الدراجات المسرعة والتعدي على الأرصفة.. سمة شوارع إدلب

زيتون – محمد المحمود

على أرصفة إحدى شوارع مدينة إدلب، يقف يزن الطفل الصغير ذو الستة أعوام، يراقب ويخطط وينتظر لحظة انطلاقه ليعبر الطريق بسلام، ويصل إلى منزله بعد يوم مدرسي طويل، ولعل عبور يزن للطريق أمر يضاهي في خطورته عبور رجل من طريق يرصده القناص، والسبب هو انتشار الدراجات النارية التي يقودها بعض الشبان بشكل جنوني وسرعات فائقة شوارع المدينة.


ونظراً لإمكانية الأهالي من تأمين الكثير من مستلزماتهم عبرها، وما توفره عليهم من أعباء، واقتصاديتها في استهلاكها للوقود الذي بات مرتفع السعر أو شبه مفقود، وحاجتهم لوسيلة نقل، فقد انتشر استخدام الدراجات النارية بشكل كبير في مدينة إدلب بعد تحريرها.
الحاج “عبد القادر أبو خالد” من أهالي مدينة إدلب، دفعه عمله اليومي في بستانه لاقتناء دراجة نارية، ورأى فيها حاجةً ماسة، وحلاً مناسباً، يُجنبه دفع أجرة سيارة يومياً، وعناء انتظارها أو البحث عنها للذهاب إلى بستانه البعيد. 
وكان الهدف من اقتناء الدراجات النارية من قبل الأهالي، هو تأمين احتياجاتهم بشكل سلس، وتوفير الكثير من الأعباء المادية على أنفسهم، إلا أن البعض أساء استخدامها، وغيّر الهدف من وجودها، لتصبح لمجرد المتعة في أيدي بعض القاصرين. 
“فادي الأحمد” صاحب إحدى البسطات في سوق مدينة إدلب قال لزيتون: “قيادة بعض الأطفال للدراجات النارية من أخطر المشاكل التي تواجهنا في سوق المدينة وشوارعها، والتي كثيراً ما تتسبب بحوادث أو خلافات، وعلى أقل تقدير تؤدي لازدحام مروري في شوارع المدينة، ولا سيما أنهم يقودونها بسرعة خيالية، ويجعلون من الأزقة مضماراً لسباقاتهم، ويقومون فيها بحركات بهلوانية وخطيرة كحركات “التشبيب” و “التشفيط”، ولا يقتصر الأمر على الأطفال فقط، بل هناك بعض الشباب يقودون دراجاتهم بالطريقة ذاتها”.
واعتبر “أدهم المالك” من أهالي مدينة إدلب أن انتشار الدراجات بشكل كبير في المدينة، وقيادتها بسرعات فائقة ظاهرة خطيرة، مطالباً بوضع قوانين لتسجيل الدراجات النارية، وضبط حركتها، وتحديد السرعات المسموح بها، لتجنب وقوع حوادث في شوارع المدينة، فخطأ بسيط كفيل بأن يودي بحياة سائق الدراجة ومن يظهر أمامه، بحسب تعبيره.

من جانبه قال “حسين المحمود” شاب من مدينة إدلب لزيتون: “أجد متعة في قيادة الدراجة بسرعة، وكلما ازدادت السرعة، ازدادت متعتي، ولكنني لا أقود بسرعة كبيرة داخل المدينة، وإنما أتجه إلى الكورنيش وهناك أقود دراجتي كما يحلو لي”.
وأضاف “المحمود”: “لست ضد القيادة بسرعة، ولكن شريطة أن تكون السرعة خارج المدينة وليس في شوارعها وأحيائها، حيث تكثر السيارات والأهالي”.
وكانت القوة التنفيذية في مدينة إدلب قد فرضت في وقت سابق، عقوبات ومخالفات على كل من يقود دراجة نارية بسرعة، أو يقوم بالتشفيط أو التشبيب، وحددت القوة التنفيذية في بيانها ذاك، عقوبة المخالفين بالحجز على الدراجة النارية لمدة أسبوع، ودفع غرامة مالية قدرها 5000 ليرة سورية، وفي حال تكرار المخالفة للمرة الثانية تُحجز الدراجة لمدة خمسة عشر يوماً، وترتفع الغرامة المالية إلى 10000 ليرة سورية، بينما تُصادر الدراجة النارية، ويُحال صاحبها إلى القضاء، في حال تكراره المخالفة للمرة الثالثة، إلا أن الأمر بقي حكراً على الورق، ولم يتم تطبيقه على أرض شوارع وأحياء مدينة إدلب، لتبقَ شكوى الأهالي وشغلهم الشاغل على مدى أشهر طويلة، لا سيما أن هناك العديد من حوادث الاغتيالات والتشليح تمّت باستخدام الدراجات النارية المسرعة.

التعدي على الشوارع.. معاناة أخرى بمدينة إدلب
بالإضافة إلى ظاهر الدراجات النارية المنتشرة في شوارع مدينة إدلب، يعاني أهالي المدينة من ظاهرة التعدي على شوارعها وأرصفتها من قبل أصحاب المحال التجارية والبسطات والسيارات، ليقعوا ما بين ناري الدراجات المسرعة التي تقطع طريقها غير آبهة بمن فيه، وبين البضاعة التي تجتاح كل المساحات الخالية أمامها، وتجعل من الأهالي ضحية سهلة لسائقي الدراجات النارية وغيرهم، لا سيما في ظل الازدحام المروري الذي تشهده المدينة، والكثافة السكانية الكبيرة التي تعانيها.
ويضطر “ثائر الحاج سليمان” من أهالي مدينة إدلب في كثير من الأحيان للسير في منتصف الطريق، وعلى يمينه ويساره تسير السيارات، مما يهدد حياته للخطر في بعض الأحيان، وذلك نتيجةً لتغطية أجزاء من الشوارع بالإضافة إلى الرصيف بالبضائع، مطالباً القوة الأمنية بوضع حد لهذه الظواهر التي تخنق شوارع مدينة إدلب، بحسب قوله. 
بينما اشتكى “أحمد العلي” من أهالي مدينة إدلب من عدم وجود أنظمة سير تحدد المخالفات، وعدم وجود كراجات خاصة لركن سيارته فيها أثناء تواجده في السوق أو العمل، مما يجعل أصحاب السيارات يركنونها بشكل عشوائي، طولياً وعرضياً وكيفما شاؤوا، ويحدث ازدحاماً مرورياً، وإغلاقاً للطريق على بعضها البعض.
واتهم “زكريا الموسى” من أهالي المدينة، القوة الأمنية بمدينة إدلب بالاستهتار والتغاضي عن أصحاب المحلات، مضيفاً: “لولا سكوتها عن أصحاب المحلات، وعدم اتخاذها أي إجراءات بحقهم، لما كانوا ملأوا شوارع معظم مدينتنا بالبضائع، ولكن الأمر الجيد أنهم تركوا لنا إلى الآن جزءاً نسير فيه”.
كذلك أرجع أصحاب المخالفات أنفسهم، سبب مخالفاتهم وتعديهم على أرصفة وشوارع المدينة إلى تقصير القوة الأمنية والقائمين على إدارة المدينة، حيث قال “أحمد الدوماني” صاحب محل تجاري بمدينة إدلب لزيتون:

“لا يتسع محلي لكل البضائع، وبعد أن رأيت جيراني يعرضون بضاعتهم في الشارع دون عقوبة عليهم من قبل أي جهة، قمت بوضع البضاعة على الشارع، وأي جهة ستعمل على إزالة هذه الظاهرة، سأتعاون معها وأزيل بضاعتي”.

وقال “محمود الجابي” صاحب بسطة خبز بطول 3 أمتار في منطقة دوار الساعة بمدينة إدلب لزيتون: “محلي بعيد ولا يرتاده أحد نتيجةً لبعده، ولذلك اخترت مركز المدينة لأضع بسطتي فيه، وعندما لم أجد مكاناً لها على الرصيف، اضطررت لوضعها على جزء من الشارع، ولا سيما أن القوة الأمنية لم تعمل على منع أو إزالة أي بسطة، ولا بد أن تقصيرها هو السبب بانتشار المخالفات”.
وما بين البضائع والسيارات والقيادة المتهورة للدراجات، يفتقد أهالي مدينة إدلب لطريق سالك بسهولة ليعبروه، ولتبقَ شوارع المدينة ومخالفاتها برسم القوة الأمنية، والقائمين على إدارتها، أو من يسمون أنفسهم “حكومة”، ومقرها في تلك المدينة الصغيرة، وإذا لم تكن الحكومة بحد ذاتها قادرة على حل أبسط مشاكل وهموم أهالي المدينة، فكيف بها بمشاكل المحافظة؟، وما هو عملها؟، وعلى أي أساس تُدعى حكومة؟!.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*