حوار مع الناشط السياسي حسين أمارة: الثورة في سوريا كانت عفوية لأنها وَرِثَت أحزاب هزيلة

أمارة: “حال التجمعات السياسية في محافظة إدلب كحال كل التجمعات السياسية على كامل الساحة السورية، الثورة في سوريا كانت عفوية لأنها وَرِثَت أحزاب هزيلة جداً لا تملك ثِقَل جماهيري و ثِقَل سياسي فاعل ومُؤثِّرعلى الأرض، لا أُحَمِّل المسؤولية لأحد نحن جميعا نَحمل المسؤولية ،كل المدنيين والسياسيين والمثقفين بشكل أو بآخر، ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد نضج سياسي ولا إمكانية لقيادة الأهالي في الأراضي المحررة.

القادة العسكريون فشلوا بإدارة المناطق المحررة، ورغم ذلك لم يقتنعوا بالتيارات المدنية والسياسية

لا يمكن أن تقوم قائِمة لسوريا إلا بتعدديتها.

ظهور التنظيمات المسلحة وخاصة ذات الطابع الإسلامي المضلل، أثَّر على دور المرأة وجعله متدنياً”.

أجرى الحوار: بشار الخالد

نظراً لما لمحافظة إدلب من خصوصیة في بقائِها خارج سیطرة النظام، وبما فیها من هامش حریة كان متاح سابقاً، ولأسبقیتها بتشكیل العدید من التكتلات السیاسیة منذ بدء الثورة، وتوفر الأرضیة السیاسیة، كان من المهم إبراز دور هذه التجمعات في الفترة الحالية والمقبلة، وتبيان قدرتها على بلورة قیم وأهداف الثورة ضمن إطارات مدنیة وسیاسیة، والدفع باتجاه العمل السیاسي بدیلاً أكثر كفاءة من العمل العسكري أو التنسیق بینهما.
وفي محاولة لقراءة الواقع السياسي في محافظة إدلب، والحديث عن واقع ومستقبل التجمعات السياسية، التقت جريدة زيتون بالناشط السياسي “حسين أمارة” في منزله وكان الحوار التالي:

– ظهرت في محافظة إدلب مجموعة من التجمعات السياسية بهدف توحيد صوت الثورة وتمثيل أهدافها، ما رأيك بالتجمعات السیاسیة في محافظة إدلب؟ وهل هي قادرة على بلورة رأي سیاسي یمثل السوريين؟
حال التجمعات السياسية في محافظة إدلب كحال كل التجمعات السياسية على كامل الساحة السورية، الثورة في سوريا كانت عفوية لأنها وَرِثَت أحزاب هزيلة جداً لا تملك ثِقَل جماهيري و ثِقَل سياسي فاعل ومُؤثِّرعلى الأرض، نتيجة القمع المستمر الذي كان يمارس سواءً من الأسد الأب أو الإبن، كان هناك بقايا أحزاب سياسية هزيلة تحول قسم منها إلى منتديات في البداية مثل منتدى الأتاسي وغيره.
بعد انطلاق الثورة ونتيجة غياب الأحزاب السياسية ولتعويض هذا الغياب، ظهرت تجمعات ذات طابع مدني، خاصةً عندما ضغط النظام بإتجاه تحويل العملية السياسية التي قامت ضِده إلى عملية مسلحة، لكي يكسب شرعية دولية لقمع الثورة، وبعد تحول الثورة السياسية في سورية من ثورة مدنية سلمية ضد الظلم والطغيان إلى ثورة مسلحة، نتيجة ضغط النظام في هذا الإتجاه، وقبول الطرف الآخر لهذا الأمر وانجراره لمطامح النظام بتحويلها لثورة مسلحة، نشأت هذه التجمعات المدنية والسياسية، ولكنها حتى الآن  لم تُثمِر لأنه طغى الجانب العسكري على الجانب السياسي، وبِجُهد وعمل الفصائل العسكرية منع المدنيين والقِوى المدنية من تكوين نفسها ومخاطبة الشارع، بسبب حالة التنافس بين القادة العسكريين وشعورِهم بأنهم الطرف الأقوى وخلطهم بين السياسة والعسكرة وفرض رأيهم بأن تكون الساحة لهم، وبالتالي لهم أحقية بإدارة المدن لامتلاكهم السلاح.

وللأسف هم لا يمتلكون القدرة على ذلك وفشلوا بإدارة المناطق المحررة، ورغم ذلك لم يقتنعوا بالتيارات المدنية والتجمعات السياسية التي بدأت تظهر في الساحة السورية، كي لا تُشكِل منافسة لهم وتنبه الناس إلى أفعالهم التي كانت تضر أحياناً بمصالح المدنيين.

في سراقب مثلاً، كان هناك تجمعين أحدهم التجمع الثوري السوري في سراقب -وأنا كنت واحداً منهم- وتجمع نداء سوريا، لنتحدث عن التجمع الثوري السوري وهو تجمع نشأ في آذار 2016 وضم عدداً لا بأس به من الشباب القانعين والطامحين في الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، وكان مطلبنا أن تكون بديل للنظام القائم، وتشكلت الهيئة العامَّة للتجمع، وإنتَخَبت مكتب سياسي، ومكتب قانوني ومكتب ثقافي ومكتب إعلامي، لكن تواتر الأحداث وتسارعها وهَيمنة جبهة النصرة التي تحولت لاحقاً إلى هيئة تحرير الشام، التي حاولت تخويف وترعيب وإرسال التهديدات والتشهير بكل التجمعات المدنية التي كانت في سراقب، على أنها علمانية وتكفيرية الخ، لذلك لم نستطيع النهوض بأنفسنا وتوسيع القاعدة الشعبية كما يَجب،  التجمع ما زال موجود لكن إجتماعاته معلَّقَة منذ سنة بسبب التخوف من إرهاب هيئة تحرير الشام بشكل أساسي.
أما تجمع نداء سوريا  الذي يختلف عن التجمع الثوري السوري في مدينة سراقب، ليس من باب التشهير ولكن يضم من أقصى اليمين إلى الوسط وليس اليسار، وبالتالي الأشخاص الذين يَفرضون سيطرتهم على التجمع لا يعلمون ماذا يريدون في سوريا المستقبل، ولذلك عندما سيطرت هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب، كان قسم منهم إلى حدٍ ما موالي للهيئة من تحت الستار، وهذا ما أضعف من تجمع نداء سوريا.
التجمعات السياسية في مدينة سراقب قائمة ولكن بشكل هزيل ومجمدة، وليس لها أي نشاط واضح ومعلن، ولكن الظروف التي مرت فيها المدينة من هجمة النظام العسكرية على الأطراف الشرقية للمحافظة، وحالات النزوح من الريف الشرقي بما فيها سراقب التي انضمت لاحقاً لقافلة النزوح، خفف من هذه العملية ولكن الآن توجد دعوات لتنشيط العمل المدني السياسي.

– إذا برأيك كل التجمعات السياسية في محافظة إدلب بما فيها الهيئة السياسية هزيلة غير نشطة وغير قادرة على تمثيل رأي الناس؟
فيما يخص محافظة إدلب والهيئة السياسية فيها تحديداً، الهيئة السياسية بإدلب دمرت نفسها  بنفسها، وذلك لمشاركتهم بالإجتماع التأسيسي لحكومة الإنقاذ، وهذا أشعر الناس بأنهم بدون موقف من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، التي أضرت بالثورة السورية وأفقدهم المصداقية، وهذا لايعني أن بقية الفصائل لم تُضِر بالثورة، كل الفصائل أضرت بالثورة، مع إحترامي للشهداء الذين سقطوا في الثورة السورية، ولكن الفصائل المسلحة أضرت بالثورة السورية أكثر مما أفادت، بسبب الارتباطات الدولية والإقليمية، فهم عبارة عن “ريموت كونترول” وجميع هذه الدول لها مصالح وتدعم فصائل تُنَفِذ مصالحها، قد يكون هناك تقاطع للمصالح في نقطة أو إثنتين وتختلف معها في ثمانية من عشرة، وهنا يجب علي أن أستغل هذه النقطتان لمصلحتي، وليس الإستسلام للثمانية من عشرة بشكل كامل لتصبح في مصلحة الداعم الإقليمي أو العالمي، للأسف الفصائل المسلحة تُغْفِل هذا الأمر وهمها الوحيد استمرار الدعم وخاصةً القادة، الذين همهم الوحيد الدولار الذي يدخل جيبهم.

الهيئة السياسية وقعت في مطب تحرير الشام وفقدوا مصداقيتهم، وليس لديهم الآن أي رصيد جماهيري لهم إسمهم فقط.
باختصار كل التجمعات السياسية في الساحة السورية هزيلة بما فيها الهيئة السياسية، وهي ليست قادرة على بلورة رأي سياسي يمثل الناس وبعيدة كل البعد عن تطبيق أي قرار على أرض الواقع، أنا لا أُحَمِّل المسؤولية لأحد نحن جميعاً نَحمل المسؤولية، كل المدنيين والسياسيين والمثقفين بشكل أو بآخر، ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد نضج سياسي ولا إمكانية لقيادة الأهالي في الأراضي المحررة.

– تحدثنا عن تجمعات سياسية هزيلة، وعسكرة أعاقت العمل السياسي وحجمت التجمعات السياسية، الآن كیف ترى العلاقة بین هذه التجمعات والأهالي في محافظة إدلب وما حجم الثقة المتبادلة؟
لا يوجد علاقة بين هذه التجمعات والناس لطالما دخلت في حالة كمون ووصلت لمرحلة الجمود، ذَكرت سابقاً يفترض خروج دعوات جديدة لتنشيط العمل السياسي الثوري في محافظة إدلب، الناس وصلت لمرحلة القرف من العمل المسلح، وأدركت بفطرتها وبطبيعتها وبوعيها أنه لا يوجد أمل من الفصائل المسلحة، وأننا غير قادرين على هزيمة النظام عسكرياً ولا حتى النظام قادر أن يهزم الثورة عسكرياً، ومن الأساس يوجد فيتو دولي بهذا الأمر بإتفاق روسي أمريكي.
الآن يوجد دعوات جديدة على مستوى المحرر لإعادة تفعيل وتنشيط هذه التجمعات والتواصل مع الشارع المستعد للعمل السياسي بعد مقته من العمل العسكري.

– ما الحل حالیاً للخروج من العُزلة – إن وجدت – التي وقع بها العمل السیاسي، وكیف یمكن إعادة ثقة الأهالي للانخراط بالعمل السیاسي؟
في الدرجة الأولى يجب أن نكون واعين لِما يحاك في سوريا، بعض الدول العالمية والإقليمية ليس لديها مشكلة في تفتيت سوريا لتصبح دويلات، وبعض الدول العالمية والإقليمية لا تَصب في مصلحتها عملية التقسيم هذه،  كتركيا وروسيا، لكن نحن كشعب سوري من مصلحتنا أن تكون سوريا دولة موحَدَة وديمقراطية، وهذا هو هدفنا الذي قمنا من أجله في الثورة وإستبدال النظام بنظام آخر ديمقراطي، خرجنا ضد نظام قمعي ديكتاتوري فاسد يعتبر سوريا حظيرة أغنام  له ويقوم باستغلالها.

الوضوح والشفافية في الطروحات هو أساس العمل وأساس تقبل الناس، نحن نريد سوريا مدنية ديمقراطية تعددية لكل المواطنيين السوريين، بغض النظر عن الإثنيات العرقية أو الطائفية أو المذهبية، وكل ما كان هذا الطرح واضحاً كان تقبل الناس له أكبر.

الشيء الآخر، حتى تقنع الناس أن تكون حولك وتشكل حاضنة وسياج لك، المفروض التعايش مع قضاياهم اليومية وحاجياتهم المُلِحَة وتقديم إمكانياتك للناس، وفي حال عدم وجود إمكانيات لديك، عليك الخروج بمظاهرة ولو بعشرة أشخاص تطالب بحاجياتهم الخدمية كالطبابة وإرتفاع الأسعار وسوء المعيشة، مع الإشارة لسبب الخلل للأهالي وفضح المُستغليّن لحقوقهم.
يَجب أن تكون صوت الأهالي المُعلن لفضح الأطراف المستغلة، بقدر ما تكون قريباً من الناس بقدر ما يشكلون حاضنة لك، وهنا يبدأ الوعي ويتطور لدرجة أن يَصِلوا لمرحلة الإقتناع بأن كل القضايا التي يطرحها البعض كالقضايا الدينية، هي قضايا دخيلة لم نتعايش معها تاريخياً في سوريا، وهي قضايا تَزيد في الشرخ وتؤدي إلى إنقسام سوريا وتضر بمصالحنا قبل الضرر بأي طرف آخر.

– كیف یمكن القیام بعمل سیاسي حر في ظل سیطرة العسكر وفرض إرادته، مع القمع الممارس في معظم الأحيان لكل صوت مخالف؟
بدون أدنى شك يوجد خطورة، ولكن مثلما أقدمنا على مخاطرة مقاومة النظام وخرجنا مظاهرات ضده يجب المخاطرة، وإذا تسلل الخوف من الإعتقال أو الخطف إلى أنفسنا، فأننا في هذه الحالة لسنا أهل للثورة بشكل أساسي، وكان علينا أن لا نقوم بثورة ضد النظام، كنا نعلم أن النظام سوف يقمعنا ومع ذلك خرجنا بدون خوف، والآن يجب أن لا نخاف ويجب أن نخاطر ولو خطف أحد منا، هم لا يستطيعوا خطف كل الناس.
وحين تنهض ويكون معك مجموعة من الناس ويكون هناك دعاية وتوعية لفكرة معينة تلتف حولها الناس، لن يستطيعوا مقاومة كل المجتمع وسوف يجبرون على الانكفاء على أنفسهم، خذ مثلاً الاشتباكات الأخيرة بين تحرير سوريا وتحرير الشام، بعد خروج المظاهرات لتحييد الاقتتال في المدن، اضطروا لتحييد هذه المدن تحت ضغط مطالب الناس.
المهم نزع هاجس الخوف من قلوبنا، وخاصةً المتنطحين لدور العمل السياسي، الذين نذروا أنفسهم لهذه العملية، السوريون منذ فترة بعيدة تخلصوا من هاجس الخوف ولكنهم بحاجة الى جهة تقودهم وتمشي أمامهم أو بجانبهم على الأقل.

– هل ترى أن الشارع له الثقة والاستعداد لتقبل العمل السياسي بدون خوف بعد سبع سنين عانى فيها من قمع متعدد الأوجه؟
ثقتي في الجماهير لا متناهية في البعد والكبر، عندما تُقدم فكرة للناس وتقوم بالتوعية ويقتنعون بها سوف يمشون في طريقها حتى الموت، وكل الفصائل تعرف أنها ليست أقوى من بشار الأسد وجيشه ومخابراته، لذلك مطلوب مِنا نحن السياسيين والمثقفين والذين حملنا على عاتقنا مسؤولية قيادة الناس من أجل الوصول لأهدافهم، يتوجب علينا البدء بإقناعهم بالإنضمام للعمل السياسي، وأنا ألاحظ وجود أشخاص بسطاء ليس لديهم أي إرث أو تاريخ سياسي، يقومون بالدعاية لمظاهرات، يحضروها مع السياسيين القدامى، وهذا إن دل على شيء يدل على إستعداد الناس رغم كل ما قدموه سابقاً، على التقديم مجدداً في كل الأراضي السورية المحررة وغير المحررة.
عدم الوصول لحالة سياسية ذات طابع مدني ديمقراطي خلال سبع سنوات أدى الى تراجع الناس عن العمل السياسي، فقدان هذه الحلقة سَبَّب حالة ضياع عند الناس بين الفصائل والسياسيين، لذلك حالياً إذا قمت بإستطلاع رأي ماذا تريد، سيكون الجواب غالباً لا أعرف أو يعطي جواباً بعيداً عن الذي تريده، هذا يعطيك دليل عن العجز منذ البداية، وأننا لم نكن أهلاً لهذه المسألة.

– يوجد نُخْبَة سياسية واعية تقود الحراك المدني الثوري وتدعو لمظاهرات، وفي الوقت ذاته هناك تراجع في العمل السیاسي لدى التجمعات والأحزاب في المحافظة، هل يعود السبب في هذا التراجع إلى أخطاء تنظیمیة؟
الأنانية وحب التسلط وحب الزعامة أصاب الحركة السياسية في سوريا في مَقتل، بالإضافة إلى وجود أخطاء سياسية وتنظيمية، ونشوء تكتلات لا تقوم على مبادئ وأفكار واضحة، إذ أن كل مجموعة من الشباب كانت تُشكِل تجمع معين، وفي كل منطقة جغرافية أصبح هناك أكثر من تجمع، ولم يحدث بينها التقاء أو اندماج، لأن كل طرف يعتبر نفسه هو الأساس، وبَقيت التجمعات ذات طابع فئوي، أو متأثرة بالتنظيمات السياسية السابقة، وبقي كل شخص متأثراً بتاريخ حزبه الذي أتى منه، مُتَمَتْرِساً بخلفية حزبه القديم دون تنازل، وفي الحقيقة لم يستطيع أي طرف تقديم شيء أو جمع الأهالي حوله، فمثلاً في مدينة سراقب وُجِدَ التجمع الثوري السوري وتجمع نداء سوريا، وقامت دعوات لدمج الحركتين معاً، فأصبح الأمر محاصصة هل نسميه تجمع أم نداء أم تجمع نداء، وكأن المسألة خلاف على الاسم، وكان من الأجدى قبل مناقشة الاسم، أن يكون تفاهم أنا ماذا أريد وأنت ماذا تريد، فإذا تم التوافق على النقاط والبرامج لا مشكلة بالاسم، ولكن في حال عدم التوافق هنا تصبح حالة طلاق ويجب إعادة الحوار، وفي النتيجة لم يحدث لقاء أو اندماج بينهما

– إذاً لا يوجد موقف مؤثر إيجابي يدفع الثورة إلى الأمام من كل التجمعات السياسية الموجودة في الأراضي المحررة؟

لا يوجد موقف يجعلنا نتغنى به، ولم تتعدى هذه المواقف عتبة البيانات حول قضية ما حدثت في الثورة السورية نقوم بالتوقيع عليها نحن والأهالي، وهذه أصلاً ردّاتُ فِعل وليست مواقف لجذب الناس ودفعهم لعمل معين يخدم الثورة.

– كیف ترى دور المرأة في العمل السیاسي علماً أن التجمعات النسویة إنتشرت بشكل كبیر في الآونة الأخیرة ؟
من الناحية النظرية لا يستطيع أحد أن ينفي دور المرأة فهي نصف المجتمع، هي الأم والزوجة والبنت والأخت، ولكن ظهور التنظيمات المسلحة وخاصة ذات الطابع الإسلامي المضلل، أثَّر على دور المرأة وجعله متدنياً فهي تستطيع القيام بدور أفضل، في الحقيقة لا أدري من أين يأتون بالمفاهيم التي يطرحونها، فمثلاً في مدينة سراقب شاركت المرأة في المظاهرات ولكن ظهور الحركات المسلحة وخاصةً التيارات الإسلامية، أدى إلى إختفاء دور المرأة من المشهد نهائياً، ولذلك لا يلاحظ أي دور للمرأة حالياً، ومطلوب الآن من التجمعات المدنية الثورية التي نشأت أو في طور النشوء، إحياء دور المرأة لأنها عنصر فعال و أساسي في المجتمع، ويمكن الإستفادة من طاقاتها الكبيرة التي لا تقل عن طاقات الرجل .

– كیف یمكن تطویر عمل التجمعات النسائیة وتحفیزها على المشاركة في العمل السیاسي؟
هناك عدة أساليب لإحياء دور المرأة في المناطق المحررة، كترميم التجمعات المدنية الثورية وإشراك المرأة فيها ويمكن إشراك المرأة أيضاً في التوعية والتثقيف وزجها في مجالات عدة كالتعليم والطب، لكن هذا الأمر يحتاج إلى قِوى مقتنعة بالعمل المدني والديمقراطي ومقتنعة في المرأة، وليس قِوى تنظر لها على أنها كتلة من الحرام ولا يسمحون لها بالقيام بأي عمل.
وهذا الأمر حصل سابقاً في بوابة إدلب التي إعتدت عليها جبهة النصرة، وعاثت فيها فساداً، لاحتضانها لقاءً لتجمع نسوي، هم يعتبرون أن دور المرأة فقط في البيت وتربية الأطفال والمطبخ، ويُمنع عليها القيام بأي دور آخر، مهمتها فقط إمتاع الرجل.
ونحن كتجمعات ثورية مدنية يجب علينا القيام بحملات توعية ونركز على دور المرأة، فدور المرأة ليس فقط الإنجاب، هي المعلمة والمهندسة والطبيبة ويمكنها القيام بأي عمل يقوم به الرجل، فالإنسان بدل أن يمشي أعرجاً  على قدم واحدة يستطيع المشي بشكل سليم على قدمين.
لكن هذا الأمر يحتاج إلى فترة من التوعية  للمرأة من جهة، وتوعية للرجل بضرورة المرأة من جهة أخرى.

– في نهاية الحديث، هل من كلمة أخيرة تحب أن تقدمها؟
أتمنى من كل قلبي الدعوة لإنشاء أوسع تجمع مدني سوري في كل سوريا، يكون هدفه عملية التغيير السياسي بعد إسقاط بشار الأسد، وإقامة دولة مدنية تعددية ديمقراطية لكل السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم، وأن لا نسمح للمتأسلمين الجدد المضللين أن يزرعوا بأفكار الناس أن هذا نصيري ضدنا، وهذا درزي ضدنا، وهذا علوي ضدنا الخ..
لا يمكن أن تقوم قائِمة لسوريا إلا بتعدديتها هذه، يجب على الناس أن تعي أن هذه الفسيفساء السورية، هي قوة لنا إذا أردنا، ولكن إذا أردنا أن نسمع للمتأسلمين الجدد المضللين فهذه نقطة ضعف وستؤدي إلى دمار سوريا.
لذلك أدعو إلى أوسع تجمع مدني سوري يناقش موضوع فترة ما بعد الأسد، والمحافظة على سوريا موحدة أرضاً وشعباً، ولا يمكن أن تكون موحدة أرضاً وشعباً بخطاب طائفي أو مذهبي، وحدتها تكون بخطاب وطني ديمقراطي يشمل كل السوريين بغض النظر عن إنتمائهم إن كان مذهبي أو عرقي أو سياسي.

*الناشط السياسي حسين أمارة من مواليد سراقب 1948، أحد مؤسسي رابطة العمل الشيوعي، ومؤسس التجمع الثوري السوري، وأحد منظري لجان إحياء المجتمع المدني عام 2001، تعرض للاعتقال السياسي من قبل نظام الأسد عام 1977 وحتى 1980، كما اعتقل بين عامي 1985 وحتى عام 1992.

شارك في اعتصام القصر العدلي بدمشق عام 2005، وكان من أول المشاركين بالثورة السورية والمظاهرات 2011 بفاعلية.

كتب الكثير من المقالات حول أحقية الثورة، وحذر من تسليحها وانحرافها من قبل المجموعات المتطرفة، وعلى رأسها جبهة النصرة وداعش. معروف عنه نشاطه في أي حراك سياسي أو ثورة تساهم في بناء سوريا الديمقراطية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*