البغدادي يعلن عن توسع رقعة خلافته

في الثالث عشر من الشهر الجاري قدمت مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” رسالة صوتية على أنها لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي المسمى “خليفة المسلمين”. وجاءت هذه الرسالة رداً على  إعلان الحكومة العراقية والتحالف الدولي عن مقتل البغدادي في احدى هجمات التحالف على مواقع “داعش”, ليعلن البغدادي بصوته أنه موجود وما زال مستمراً في مهامه “كخليفة للمسلمين”، وأن تنظيم الدولة الإسلامية قوي ويمتلك القدرة على التمدد في ساحات جديدة على مستوى البلاد العربية، ويعلن عن استعداده لفتح ساحات جديدة في المواجهة في حال تم تضييق الخناق عليه في كل من العراق وسوريا. وأن لديه الكثير من الموالين في المناطق الجديدة على جاهزية عالية لإشعال المنطقة برمتها.

منذ إعلان دولة الخلافة في شهر حزيران الماضي في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية, أعلن العديد من الأفراد والجماعات المختلفة مبايعة البغدادي وولائهم لدولته, إلا أن زعيم دولة الخلافة في رسالته الأخيرة لم يعترف بكل الجماعات التي أعلنت مبايعته، واكتفى بالتأكيد على “توسع وتمدد الدولة الإسلامية إلى بلدان جديدة, كالمملكة السعودية واليمن ومصر وليبيا والجزائر”, والجماعات التي بايعت البغدادي هي “أنصار بيت المقدس” في شبه جزيرة سيناء، و”مجلس شورى شباب الإسلام” في ليبيا, و”جند الخلافة” في الجزائر. ولعله من الضروري أن نشير إلى تجاهل البغدادي للفصائل غير العربية التي بايعته والمتواجدة في باكستان وإندونيسيا والفليبين وغيرها, مما يوضح نيته بتطوير الصلات وتوثيقها مع المجموعات العربية خلال الفترة القادمة. كما تحدث البغدادي عن إلغاء أسماء الجماعات التي بايعته وأعلن مناطق نفوذها “ولايات” جديدة تتبع “للدولة الإسلامية” وتأتمر بأمرها وأمر بتعيين ولاة عليها من قبل الخليفة وعلى ضرورة إطاعة أمره والولاء له من قبل أنصار دول الخلافة.

أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية بزعامة الخليفة البغدادي, وقامت بتغيير اسمها إلى “ولاية سيناء” كباقي ولايات “الدولة الإسلامية”, هذه الجماعة التي نشطت خلال السنوات الثلاث  الماضية في شبه جزيرة سيناء المصرية, من خلال عمليات التفجير ومهاجمة أهداف عسكرية مصرية. ويرى العديد من المراقبون أن هذه المبايعة ليست سوىنداء استغاثة بسبب المأزق الذي تعيشه هذه الجماعة جراء ضربات الجيش المصري لمواقعها والحصار المفروض على مناطق نفوذها مما أدى إلى حاجتها إلى الدعم المالي والعسكري المتوفر لدى أكثر التنظيمات تطرفاً في هذه المرحلة وهو “داعش”, الذي التقط الرسالة مباشرة وأعلن في اليوم التالي على لسان البغدادي قبول البيعة ومباركتها وأطلق على مناطق نفوذ الجماعة “ولاية سيناء” ووعدهم بمد يد الدعم لهم.

كما أعلن “مجلس شورى شباب الإسلام” في ليبيا مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية منذ شهر تقريباً، وهو تنظيم جديد نسبياً على صعيد الساحة الليبية, والذي فرض سيطرته على مدينة درنة الليبية وأعلنها ولاية تابعة لدولة الخلافة, وفي كلمته أعلن البغدادي عن قبول البيعة وأعلن عن قيام ولاية ليبيا كجزء من الدولة الإسلامية وعين عليها والياً. وطالب البغدادي جميع أنصاره إلى الالتحاق بأقرب ولاية من ولايات الدولة الإسلامية وتقديم الولاء والطاعة للوالي.

وفي شريط مصور ظهر فيه عشرات المسلحين التابعين لتنظيم “جند الخلافة في الجزائر” وهم يرددون بيان الولاء والبيعة لتنظيم الدولة الإسلامية وزعيمه أبو بكر البغدادي, والاستعداد لتنفيذ أوامره. وكانت جماعة “جند الخلافة” جزءاً من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قبل انشقاقها عنه وإعلان ولائها لتنظيم الدولة الإسلامية. وأعلن زعيم تنظيم “أنصار الشريعة في تونس” سيف الدين الرايس مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية، كما أعلنت كذلك كتيبة عقبة بن نافع انشقاقها عن تنظيم القاعدة ومبايعتها لأبو بكر البغدادي وتنظيم الدولة الإسلامية. وفي السودان بايعت جماعة “الاعتصام بالكتاب والسنة” السلفية والمنشقة عن تنظيم الإخوان المسلمين أبو بكر البغدادي وتنظيم الدولة الإسلامية. كما أعلن في الأردن منظرا التيار السلفي أبو محمد المقدسي وأبو قتادة, في بيان لهما حمل توقيع “أبناء دعوة التوحيد والجهاد في الأردن” مبايعتهما لتنظيم داعش وزعيمه البغدادي.

وطالب البغدادي من مواليه في المملكة العربية السعودية واليمن الاستعداد لخوض الحرب التي آن أوانها في  مواجهة “روافض الحوثة” في اليمن, وحرب “آل سلول” أي حكام السعودية، وحدد أولويات دور مواليه هناك في مقاتلة الحوثيين والعائلة الحاكمة في السعودية قبل مواجهة القوات الغربية. وفي حال تجاوب أنصاره في هذه المناطق والولايات التي أعلن عنها مع دعوته سيكون دليل مستوى تأثير تنظيم الدولة الإسلامية ومدى سيطرة قيادته على أتباعها في خارج مناطق سيطرتها في العراق وسوريا ولبنان. وتشير هذه الدعوات التي أطلقها البغدادي إلى رغبة تنظيم “داعش” في العمل على بسط سلطته على مناطق جديدة التزاماً بشعار الدولة الإسلامية “باقية وتتمدد لكل بلاد العرب”.

في حين تجاهل أبو بكر البغدادي في رسالته الإشارة إلى بيانات الولاء والمبايعة التي صدرت عن العديد من المجموعات الإسلامية في شرق آسيا وأفريقيا, فقد أعلن التنظيم الجهادي في شرق إندونيسيا على لسان زعيمه “سانتو سو” مبايعته للبغدادي, ولحقت به منظمة “مجاهدي كومبولان” التي تنتشر في العديد من المناطق الماليزية وإندونيسيا والفلبين بإعلان ذات الخطوة, وأعلنت جماعة أبو سياف في جنوبي الفلبين المبايعة للبغدادي من خلال شريط فيديو مصور ظهر فيه “الشيخ اسنيلون هابيلو” وتسعى هذه الجماعة إلى إنشاء دولة إسلامية غرب جزيرة مينداناو. ولحقت بها حركة “مقاتلو بانجسمورو” الإسلامية في الفلبين بالمبايعة وإعلان الولاء. وفي نيجريا أعلن “أبو بكر شيكاو” زعيم جماعة “بوكو حرام” الإسلامية دعمه ومبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية وزعيمه البغدادي.

إن بيانات الولاء والمبايعة التي تصدر من هنا وهناك تدل على تزايد شعبية تنظيم الدولة الإسلامية وارتفاع وتيرة التعاطف معه, نتيجة الضربات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي لمواقع ومقاتلي التنظيم, وهذا ما يتطلب إعادة النظر في طرق وأساليب مواجهة قوى التطرف والعمل على خلخلة البيئة الحاضنة لها من خلال العمل على إنهاء أسباب نشوء التطرف.

مهند النادر