طرق التعبير لدى الأطفال

خاص زيتون 

تختلف طرق التعبير لدى الأطفال عما يمكن أن يفهمه الكبار أو يفكروا فيه، تأتي تلك الطرق الغريبة نتيجة لحساسية دخيلتهم وصفاء مشاعرهم، ولقدرته على إلتقاط الحالات النفسية المبهمة على فهمه وإدراكه، لكنها تؤثر عليه بشكل مباشر وعميق كلما ازدادت تلك الأجواء غموضا بدون توضيح وشرح ممن يثق بهم.

وبرصد بعض الحالات اللافتة لتعبيرات غريبة ومؤثرة من الأطفال، سيفهم البالغون بأي طريقة يفكر الأطفال وكيف ينظرون إلى الحياة بشكل مختلف كلياً عن مفاهيم الكبار، الذين قد تفوتهم مقدرات البراءة والمشاغبة والجمال.

من الآن فصاعداً سأخبرك بكل شيء هنا

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً تظهر طفلاً في الصف الخامس الابتدائي، كتب على شاهدة قبر والده، نتيجته في المدرسة، وتحتها “من الآن فصاعداً سأخبرك بكل شيءٍ هنا”.

ربما رأى ذلك الطفل السوري أن شواهد قبور الشهداء في سوريا، هي الوحيدة القادرة على جمع تاريخ سوريا وروايتها، كما رأى بأن كتابته لوالده على شاهدة قبره ستجعله حياً دائماً و إلى  جانبه، شأنه في ذلك الحلم شأن كل الأطفال السوريين الذين لا يحلمون بأكثر من الأمان وحنان العائلة.

يا نجمة الصبح

بعد أن فقد أخيه، بعد عام على بداية الثورة، أصبح دائم الاستماع  إلى  أغنية تقول كلماتها: “يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي الأجواد أخذتي والأنذال خليتي”، ربما لم يجد أصدق وأبرأ من ذلك التعبير.

قيس الذي لم يكن عمره يتجاوز الأربعة أعوام، على براءته وجد في تلك الكلمات تعبيراً نادراً ما يجده الأطفال عما يجول في خاطرهم، وعما يشعر به في قلبه الصغير من ألم، فأصبح يطلب من والدته بشكلٍ متكرر أن تسمعه تلك الأغنية، وكأنه يحاول أن يوصل إليها الرسالة.

حفظ قيس من الأغنية تلك العبارة التي راح يكررها كلما سمع حديثاً عن الثورة أو الشهداء أو التقى بأناسٍ جدد، وكأنه يريد أن يخبر العالم كله بما في داخله.

“الجواد أخذتي والأنذال خليتي” قد تكون هذه الكلمات هي ما سينطلق منها قيس  إلى  الحياة، مدركاً عدم عدالتها، بفهم مبكر لظلمها، ستحفر عميقاً في وجدانه، وهو يرى القاتل منتصراً، بينما صاحب الحق تحت التراب.

“بابا ما مات بابا استشهد”

“بابا ما مات.. بابا استشهد”.. كانت تلك الصرخة التي نطق بها ابن الخامسة، عندما وصل نبأ استشهاد والده، والتي جعلت كل الموجودين ينشغلون عن الخبر ليعلموا كيف يميز ابن الخمسة أعوام، ما بين معنى الموت ومعنى الشهادة؟.. وهل حقاً كان يميز بينهما حتى غضب كل ذلك الغضب عندما سمعهم يقولون عن والده بأنه مات بدلاً من استشهد؟، أم أن سوريا جعلت من أطفالها رجالاً وعلمتهم الفروقات بين أمور كثيرة على صغر أعمارهم.

قبس

طفلة سورية تبلغ من العمر ثمان سنوات، حرمتها الحدود والإجراءات من والدها قرابة الثلاثة أعوام، وعندما وصل والدها إليها أخيراً، لم تعرف كيف تعبر للعالم عن مدى سعادتها وإحساسها بالأمان بوجوده بقربها، فلم يكن منها إلا أن بدأت بالإعلان عنهما على الملأ، حيث بدأت تستوقف كل شخص تراه في طريقها  إلى  مدرستها، سواءً أكانت تعرفه مسبقاً أم لا، بالإضافة  إلى  زملائها ومعلمي مدرستها وإدارتها، وتخبرهم بالقصة كاملةً، وتقول لهم أن والدها سيبقى عندها ولن يتركها مجدداً بعد غيابه عنها قرابة 3 سنوات.

وكانت فعلت الشيء ذاته مع أصحاب الأرقام الموجودة على هاتف والدتها، الذي أخذته منها خلسةً، أثناء انشغال والدتها بالتحضير لاستقبال زوجها.

“بدي احكي مع بابا اشتقتلو”

كان كلما أمسك هاتفاً يبحث فيه عن صورة والده التي وضعتها أمه كصورةٍ شخصية لكافة برامج التواصل الاجتماعي، فيتنقل من برنامجٍ  إلى  آخر، يتصل حيناً ويترك تسجيلاً صوتياً أحياناً أخرى، على أمل أن يجيبه والده الذي استشهد قبل بضعة أعوام.

وعندما لا يجد رداً يحزن كثيراً، ويذهب  إلى  أمه والهاتف بين يديه ليطلب منها الاتصال بوالده، ولكن كيف لأم أن تشرح لطفلٍ في الرابعة أمور التكنولوجيا الحديثة وطبيعة الحياة في آن واحد.

ومر أكثر من عامين ونصف ولا تزال الأم تعجز عن الشرح لطفلها الصغير الذي لا ينفك عن طلبه ذلك.

بدي نروح على بيتنا عالسما لعند بابا

“بدي بابا.. وين راح بابا؟”.. هو سؤال اعتادت عليه الأمهات السوريات في السنوات الأخيرة من معظم أطفال سوريا، تماماً كما اعتاد الأطفال على إجابة اتفقت عليها الأمهات دون أن تتفق “بابا راح عالسما عالجنة”، والتي قابلتها أسئلة وردود أكبر أعلنت تلك الأمهات عجزها أمامها، منها 

بابا مسافر

رفض ذلك الطفل أن يكون الطفل اليتيم، هذه التسمية التي كان قد دأب على سماعها منذ أعوام، والتي تفرض على أحدهم أو إحداهن قبلة إجبارية أو لمسة أو ابتسامة أو شيئا رمزيا جدا، ويفرض على أطفال في عمره اللعب معه رغما عنهم ولو لدقائق تترافق مع نظرة بالتأكيد لم يكن يعرف بأنها تدعى الشفقة.

كما رفض أن يكون أقل من زملائه الذين يجلب لهم آباؤهم ما يحتاجونه أو ما يرونه يسعدهم، ويأتون لاصطحاب زملائه من المدرسة وفي العطلة وفي الرحلات والنزهات، فلم يكن منه إلا أن تخلص من كل ما سبق عبر استغلاله معلومة سمعها من والدته في أحد الأيام عن والده، وهي سفره  إلى  إحدى الدول العربية في وقت من الأوقات، فعاد إليها ينبش في جذورها وبياناتها ربما لتكون كذبة بيضاء أو ربما حتى لا يلحظها أحد وتصبح كذبة ويقع في الإحراج الذي كذب كي يتجنبه.

وكلما سأل الولد أمه، كانت تجيبه بعفوية ربما كانت هذه المرة تفوق عفويته وتتجاوز براءته، ولم يكن يخيل  إلى  تلك الأم أن طفلها ابن السبعة أعوام، أنه يسحب منها تلك المعلومات ليستغلها في كذبة، بابا مسافر، خصوصا أنه لم يكن يكذب.

وبالصدفة جاء أحد أصدقائه في الحي برفقة جدته لزيارة منزل ذلك الطفل والتعرف  إلى  أهله، وانكشفت الكذبة، ولكن ما أدهش الجميع أنه لم يكن وحده من يكذب فقد كان صديقه ايضا يكذب وربما للأسباب ذاتها، وربما كان الكثير الكثير من أطفال سوريا الذين تؤلمهم النظرات حتى قبل أن يعرفوا اسمها أو معناه.

ربما كانت هذه الطريقة من الإنكار للواقع والابتعاد عن الأمور المؤلمة، إحدى وسائل المعالجة الذاتية التي يتخذها أطفال سوريا، ليعالجوا أنفسهم دون الرجوع أو الاستعانة بأحد ممن حولهم مهما كانت درجة قربهم أو قرابتهم.

كيفية تنمية مهارات التعبير عند الطفل الخائف

ينصح الاختصاصيون بتركيز الوالدين على تعليم الطفل الخائف كيفية التعبير بشكل صحيح ودقيق عن مشاعره ومن ثم مخاوفه إذ سيساعد ذلك في التعرف بشكل سليم على ما يعاني منه الطفل، فالأطفال يستخدمون تعبير الحزن عندما يقصدون القلق أو الخوف بينما يبحث الأهل عما يحزن طفلهم فهو يعاني من مخاوف لا يستطيع التعبير عنها.

نمذجة التعبيرات الشعورية

من الوسائل المفيدة لتعليم الطفل المتوتر كيفية التعبير الدقيق عن مخاوفه هو نمذجة التعبيرات الشعورية للطفل والمقصود استخدام نماذج كلمات معينة للتعبير عن مشاعر محددة في مواقف واضحة هذه الكلمات تكون قوية ومحددة وتعكس حقيقة المشاعر مثل الإحباط والخوف والانزعاج والضيق، ويمكن استخدام جمل واضحة لتوصيل المعنى مثل “أنا في غاية الإحباط لأني حاولت إصلاح اللعبة مرارا لكنها لا تعمل مجددا”.

ربط المشاعر بالكلمات

تتقلص الحصيلة اللغوية عند الطفل حين يغضب أو يشعر بالضيق فلا يجد الطفل في عقله كلمات تعبر عما يشعر به فيلجا الى وسائل أخرى كالبكاء والصراخ لشرح موقفه وتعويض عجزه عن التعبير بلغة مفهومة، وعليه فان من المهم تعويد الطفل على ربط مشاعره بكلمات تعبيرية محددة كان يقال له: “أنت غاضب أنت غاضب لأنك تريد الحلوى الأن وأنا لن أعطيك إياها”، مثل هذه الجمل البسيطة تنمي عند الطفل ملكة تحويل مشاعره الغير المنظورة الى كلمات مسموعة يستطيع الوالدان تفهمها والتعامل معها.

ملاحظة مشاعر الآخرين

التعليم بالملاحظة والذي يمكن استخدامه بشكل كبير في تنمية مهارات التعبير عند الطفل المتوتر وذلك بملاحظة ورصد التعبيرات الشعورية القوية التي يظهرها الآخرون فإذا شاهد طفلة تبكي فيجب التعليق له بشكل سريع هل ترى هذه الطفلة الصغيرة أنها تبكي لا بد أنها حزينة أتساءل ما الذي يحزنها.

لحظات المكاشفة

من الوسائل المهمة للتعبير أفراد مساحة له للحديث عن نفسه داخل بيئة متفهمة مثل بيئة الأسرة في اللحظات الدافئة مثل أوقات تناول الطعام أو الذهاب الى النوم

لعبة التخمين

لعبة تخمين المشاعر يمكن أن يقوم بها الأهل مع أطفالهم وتقوم الفكرة على أن يتقمص الأهل تعبيرا معينا يدل على الغضب أو الدهشة أو الفرح أو الحزن ويطلب من الطفل أن يخمن هذا الشعور وان يعبر عنه بالكلمات ثم يتم تبادل الأدوار.

قراءة الكتب ومشاهدة البرامج وتحميل التطبيقات

يمكن الاستعانة بالوسائل التعليمية مثل الكتب والبرامج التلفزيونية وتطبيقات الهاتف الحديثة التي تساعد بشكل كبير في تعليم الطفل اكتشاف التعبيرات الإنسانية والربط بينها وبين الكلمات المعبرة.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*