تفاقم الوضع الأمني في بنش وسط تجاهل الفصائل

زيتون – أسعد الأسعد
تم تشكيل الكتيبة الأمنية التابعة للهيئة الإسلامية بمدينة بنش في الشهر الخامس من عام 2013، من قبل مجموعة من الضباط والعناصر المنشقين عن النظام، ليضاف إليها عدد من عناصر الفصائل المشكلة للهيئة الإسلامية، ثم ليفتح باب الانتساب إليها لمن له تاريخ كاف في الثورة ومشاركة فيها، لتصبح لاحقاً العنصر المشرف على تنفيذ أحكام المحكمة، وتمر بمراحل مختلفة في عملها.


وفي حزيران الماضي، كانت جدارة الكتيبة الأمنية في بنش مرهونة باستجابة الفصائل، إذ كانت الفصائلية وممانعة الفصائل لتسليم عناصرها للكتيبة، أبرز الصعوبات التي تواجهها الكتيبة الأمنية، بالإضافة إلى عدم توفر الإمكانيات التي تحتاجها الكتيبة لتستطيع القيام بأعمالها، ولا سيما وسائل النقل والرواتب المتدنية للعناصر وقلة عددهم، إلا أنها مع ذلك كانت تحظى بقبول لدى أهالي المدينة.
وأكد أهالي المدينة في تموز، أن أداء الكتيبة تطور بشكلٍ ملحوظ من حيث المصادرات وحماية الأسواق والتجمعات، إلا أن هناك بعض التقصير أو التأخير في عمل الكتيبة من ناحية إلقاء القبض على اللصوص في السرقات الحديثة، وأن الكتيبة لا تعمل ولا تتدخل في أي أمر إلا بعد طلب المحكمة منها التدخل فيه، في وقت يجب أن يتواجد فيه مخفر شرطة يمارس عمله في ضبط الأمن، وذلك قبل أن تندلع المعارك بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام، وتسيطر الهيئة على كامل المحافظة، وتؤدي إلى حل الهيئة الإسلامية، وهو ما أثر سلباً على المحافظة بشكل عام ومدينة بنش بشكل خاص، وأدى لاحقاً لحل الكتيبة الأمنية في مدينة بنش، الذي تبعه ازدياد حالات السرقة في المدينة، وظهور بعض حوادث الخطف التي كانت جديدة على مدينة بنش وأهلها، وازدياد الانتهاكات الأمنية وتدهور الوضع الأمني فيها.
وفي محاولةٍ منها لسد الفراغ الحاصل عن حل الكتيبة الأمنية، اجتمعت قيادات الفصائل المتواجدة في مدينة بنش، وتم الاتفاق فيما بينها على أن يتولى كل فصيل معالجة القضايا الأمنية التي تحصل في الحي الذي يتواجد فيه، وتسليم المجرمين إلى محكمة إدلب، غير أن هذا الحل لم يغير من الحالة الأمنية المتردية التي بدأت تعيشها المدينة، والتي لم تعش مثلها منذ ثلاث سنوات، وما تزال تعيشها حتى الآن، ولكن مع تفاقم الوضع الأمني أكثر فأكثر، وتوقعات من الأهالي لما هو أسوأ في حال استمر الوضع على هذه الحال. 
“عبد الرحمن خبو” من أهالي مدينة بنش قال لزيتون: “الوضع في الآونة الأخيرة في مدينة بنش سيء للغاية، ومنذ حل الهيئة الإسلامية التي كانت في المدينة، بدأ الوضع الأمني في المدينة يسوء تدريجياً، وانتشرت ظاهرة السرقة بشكل كبير، بالإضافة إلى حادثة خطف جميل السيد من أمام منزله من قبل هيئة تحرير الشام، وهي أول حادثة خطف تحدث في المدينة منذ بدء الثورة، وتتالت بعدها حوادث سرقة المنازل والمحلات التجارية في المدينة، وعلى الرغم من أن عمل الهيئة الإسلامية كان ضعيفاً نوعاً ما، إلا أنها كانت تشكل مصدر خوف للصوص ورادعاً لهم”.

وأضاف “خبو”: “الفصائل الموجودة في مدينة بنش لم تعمل على الحفاظ على أمن المدينة، حتى أن محاولة سرقة حدثت لمحل تجاري بالقرب من مقر لإحدى الفصائل في المدينة، ولذلك أرى أن يتم تشكيل لجنة من المدنيين لحماية المدينة وأن يتم إبعاد الفصائلية عنها لكي تنجح، ونشر دوريات ليلية مكثفة في أحياء المدينة وعلى أطرافها، وذلك لسد الفراغ الأمني الحاصل في المدينة”.

“عبيدة حوى” من أهالي بنش أفاد لزيتون بأن نسبة المشاكل والسرقات وحالات الخطف كانت شبه معدومة عندما كانت الهيئة الإسلامية موجودة في مدينة بنش، ولكن بعد حل الهيئة بدأت حوادث السرقة تزداد شيئاً فشيئاً دون مراقب ولا محاسب، مضيفاً: “وأصبح كل فصيل في المدينة يعول على الفصيل الآخر، إلى درجة أن السوق الذي يفتتح أبوابه أسبوعياً يوم الثلاثاء، ويعد أكبر تجمع للأهالي، يُقام دون مراقبة ولا حماية، وهو أمر خطير ففي حال حدوث أي مشكلة أو تفجير في مكان السوق أو محيطه، قد يودي بحياة العشرات من المدنيين”.
أما “حسن حاج قاسم” من أهالي بنش فأكد أن الوضع الأمني في مدينة بنش متردي جداً، ووصل إلى قمة تدهوره في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين، حيث كثرت حوادث سرقة الدراجات النارية والمحلات التجارية، بالإضافة إلى حادثتي الخطف التي تعرض لها كل من جميل السيد وشاهر سماق، مضيفاً: “وما شجّع على ازدياد حالات السرقة هو عدم محاسبة الفاعل، وهذا في حال تم اكتشافه، والاكتفاء بإعادته للمسروقات أو دفع ثمنها، وترك الفاعل بعدها حراً وكأن شيئاً لم يكن، بالإضافة لكون تطبيق الاتفاق الذي جرى بين الفصائل الموجودة في المدينة يعد شبه مستحيل، لعدم رغبة الفصائل بالعمل مع بعضها، ورفض عناصرها للتعاون فيما بينها، ونظراً لذلك يجب أن يحمي شباب المدينة مدينتهم وأهلها بأنفسهم، وينتشرون ضمن مجموعات في أحيائهم”.

وكانت مدينة بنش قد شهدت في 29 آب الماضي، أول حادثة خطف منذ أكثر من ستة أعوام، تعرض لها “جميل السيد”، وتمت على يد هيئة تحرير الشام، التي اختطفته من أمام منزله في المدينة، بحجة شكوى مدنية عليه، دون أن تبلغ أحداً واقتادته إلى جهة مجهولة، لتعود وتطلق سراحه في 13 أيلول الماضي.

كما قامت مجموعة مسلحة ملثمة، مؤلفة من 4 أشخاص بعد منتصف ليلة الاثنين 6 تشرين الثاني الجاري، بخطف “شاهر سماق” مراسل “الأورينت نيوز” من أمام منزله في مدينة بنش، وسرقة كافة المعدات الإعلامية، والهاتف الجوال، والأغراض الخاصة التي كانت بحوزة “سماق”، كما حاولت سرقة سيارته إلا أنها فشلت بذلك، بسبب وجود عطل في السيارة. 
وقالت مصادر مقربة من “سماق” إن المجموعة المسلحة قامت بالتجول في شوارع مدينة بنش، بعد تكبيل “سماق” واختطافه، ودون أن تقوم بحجب بصره، وذلك قبل أن ترمي به بالقرب من مطار “تفتناز” العسكري، وتلوذ بالفرار.
لتكون حادثة اختطاف “سماق” الثانية من نوعها في مدينة بنش منذ بداية الثورة، وهي ما يعتبرها أهالي المدينة دليلاً إضافياً على ازدياد تدهور الوضع الأمني فيها. 
وفي هذا السياق قال “عبد الحميد مراد” من أهالي مدينة بنش: “أمر الاختطاف بات أمراً متوقع الحدوث، بسبب ما نراه من تردي وسوء الوضع الأمني في المدينة، ولكن ما نتمناه كأهالي أن لا يتفاقم الوضع أكثر من ذلك، ويصل إلى ما هو أسوأ وهو القتل والاغتيالات، وفي حال بقي الوضع في المدينة على ما عليه فسوف نصل لهذه النتيجة حتماً”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*