مشاريع ناجحة لتمكين نساء الشهداء في أريحا

زيتون – أسامة الشامي

تحتل المرأة موقع الصدارة في المأساة السورية، كزوجة وأم وابنة ومعيلة، وفي ظل المقتلة التي أودت بحياة الكثير من المعيلين، تحملت المرأة وزر إعالة أسرتها وإشغال المكان الذي تركه رجالهن، في حالة لم تكن مهيأة لها، ولا تمتلك مؤهلات العمل ومهاراته.

بخطوة فعالة ونافعة لأكثر من 290 امرأة، غالبيتهن من المحتاجات للعمل، أجرت المؤسسة السورية للرعاية الإنسانية والتنمية (مسرات) بالشراكة مع منظمة NPA، وبالتعاون مع مجلس مدينة “أريحا” ثلاثة مشاريع داعمة للنساء، في مدينة أريحا، هدفت هذه المشاريع لتعليم النساء بعض المهن المناسبة لهن، إضافة لحصولهن على أجر جيد خلال فترة هذه المشاريع.

الإداري في مؤسسة مسارات وأحد المشرفين على هذه المشاريع “خالد الطكو” تحدث عن هدف هذه المشاريع قائلاً: “هدفت هذه المشاريع إلى تأهيل النساء مهنيا وإتاحة فرصة لتعليم مهنة الخياطة أو الصوف لهؤلاء المستفيدات، وإمكانية الحصول على العمل مستقبلاً، لمساعدة عوائلهن في تأمين مستلزمات الحياة، مع تأمين دخل جيد خلال مدة المشروع، حيث تتقاضى المدربة 8 دولار عن كل يوم عمل وتتقاضى المتدربة 5 دولار عن كل يوم عمل”.

وعن الفئة النسائية التي استهدفتها المشاريع أوضح الطكو: “إن النسبة الكبيرة من المستفيدات هن نساء أرامل معيلات لأسرهن، كما أن شريحة كبيرة منهن هي من النساء النازحات إلى مدينة أريحا”.

وتنطلق المشاريع الثلاثة من الأعمال التي تعتبر مناسبة ومطلوبة للنساء في المدينة كالخياطة والنسيج فكان المشروع الأول لتعليم خياطة البيجامات، الذي ضم 100 امرأة متدربة، مع 10 نساء مدربات خياطة، مع مشرفة للمشروع، وموظفة للمتابعة والتقييم، ليصبح مجمل نساء هذا المشروع 112 امرأة، مدة المشروع 5 أشهر حيث بدأ في بداية كانون الثاني ويستمر حتى نهاية شهر أيار الحالي.

“مريم صطوف” زوجة شهيد ومعيلة لأسرتها وواحدة من اللواتي استفدن من هذا المشروع قالت لزيتون: “انا خريجة معهد تجارة واقتصاد، ولا أملك أي عمل، بعد استشهاد زوجي اضطررت لأن أعمل وأقدم لأطفالي الخمسة، كان المشروع ناجح جداً، فأنا لم أكن أعرف كيف أضم الخيط، الآن تعلمت الخياطة، إضافة للوقت الممتع الذي قضيته مع نسوة من كل المحافظات، وغالبتهن يشاركنني نفس الوجع، نتعلم ونروح عن أنفسنا”.

المشروع الثاني كان يهدف لتعليم خياطة الحقائب المدرسية، وضم المشروع 80 امرأة متدربة، مع 8 مدربات خياطة حقائب، إضافة لمشرفة للمشروع، وموظفة للمتابعة والتقييم، مدة المشروع شهرين، حيث انطلق في بداية شهر نيسان ويستمر حتى نهاية شهر أيار الحالي.

“سهى بازو” مشرفة المشروع أوضحت لزيتون عن أولويات المشروع قائلة: “ركزنا على تعليم النساء المحتاجات للعمل على خياطة الحقائب المدرسية، فكان لدينا نسبة منهن أبدعت في حياكة الحقائب، والنسبة التي لم تتقن العمل بجانب ما، اتقنت جانباً آخر منه، كتفصيل الحقائب، لتعم الفائدة كل النساء”.

وأضافت البازو: “المهم هو فائدة نساء هن بأمس الحاجة للعمل، منها حالة مؤلمة، سيدة في العقد الثالث من العمر، مطلقة ولديها ولدين، وترعى أطفال أخيها المعتقل، ومعيلة لأسرتها المكونة من 5 أفراد، أغلبهم معاقين، فهي مربية ايتام ومربية أبناء معتقل، ومعيلة لأخوة مصابين حرب”.

المشروع الثالث يعنى بحياكة الصوف يدويا، وقد ضم 80 امرأة متدربة، مع 8 مدربات حياكة للصوف، مع مشرفة للمشروع، وموظفة للمتابعة والتقييم، مدة المشروع كانت شهرين حيث بدأ في بداية نيسان ويستمر حتى نهاية شهر أيار الحالي.

“نور الهدى رحال” سيدة في الأربعينيات، زوجة لشهيد أم لشهيد، ومعيلة لعائلتها، تحدثت بسعادة عن المشاريع لزيتون قائلة: “لفتة جميلة جدا، لنا نحن النساء اللواتي غطت الأحزان حياتنا، أحسست أن هذا المشروع أعادني للشباب، أتعلم وأعمل وأنتج، إضافة لما قدمه لنا من مساندة مالية، وأحب أن أنوه، أننا نساء إدلب لدينا طاقات إبداع كثيرة، وقدرات لا يستهان بها، ونتمنى أن تصقل هذه الطاقات دوما، بمثل هذه المشاريع”.

وفي خطوة مكللة لجهود النساء في المشاريع الثلاثة سيتم أخذ المنتجات من أعمال النساء من بيجامات وحقائب وصوفيات وتوزع مجاناً في المدارس، لتغدوا هذه المشاريع ذات نفع مضاعف.

ترى الكثير من النساء المشاركات في هذه المشاريع أن حرية المرأة ومشاركتها في الحياة لا تتم عبر الأهداف والشعارات الرنانة، إنما تتم عبر هذه المشاريع التي تمنح المرأة القدرة والإمكانية لأخذ دورها الذي هي بأمس الحاجة إليه، لا للتجميل الواقع بل لضرورته، ولا لإرضاء أحد، إنما لاستمرار الحياة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*