أطفال ادلب بعيداً عن الحرب 

IMG_4972

زيتون – ابراهيم الاسماعيل

يستيقظ بهاء بعد منتصف الليل في كل يوم على صوت حوامة تابعة لنظام الأسد تحمل براميل القتل والتدمير، وفي ليال أخرى تستفيق أمه على صوت بكائه بالرغم من خلو السماء من الطيران إلا أنه وبسبب الخوف والهلع اعتاد على الاستيقاظ من نومه بشكل فجائي ومتكرر في الليل.
يهدد الطفل السوري الذي يعيش في المناطق المحررة خطر قد يعتبره البعض أمراً عادياً ومألوفاً، ولكنه في حقيقة الأمر من أخطر الأمور التي قد تمر على الطفل، الحالة النفسية الصعبة والخوف المستمر والتي أصيب بها العديد من الأطفال ممن يبلغون عمر الثانية عشر ودون، ذلك جعلهم يعانون من مشكلة الخوف الشديد ليلاً ونهاراً، حتى وصلت لحالة من الفوبيا عند بعض الأطفال.
مركز كتاكيت في بلدة معرة حرمة في ريف ادلب الجنوبي يعمل على تقديم الرعاية النفسية للطفل بالإضافة الى تقديم الحفلات الترفيهية والنشاطات بشكل دوري ومتكرر، في خطوة من شباب ناشط لإزالة مخلفات الخوف العالقة في نفوس أطفال البلدة وتقديم ما استطاعوا من عون يضمن لهذا الطفل العيش بهدوء مثله مثل أي طفل آخر.
بدأ المركز بنشاط فردي من قبل عدد من الشبان والشابات وتم تجهيز قبو تحت الأرض من أجل زيادة الأمان بسبب خوف الأهالي من القصف المتكرر، حيث قاموا بدعوة الأهالي لإرسال اولادهم الى المركز، وبعد مدة قصيرة بلغ عدد الأطفال المداومين في المركز قرابة ال200 طفل يختلف عددهم حسب الأوضاع العسكرية والقصف في المنطقة، عندما تتزايد وتيرة القصف لا يأتي إلا القليل منهم، أما في حالات الهدوء القليلة يزيد العدد عن المئتين في بعض الأحيان.
وفي حديث أجريناه مع السيد مصطفى الإسماعيل مدير المركز، أخبرنا عن الصعوبات التي واجهتهم في مرحلة تأسيس المركز وإقناع الأهالي لإرسال أطفالهم:
” استمر العمل في تشكيل المركز قرابة الثلاثة شهور بدعم من العاملين فيه فقط، في ظل ظروف مالية صعبة وظروف محيطة صعبة جدا في ظل القصف المتكرر للبلدة وما حولها، حيث كانت مرحلة اقناع الأهالي هي الأصعب من ناحية الاستمرارية، فبدون الأطفال لن ينطلق المركز ويقدم ما خطط له”
قدمت منظمة “ميديكال” المهتمة بالعمل الانساني والطبي في الثورة السورية دعمها للمركز بعد فترة التجهيز، بالإضافة الى إشراف من قبل مؤسسة “رعاية الطفل و الأسرة” العاملة في الداخل السوري، حيث تم تأمين رواتب للمرشدين والمدرسين والمدرسات والمشرفات اللواتي يتواجدن في المركز أثناء تواجد الطلاب.
تتوزع عدة مراكز مشابهة في الريف الجنوبي لمدينة ادلب ومناطق أخرى قريبة، وتعمل على تقديم العون للطفل، كما يتم تقديم قرطاسية بشكل شهري لكل مركز، وعدد من الألعاب الخاصة بالأطفال وتجهيزات أخرى من أجل الحفلات التي تقام بشكل دوري.
النشاط الأكثر تميزاً.. حفلات الأطفال في المركز:
يعمل المشرفون على تدريب الأطفال قبل أسبوع أو أكثر من مواعيد الحفلات على مسرحيات وفقرات فكاهية وأخرى سياسية، تعرض على الحضور من أهالي الأطفال والمدعوين في البلدة، حيث تعمل هذه الفقرات على تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتطوير مواهبه الفنية أو الغنائية أو العلمية.
تقدم الفرقة الخاصة بالفتيات رقصات متنوعة بعد انتهاء فترات التدريب، والتي تمتد لمدة طويلة أحيانا من أجل الخروج بعمل متقن وجميل يساعد الطفل على الاستمرار بموهبته ويدخل الراحة الى نفوس الأهالي ويدفع غيرهم لإرسال أطفالهم الى المركز وهو الهدف من تأسيسه.
من الأمور المهمة التي يقدمها المركز للأطفال الرعاية النفسية عن طريق إعداد المنظمة لدورات متكررة في الرعاية النفسية والإرشاد النفسي للمشرفين العاملين في المراكز المشابهة، بالإضافة الى دراسة موضوع استقدام مرشدين نفسيين مختصين الى المراكز وإعداد برنامج علاج نفسي منتظم للأطفال المصابين بحالات الهلع المتأزمة على حد قول السيد مصطفى الاسماعيل في بقية حديثه.
الدعوة الموجهة من قبل المشرفين في المركز الى المهتمين بمساعدة الطفل ورعايته النفسية أن يتم احداث عدة مراكز أخرى في مناطق آمنة نسبياً من أجل دحر هذا الخطر المحدق الذي يهدد الطفل السوري ويمكن أن يجعل حياته القادمة مضطربة ان لم تعالج بطريقة صحيحة وناجحة.