تنظيم «الدولة» يقطع طريق إمداد روسيا إلى دير الزور

قطع تنظيم «الدولة» طريق تدمر ــ دير الزور في عدة مواقع لمسافة تزيد عن 50 كم، متصلة شمالا بين الشولا وكباجب بطول 25 كم، اضافة إلى القسم الواقع شرق السخنة.
وشن مقاتلو التنظيم هجوما مباغتاً على قرية الشولا (30 كم غربي دير الزور) من جهة البادية شرقا، ومن ثم بدأت عملية التقدم على الطريق بين الشولا وكباجب، ليتم السيطرة على الطريق بشكل كامل. وأعلن التنظيم عن مقتل 65 جنديا من القوات الروسية وقوات النظام، وأسر ثلاثة جنود، اثنان منهم روسيان والثالث سوري، وهو ما نفته وزارة الدفاع الروسية. ولم تنشر معرّفات التنظيم الرسمية أي صور أو شريط مصور للأسيرين الروسيين.
بالتوازي، وبعد تركيز الهجوم على محور كباجب ــ الشولا واستنفار قوات النظام من السخنة باتجاه قرية هريبشة التي بدأ مقاتلو التنظيم بالتقدم اليها من كباجب، باغت التنظيم قوات النظام في السخنة، والتف عليها غربا وسيطر على جبل الطنطور المشرف على البلدة، وقطع بنيران الرشاشات الثقيلة طريق دير الزور ــ تدمر. وأدت سرعة العمليات العسكرية والمفاجئة إلى وقوع عشرات القتلى على جبل الطنطور.
وأطلق التنظيم ما أسماه «غزوة الشيخ ابي محمد العدناني» على مواقع قوات النظام والميليشيات الإيرانية في بلدة مظلوم، حيث فجر مقاتل في التنظيم نفسه بدراجة مفخخة «ليقتل العشرات ويدمر 6 آليات» حسب ما أفادت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم. وبذلك أحكم التنظيم السيطرة على قريتي جبيلة والبوعمر، جنوب مدينة دير الزور.
وكبد التنظيم قوات النظام خسائر كبيرة في منطقة الوعر في عمق البادية السورية، حيث تسلل مقاتلو «الدولة» إلى عدة تجمعات في راس الوعر وقتلوا عناصر قوات النظام ليلا، وسيطروا على مستودعات الذخيرة والآليات والدبابات، حسب شريط فيديو بثته وكالة «أعماق».
على الضفة الشرقية لنهر الفرات، أحرز المجلس العسكري لمدينة دير الزور، التابع لقوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، تقدما هاما مع سيطرته على حقل غاز كونكو شمال شرق مدينة دير الزور، ليوسع بعده العمليات العسكرية باتجاه نهر الخابور، فسيطر على بلدة الصور وقطع الطريق الغربي الموازي لنهر الخابور والذي يمر في الصور ويصل إلى البصيرة جنوبا والمناطق الشمالية للمحافظة. وعلمت «القدس العربي» من مصدر عسكري في مجلس دير الزور العسكري، أن قوات المجلس تقاتل بمساندة من طيران التحالف الدولي وقوات برية من وحدات حماية الشعب، وتنسق مع طيران التحالف في تحديد الأهداف الجوية.
إلى ذلك، ترغب أمريكا في تخفيف الاحتقان الحاصل مع روسيا بعد سيطرة قواتها الحليفة على حقل كونكو، ومحاولة قوات النظام السيطرة على الحقل بعد تجاوزها نهر الفرات إلى منطقة الجزيرة، عابرة إليها من منطقة الشامية. وستعكف على تأمين ظهرها من خلال تطهير كامل غرب نهر الخابور، انطلاقا من جهتي الصور جنوبا والشدادي شمالا.
الانتشار الطويل لقوات النظام على طريق تدمر ــ دير الزور في منطقة خالية وشبه صحراوية سيعرضها، والميليشيات الإيرانية والقوات الروسية الداعمة، إلى هجمات خاطفة دائمة من قبل تنظيم «الدولة»، ستُستنزف خلالها قوات النظام بشكل كبير، وستتعرض طرق الإمداد العسكرية والإغاثية والتموينية إلى خطر دائم، وسيخسر النظام أعداداً كبيرة من مقاتليه، كما حصل يومي الخميس والجمعة الماضيين، إذ دُمرت له عشرات الآليات وتكبد نحو 200 قتيل.
ذلك يعني الدفع بآلاف المقاتلين، وزيادة نقاط الحراسة والحماية على جانبي الطريق وخصوصا من جهة البادية شرقاً. وهو الأمر عينه الذي خبره النظام سابقا على طريق اثرية ــ خناصر، فشن التنظيم مئات الهجمات المتكررة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، قبل ان يتمكن من السيطرة على المنطقة بين الطريق والطبقة جنوب الرقة.
هجمات الكر والفر التي يتقنها مقاتلو التنظيم بشكل كبير ستشغل اهتمام الحليف الروسي أساساً، وهو الذي يحاول فرض أمر واقع في المنطقة الشرقية. وسيعطل معارك التقدم جنوبا عدة أشهر مقبلة، وخلالها سينشغل الروس والنظام بتأمين الطريق وإبعاد خطر التنظيم، أو ستلجأ روسيا إلى خيار تسيير أرتال كبيرة عسكرية بحماية أسراب الطيران الروسي. لكنه خيار آني وإسعافي لا يمكن اعتماده استراتيجيا، فالتغطية الجوية للطريق على مدار الساعة هي أمر مستحيل، لأن الطائرات الروسية حينها ستتوقف عن أي دور هجومي آخر سواء في إدلب أو دير الزور.
هذه الهجمات، وتعثر استراتيجية موسكو، تصب في صالح واشنطن وحلفائها في شرق سوريا. فروسيا التي حاولت أن تنافس أمريكا على منطقة الجزيرة، سيتحدد دورها غرب نهر الفرات، وسيؤخر العمليات الروسية ذاتها في وادي الفرات الممتد من دير الزور إلى البو كمال، والتي تعتبر ضمن مناطق تحاصص النفوذ بين أمريكا وروسيا.
من جانب آخر، تهديدات قطع الطريق هذه ستحفز إيران على تواجد أكبر في المنطقة الشرقية، بعد أن كثفت تواجد ميليشياتها شرق القلمون وعلى طريق دمشق ــ بغداد، والبادية الشامية. فنقص أعداد مقاتلي جيش النظام، وعدم كفاءة الميليشيات السورية الموالية للنظام، والتكلفة الزهيدة لمقاتلي الميليشيات الإيرانية، والحرج الروسي من عدم تحقيق نصر في دير الزور، كلها عوامل تصب في صالح نفوذ إيراني أكبر في المنطقة الشرقية. ولكن تبقى أمريكا هي الأكثر فرحا بهجمات التنظيم ورؤية روسيا تغرق في المستنقع السوري، كما تحدث الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عند تدخل روسيا عام 2015.

القدس العربي – منهل باريش

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*