ليس للسوري أن يُقلق المعابر التجارية

11222911_994793573906392_3839402438556546766_n

في الوقت الذي ينجح فيه عناصر تنظيم الدولة داعش بالتسلل ذهاباً واياباً من مناطق سيطرتهم الى الأراضي التركية أو العكس، دون وجود أي تشديد أمني في تلك المناطق، بفرض حرس الحدود التركي تشديداً صارماً على مناطق سيطرة الجيش الحر الواقعة على الشريط الحدودي من ريف مدينة مارع شمالاً وحتى ريف مدينة اللاذقية جنوباً، مانعاً المواطنين الهاربين من جحيم معارك الجيش الحر مع تنظيم الدولة داعش من جهة، وقصف قوات النظام من جهة أخرى، أضف الى ذلك قلة العمل والأمان أيضاً.
ووثق نشطاء استشهاد ما لا بقل عن 100 شخص بينهم أطفال ونساء برصاص قوات حرس الحدود التركية، التي أصبحت تعتمد منهجاً مماثلاً لمنهج قوات النظام السوري، في إذلال الأهالي الذين يقومون باعتقالهم أثناء محاولة الدخول للأراضي التركي، دون مراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري.
وبظل استغلال المهربين لظروف هؤلاء الناس، وسط تخاذل كبير من المسلحين الذين يطلقون على أنفسهم جيش حر والجيش الحر منهم براء ولايحملون أي مبدئ من مبادئ الجيش الحر وأولها حماية المدنيين، بل وصل الأمر بهؤلاء المسلحين ليتحاصصوا مع المهربين الأموال التي يتم سلبها من الناس، ومعاقبة واعتقال كل من يرفض الدفع لهؤلاء التجار، بحجة انهم يدفعون للأتراك.

الناشط الإعلامي أبو عمر الشمالي تحدث لـ زيتون قائلاً:
دوماً ما نسمع من القيادة السياسية التركية أنهم مستمرون بسياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين، وأن السورين مهاجرين والأتراك أنصار، لكن بدأنا نلتمس تغيراً ممنهج وواضح، ويدل على أن إغلاق الحدود بوجه الهاربين هو قرار من القيادة التركية، وليس مجرد تجاوزات فردية محدودة، لأن اغلاق المرور يشمل مناطق من حور كلس قرب مارع بريف حلب الشمالي، وحتى معبر الليمضية بجبل الأكراد بريف اللاذقية، وهذه أول مرة منذ بدء الثورة السورية نشهد مثل هذا الاغلاق والتشديد، بظل هجوم كثيف لتنظيم الدولة داعش على مدينة مارع، وسيطرته على مناطق واسعة بمحيطها، كتلالين وأم حوش وأم القرى وحربل وغيرهم، ماأدى لحركة نزوح كبيرة من تلك القرى، التي نزح جميع سكانها إضافة الى النازحين المتواجدين فيها سابقا، وهم الأن يفترشون الأراضي الزراعية قرب الحدود، يحاولون بشكل يومي الدخول للأرضي التركية، خوفاً من أي تقدم جديد للتنظيم في المنطقة، لكن لا تزال القوات التركية تغلق الحدود أمامهم.

وباتصال مع محمود وهو يعمل بتهريب الناس قرب حوار كلس الحدودية، أكد أن الطريق مغلق تماماً حتى قبل وصول تنظيم الدولة داعش الى تلك المناطق، وأن عناصر وضباط حرس الحدود التركية الذين كانوا يتعاملون معهم ويسهلون أمور نقاط العبور الخاصة بهم، أبلغوهم أن قرارات جديدة وصلت لهم بالتشديد الكبير على الحدود، ونشر عناصر إضافية ودوريات دائمة لمنع دخول أحد، مع إصدار أومر بأطلاق الرصاص الحي على كل من يحاول التسلل الى الأرضي التركية.
وأكد محمود أن بعض العناصر لا يطلقون النار خوفاً من قتل الناس، ويكتفون بحجزهم وإرجاعهم للأراضي السورية، ومنهم من يطلق النار بشكل مباشر غير مبالين بشيء، وقد يطلقون النار علينا نحن الذين كنا في فترة سابقة نجلس معهم ونتبادل الأحاديث، كما قام هؤلاء العناصر بالضرب والاعتداء على كل من يقومون بأعتقاله، كبيرأ كان أو صغيراً، ويقومون بأذلالهم في المعسكرات يحتجزونهم فيها، دون أي محاسبة من قبل الضباط المسؤولين عنهم.

الحاج عمر وهو نازح من قرية تلالين استطاع قسم من عائلته الهروب من الحرس التركي ووصلوا الى مدينة غازي عنتاب، وهو لا زال عالقاً بالقرب من بلدة حارم، يحاول الدخول للأرضي التركية للحاق بعائلته، ويقول الحاج عمر بأن عمره تجاوز الخمسين، وعند محاولته الدخول لم يستطع الخروج من الخندق في تلك المنطقة بعدما قام بمساعدة عائلة للخروج من ذلك الخندق، فتمكن حرس الحدود من اعتقاله واحتجازه لثلاث أيام في معسكر محاط بأسلاك شائكة، يفتقد لأبسط مقومات الإنسانية، دون ماء أو كهرباء أو طعام كافي، في حر الشمس ومع دخول العاصفة الرملية تلك المناطق، وأكد الحاج عمر أنه حاول التوسل للضابط المسؤول عن المعتقل الذي نهره وقام بطرده مرة أخرى الى المعتقل، وأمر جنوده ألا يتم الإفراج عنه إلا لبعد ثلاث أيام، وأنه أصيب بذبحة صدرية في مكان الاحتجاز، ولم يقدم له الجنود أي مساعدة طبية، وكادت أن تودي بحياته، وأضاف الحاج عمر قائلاً:
الأن أنا هنا وعائلتي في تركيا عند ولدي، ولن أحاول العبود مجدداً حتى يسمح لنا الأتراك بذلك، فجسمي الضعيف لم يعد يتحمل مرة أخرى، وعتبي على جيشنا الحر الذي يرانا نُذل ونُهان وهم يتفرجون.

من جهته أكد إبراهيم حياني وهو قائد لمخفر حدودي في حور كلس، أنهم دوماً ما ينصحون الناس بعدم محاولة الدخول، بسبب الإجراءات التركية الأخيرة والتي أعلنت عن منطقة أمنية على الحدود، وقال الحياني أنهم يقفون عاجزين عن مساعدة أو الوقوف الى جانب المدنيين الذين يعتقلهم الأتراك، وأنهم لا يملكون أي صلاحيات بالرد أو الدخول بأي اشتباك مع الأتراك، وذلك بسبب ظروف سياسية تعرفها القيادة العسكرية لدينا، وأضاف الحياني أن القوات التركية قامت منذ عدة أيام بقنص أحد عناصر المخفر كان يقف بنقطة حرسه، ما أدى لمقتله على الفور، وهو أب لثلاث أطفال في قرية منغ، ويتابع الحياني:
أن دورهم يتوقف على منع استغلال الناس من قبل المهربين ومعاقبتهم، ومنع مهربي الممنوعات من الاقتراب من الشريط الحدودي، الذين حملهم مسؤولية التشديد التركي على الحدود، مؤكداً أن طمعهم وجشعهم واستثمار الحالة الإنسانية للشعب السوري لتمرير تجارتهم القذرة هو السبب الرئيسي للتشديد ما أدى لحرمان جميع السوريين من نعمة الدخول والخروج بحرية شبه مطلقة سابقاً.
ومنذ مدة شهدت الحدود التركية السورية اشتباكات بين تنظيم الدولة داعش وقوات حرس الحدود التركية، بالقرب من بلدة الراعي التي يسيطر عليها التنظيم، ما أدى لمقتل ضابط وعدة عناصر من القوات التركية، وذلك على خلفية إطلاق حرس الحدود التركية النارعلى شخص حاول الدخول الى تركيا، ما أدى لمقتله، وبحسب نشطاء فأن قائد نقطة العبور من جهة التنظيم قام بطلب التعزيزات وتمكنوا من التسلل لقرب الحدود وقتل الضابط والعنصر مطلق النار وجنود أخرين، الأمر الذي أدى لتدخل الطائرات والمدفعية التركية، وقصف مواقع للتنظيم، ليدخل الطرفان باشتباكات لعدة ساعات، هي الأولى منذ سيطرة التنظيم على مناطق واقعة على الشريط الحدودي مع تركيا،واضطرت تركيا الى الدخول ضمن التحالف الدولي العربي لمحاربة التنظيم، وإعلان مناطق كثيرة على الحدود مناطق أمنية مغلقة.
كما قام مجهولون بأطلاق النار على دورية تركية بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، ما أدى لمقتل جندي فوراً قامت على إثرها السلطات التركية بإغلاق المعبر أمام الحالات الإنسانية والإغاثية والطبية والتجارية لثلاث أيام، قبل أن تقوم بفتحه بعد مشاورات مع الجانب السوري، والذي أصدر بيان أدان فيه مقتل الجندي التركي، شنت حملة انتقادات واسعة من ناشطين ومتابعين، لهذا البيان الذي أدان مقتل جندي تركي على يد مجهولين، والسكوت أمام قتل الجنود الأتراك لمواطنين سوريين على الحدود.

كما قامت ادارة معبر باب السلامة بأغلاق مؤقت للمعبر من الجانب السوري في الـ 24\8\2015 بسبب منع الجانب التركي مدير المعبر ناظم الحافظ من الدخول الى تركيا، ما أثار حفيظته وكبريائه الشخصي وأمر بإغلاق المعبر التجاري فوراً، وفتحه بعد السماح له بالدخول، أما المواطن العادي الذي لا حول له ولا قوة، فلا يحق له أن تقلق المعابر التجارية لأجله، وهي التي درت على الحكومة التركية مليار وتسع مائة مليون دولار في عام 2014، وهو ذات المبلغ الذي دخل خزينة الدولة التركية في عام 2010 قبل الثورة السورية.

محمد علاء