القطاع الطبي في كفرنبل.. تعدد المراكز ونقص المعدات

زيتون – محمد أبو الجود

تعتبر مدينة كفرنبل الوجهة الطبية لأهالي ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، وذلك لاحتوائها على خمسة مشافي، منها اثنتين مجانيتين، بالإضافة إلى بنك للدم، ومركز لمعالجة الثلاسيميا، ومركز تشخيص شعاعي.

كما أن تحرير المدينة في وقت مبكر عام 2012، وقربها من خطوط التماس مع قوات النظام في معرة النعمان، جعلها المركز العلاجي الأهم، والأكثر أماناً لجرحى المعارك والمصابين جراء القصف حينها.

وبالرغم من العقبات الكبيرة التي وقفت أمام مسيرة المراكز الصحية في مدينة كفرنبل، إلا أن القطاع الصحي حقق قفزة نوعية وإنجازات ملحوظة، قياساً بباقي المؤسسات الخدمية الأخرى.

مشفى كفرنبل الجراحي

“مشفى أورينت سابقا” افتتح المشفى في شهر تموز عام 2013، بدعم من مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية، والتي توقفت عن دعم المشفى في بداية حزيران عام 2016، ما دفع كادره الطبي للعمل مجاناً لمدة خمسة أشهر، إلى أن قامت منظمة “يداً بيد من أجل سوريا” بدعمه في منتصف تشرين الثاني من العام نفسه 2016.

مدير المكتب الصحي في المجلس المحلي، ومدير مشفى كفرنبل الجراحي الطبيب “زاهر الحناك” قال لزيتون: “يقدم مشفى كفرنبل خدماته للأهالي بشكل مجاني، وعلى مدار الساعة، ويتألف الكادر من 100 موظف بينهم 6 أطباء مقيمين، وعدد من الممرضين والإداريين، موزعين على الأقسام الجراحية التالية: عظمية، بولية، أذنية، فكية، وعائية، عامة، وعلى قسم الطوارئ”.

وأضاف “الحناك”: “يحتوي مشفى كفرنبل على أجهزة تصوير إيكو وأشعة بسيطة، كما يتوفر في صيدلية المشفى أغلب الأدوية اللازمة للعمل الجراحي، والحالات الإسعافية، فضلاً عن وجود مركز لغسيل الكلى”.

ونوّه الحناك إلى أن عمل المستشفى لا يقتصر على الإصابات الحربية والإسعافية، بل يعمل على معالجة كافة الأمراض، وعلى إجراء العمليات الباردة والإسعافية.

ومع حالة الاستقرار الأمني، نتيجة غياب طيران النظام الحربي عن أجواء المدينة، زادت نسبة العمليات الباردة والمعاينات، وقدرت إحصائية من داخل المستشفى عدد المراجعين في شهر أيار الماضي بـ 8311 شخص، شملت “242 عملية جراحية، 2378 مراجعة للعيادات، 1349 حالة تصوير شعاعي،1062 مخبر، 167 غسيل كلية، 64 عناية مشددة، 243 مرضى مقيمين، 1717 حالة إسعاف”.

أرقام تعد جيدة نوعاً ما، ولكن مع غياب عدد من الأجهزة الطبية الضرورية للمستشفى، كجهاز التصوير الطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي، يبقى تقديم العلاج لبعض الحالات أمراً مستحيلاً، مما يضطر إدارة المستشفى لتحويلها إلى المشافي التركية عبر معبر باب الهوى، بحسب الحناك الذي أضاف: “يفتقر المشفى لأجهزة التنظير البولي أيضاً، بالإضافة لمستلزمات الجراحة العظمية، والجراحة العصبية، كما أن منافس غرف العناية المشددة قديمة وبحاجة إلى التجديد، حالها حال معدات التخدير اليدوية، وأكثر ما يعيق العمل هو انعدام الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، كمرض السرطان والربو والسكري وزرع الكلية”.

وأوضح الحناك أن القصف المستمر والممنهج للمستشفى ربما تسبب في السابق بوجود بعض التقصير نتيجة الضغط النفسي الواقع على الكادر، وبالتالي ربما يكون قد انعكس بشكل سلبي حينها على تقديم الخدمات الصحية للمواطن، الذي اعتبر أن إرضائه يعد أمراً صعباً، مؤكداً أن الوضع الآن مع توقف القصف تغير بشكل كبير.

مستشفى مريم التخصصي للأطفال

نتيجة لاستمرار الحرب وما رافقها من ظروف اقتصادية صعبة في ريف ادلب الجنوبي، بالإضافة للحاجة الملحة لوجود مشفى مجاني خاص بالأطفال، وصعوبة تأمين الحواضن في العيادات الخاصة، قامت منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” باستحداث مستشفى مريم التخصصي للأطفال بتاريخ 2016/6/15.

مدير مستشفى مريم التخصصي للأطفال الطبيب “ذو الفقار الغزول” قال لزيتون: “يتألف المشفى من أقسام عدة تتضمن قسم العمليات، وقسم التوليد والحواضن، والعيادات، والمخبر، والصيدلية الداخلية”.

 وأكد الغزول أن المشفى يقدم خدماته بالمجان، ولجميع الأهالي دون استثناء، وعلى مدار الساعة، وأنه مجهز بغرفتي عمليات، وعشر حواضن.

وبحسب الغزول فقد خصصت صيدلية المستشفى للمرضى المقيمين داخلها فقط، والتي تحتوي على أدوية ومواد تستخدم في العمليات الجراحية والولادات القيصرية، بالإضافة لبعض المضادات الحيوية والمسكنات، وحليب للأطفال.

ولفت الغزول إلى أن عدد المراجعين في عيادات الأطفال بلغ 80 حالة و 100 مريضة في العيادات النسائية بشكل يومي، من بينها عشر ولادات طبيعية، وخمس ولادات قيصرية.

وبسبب ارتفاع الكثافة السكانية للمدينة نتيجة قدوم النازحين إليها من كل حدب وصوب داخل المناطق السورية المحررة، يواجه مشفى مريم تحدياً كبيراً نتيجة ضخامة أعداد المراجعين.

وهو ما اشتكى منه الغزول مشيراً إلى أن الإقبال الكثيف للمرضى على المستشفى، سبب ضغطاً على الأطباء، وصعوبة في استيعاب الجميع في نفس الوقت، مما دفع بعض الأهالي الذين لا يرغبون بالانتظار للذهاب إلى المشافي الخاصة، فضلاً عن افتقاد المشفى لبعض التجهيزات أهمها غواصة حواضن، وجهاز تحليل كيميائي.

ويرى معظم الأهالي في المشافي المجانية الملاذ الأفضل لهم في ظل ارتفاع الأسعار وقلة المشافي والمختصين، بينما كان لأبي إسماعيل وهو أحد أهالي مدينة كفرنبل رأي آخر فقد اتهم المستشفى بالفساد والمحسوبيات قائلاً: “من يكون لديه أقرباء أو “واسطة” يمكنه أن يعالج سريعاً”.

مراكز ثابتة للقاح في كفرنبل

 يعد حصول مديرية الصحة الحرة في إدلب على ملف اللقاح، من أهم الإنجازات التي حققتها المديرية عبر مسيرتها، فقبل ذلك كان هناك مراكز متنقلة وحملات للقاح كل 3 أشهر، تعاني نقصاً في بعض اللقاحات.

مدير مركز كفرنبل الصحي “ذو الفقار الغزول” قال لزيتون: “تم تحويل مركز اللقاح المؤقت في المركز الصحي في مدينة كفرنبل إلى مركز دائم منذ بداية أيار الماضي، وذلك بإشراف منظمة سوريا للإغاثة والتنمية، بالتعاون مع فريق لقاح سوريا، ومديرية صحة إدلب، وتم تزويد المركز بعدد من اللقاحات الجديدة لم تكن تشملها حملات اللقاح السابقة”.

وأكد الغزول على أن جميع اللقاحات اللازمة للأطفال موجودة في المركز، وأهمها لقاحات الأمراض السارية كاللقاح الخماسي ويشمل: الكزاز، الخناق، السعال الديكي، الأنفولنزا، التهاب الكبد، بالإضافة للقاح الحصبة الذي يشمل: أمراض الحصبة، والحصبة الألمانية، والنكاف، وشلل الأطفال.

ويشهد المركز إقبالاً كبيراً، إذ يصل عدد الأطفال الملقحين يومياً في المركز إلى ستين طفلاً، كما يضم المركز عيادة لعلاج اللاشمانيا “حبة السنة”، كما يتم تقديم العلاج لـ 600 مصاب شهرياً، بحسب الغزول.

بنك للدم

أُنشأ بنك الدم في مدينة كفرنبل، بتاريخ 28 حزيران عام 2014، بهدف خدمة جرحى القصف والمعارك والحوادث، في تلك الفترة، إذ كانت تستخدم مكبرات الصوت في المساجد للإبلاغ عن حاجة المرضى إلى الدم، وفي أغلب الأحيان كان تأخر المتبرع يؤدي إلى وفاة الشخص المصاب، وهو ما دفع مجموعة من الممرضين والمخبريين لإنشائه، بغرض حفظ الدم فيه، وتوزيعه وقت الحاجة.

رئيس قسم التمريض في بنك الدم “عثمان الحسن” قال لزيتون: “يتألف بنك الدم من عدة أقسام أهمها قسم المخبر، ومركز الثلاسيميا، والصيدلية، وهو مركز مجاني يقدم خدماته دون مقابل، ويعمل على مدار الساعة”.

وعن آلية قطاف الدم وتوزيعها أوضح “الحسن”: “يتم التبرع في المركز أو عن طريق فرق جوالة نسيرها في المدن والقرى، من أجل الحصول على متبرعين من تلك المناطق، وبعد فحصها توزع هذه الزمر على المشافي والأطباء وفق طلب تقدمه المشفى أو الطبيب إلى المركز، كما يوزع الدم على مرضى الثلاسيميا في المدينة”.

 وعن آلية فحص الدم والهدف منها قال المخبري في بنك الدم “محمد سليمان” لزيتون: “بعد قطاف الدم يتم تحويله إلى المخبر بهدف فحصه، حيث نجري تحاليل عوامل السلامة، للزمرة والتهاب الكبد والإيدز، للعينة المأخوذة بهدف نقل الزمرة بشكل سليم وخالي من الأمراض”.

مركز الثلاسيميا الوحيد بلا دعم

يتبع مركز الثلاسيميا في كفرنبل لبنك الدم وقد أُنشأ في وقت لاحق بعد افتتاح البنك، ويعتبر المركز الوحيد في ريف إدلب وهو مدعوم دوائياً فقط من قبل منظمة الرعاية الطبية، في حين بقي المركز يعاني نقصاً في الأجهزة.

وبحسب المخبري محمد سليمان يجري مركز الثلاسيميا في مدينة كفرنبل تحاليل خاصة ومجانية لمرضى الثلاسيميا، وهي تحاليل مكلفة جداً يصل سعرها إلى 20 ألف ليرة سورية، كما يحتاج مرضى الثلاسيميا لتبديل الدم بشكل شهري، وهو ما يوفره المركز بشكل مجاني أيضاً، مقدماً خدماته لـ 350 طفل، مسجلين لدى الإدارة.

وعن ذلك قال رئيس قسم التمريض في بنك الدم: “يعاني مركز الثلاسيميا من نقص بعض التجهيزات وأهمها مضخات الدوسفيرال الخالب للحديد، كما أن عدم وجود دعم مادي لمركز الثلاسيميا، وعدم توفر التجهيزات اللازمة لدواء الثلاسيميا، وارتفاع تكلفتها بنسبة كبيرة جداً، دفعت للجوء إلى العلاج في أوروبا، وقد ذهبت 3 حالات من المدينة إلى أوروبا للعلاج وننتظر النتائج”.

والثلاسيميا هو مرض وراثي مزمن، يسبب عدم توليد الكريات الحمر، ويتم علاجه عبر الأدوية الخالبة للحديد بشكل مؤقت، وتعويض الدم، أما الشفاء التام يكون عن طريق زرع نقي العظم.

حلول وإجراءات

وعن الحلول المقترحة للارتقاء بالواقع الطبي في المدينة، يرى مدير مشفى كفرنبل الجراحي الدكتور زاهر الحناك أن الحل يكون عن طريق العمل على تحصين المشافي من القصف، ورفد القطاع الطبي بعدد من الأطباء المختصين في كافة المجالات، واستحداث كليات طبية لذلك الهدف، فضلاً عن إنشاء مدارس تخصصية للممرضين.

ويطالب الحناك بإمداد المشافي بكافة التجهيزات الضرورية، وأهمها أجهزة التصوير الحديثة، وإنشاء مركز لمعالجة الأمراض المزمنة، وتوفير الأدوية اللازمة لها، كمركز متخصص لمعالجة الأورام، لتخفيف العبء على المواطنين الذين يضطرون للذهاب إلى تركيا، أو إلى مناطق النظام لتلقي العلاج.

ويتفق الطبيب ذو الفقار الغزول مع نظيره زاهر الحناك بضرورة تزويد المشافي ببعض التجهيزات والأدوية الضرورية لسير العمل.

في حين ذهب الصيدلاني “عبد الوهاب” من مدينة كفرنبل إلى ضرورة استحداث لجنة طبية تابعة لمديرية الصحة الحرة في إدلب، وتمكينها بالأجهزة والمخابر الضرورية، للكشف عن مدى صلاحية الدواء والعمل على إنشاء معامل للأدوية في المناطق المحررة.

وكانت مشافي كفرنبل بريف ادلب الجنوبي، عرضة للقصف عدة مرات، في السنوات الأخيرة، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى في كوادرها، والخروج المتكرر للمشافي عن العمل.

وبتاريخ 25 آذار من العام الجاري، تعرض مشفى كفرنبل الجراحي لأكثر من أربع غارات متتالية، أدت لدمار كبير في المشفى وخروجه عن العمل مؤقتاً قبل أن يتم إعادة تفعيله مجدداً.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*