحضاري بين الدول فقد ارسلت الحكومة الالمانية الينا القطارات مجانا لنقلنا الى النمسا ومن ثم المانيا.
هناك نقطة يجب الا ننساها ان هناك اشخاص عرب من كل الجنسيات حاولوا تقديم المساعدة بشتى الوسائل وعلى قدر المستطاع كل الشكر لهم.
في النمسا اجهشت بالبكاء كان الناس يقفون على طول الطريق محملين بكل شي …لم اعامل هكذا في سوريا، تبا لكم يا تجار الحروب، استمر وجودنا حوالي الساعة انطلقنا بعدها الى المانيا. حلم المهاجرين

أحمد خليل