مسؤولية هيئة تحرير الشام عن تردي الوضع العسكري

زيتون – مصطفى العلي

استطاعت تحرير الشام خلال الأعوام السابقة سلب قوة جميع الفصائل التي تقاسمها السيطرة في الشمال السوري لا سيما إدلب، وذلك بعد سطوها على لأسلحة الثقيلة ومستودعات الأسلحة لتمتلك أكبر قوة عسكرية بين الفصائل.
هذه القوة تضعها أمام مسؤولية حماية المدنيين من أي تقدم من قبل النظام أو حتى تنظيم داعش، على اعتبارها السلطة الوحيدة المسيطرة على إدلب.

ومع كل حرب تعلنها الهيئة على فصيل ما؛ كانت تتذرع في مصلحة الساحة والجهاد وحفظ الثورة من الضياع بسبب المفسدين على حد تعبيرها، كما اتهمت الهيئة معظم الفصائل بالعمالة واتباع الغرب والاتفاق على بيع البلاد، في إشارة إلى مؤتمر أستانة الذي ترعاه الدول الضامنة روسيا وإيران وتركيا.

بعد إنهاء حركة أحرار الشام بشكل شبه كامل في إدلب، حصنت هيئة تحرير الشام مواقعها في مطار أبو ضهور العسكري وبلدة سنجار بريف إدلب الشرقي، ومنعت الفصائل الأخرى من التقدم نحو تلك المناطق والقرى والبلدات المجاورة لها، لكن حين تقدم النظام السوري مدعوما بميليشيات أجنبية، دعت هيئة تحرير الشام في بيان مفاجئ جميع الفصائل بالالتحاق بالمعارك الدائرة على جبهتي سنجار وأبو ضهور، ومن ضمنها الفصائل التي حاربتها سابقاً كالفرقة 13، وبعد وصول بعض الفصائل لميدان المعركة، سحبت هيئة تحرير الشام عناصرها وقواتها من سلاح ثقيل وخفيف، وتركت الفصائل الأخرى تلقى حتفها، كما منعت تقدم بعض المجموعات الراغبة في قتال قوات النظام من الوصول إلى تلك الجبهات بحجة التخطيط لعمل عسكري من قبلها.

وبحسب ناشطين ومحللين عسكريين، فإن تحرير الشام كانت قادرة على منع تقدم النظام لو وضعت ثقلها العسكري ضمن تلك المعركة، لكنها طبقت مقررات مؤتمر أستانة، وبذات الوقت أرادت إنهاء وإضعاف بعض الفصائل العسكرية وبذلك تضمن إصابة هدفين بطلقة واحدة.
أخلت الهيئة مسؤوليتها عن التراجع، وحملت فصائل الجيش الحر المشاركة في مؤتمر أستانة أسباب الانسحاب، متذرعة بأنها لم تبارك أستانة ومناطق خفض التصعيد ولم تسلم إحداثيات مقرات الفصائل للدول الغربية.

ولا تزال تحرير الشام تنفي تطبيقها لمؤتمر أستانة، حتى بعد حمايتها ومرافقة قواتها للأرتال التركية، وتدرك هيئة تحرير الشام اليوم أنها بين فكي كماشة، أحدهما التشكيل العسكري الجديد الذي التحق به عدد من الفصائل أهمها فيلق الشام، والآخر تخلي تركيا عنها في أي وقت تريد.

هيئة تحرير الشام واختلاق المعارك

قبل أشهر من الآن شهدت محافظة إدلب هدوءً شبه تام من القصف الذي كانت تشهده إضافة إلى توقف تقدم النظام وحلفائه نحو إدلب، في هذه الأثناء اعتبر أهالي إدلب أنفسهم غير ملزمين بتسليم السلطة ضمن المحافظة إلى هيئة تحرير الشام، ذلك لوجود الأمن من القصف وتقدم النظام.

ويرى البعض أنه وبعد عدة انتقادات وحملات موجهة ضد هيئة تحرير الشام وضد حكومتها “الإنقاذ”، كان لا بد للهيئة من اختلاق المعارك الشبه وهمية لتأكيد حاجة ومبرر وجودها، ولإقناع الأهالي بأنها الوحيدة القادرة على حمايتهم من تقدم النظام أو من الخلايا النائمة التي بدأت تظهر مجدداً بريف المحافظة.

في يوم الأحد 10 حزيران اندلعت اشتباكات دامية بين مقاتلين من هيئة تحرير الشام وعناصر موالين للنظام في بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، ووفق ما أفاد به ناشطون فإن مقاتلي الهيئة بدأوا في وقت متأخر بقصف البلدتين بكثافة قبل أن يبادروا إلى اقتحامهما والاشتباك مع المسلحين المحليين، وأسفر الهجوم عن مقتل ستة مقاتلين من الموالين للنظام مقابل ثلاثة من الهيئة، ويعد هذا الهجوم هو الأعنف على البلدتين منذ نحو ثلاث سنوات.

وتساءل ناشطون عن معنى توقيت الهجوم، ففي الوقت الذي كان بإمكان قصف كفريا والفوعة من قبل الفصائل الأخرى، كانت تحرير الشام تمنع أي فصيل من التقدم نحو البلدتين، متهمين الهيئة بتأمين الحماية الكاملة للبلدتين من أي تقدم أو اجتياح، فضلاً عن مرافقتها للمساعدات الإنسانية التي تدخل إليها عن طريق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

وذكر الناشط “رأفت الناظم” من ريف إدلب لزيتون: أن هيئة تحرير الشام تسعى للهيمنة على المحافظة بشكل دائم، لكن في أيام السلم لم يكن لها دور سوى ملاحقة المعارضين الذين ينظمون الحملات والمظاهرات ضدها، إضافة إلى المضايقات التي يمارسها جهاز الحسبة التابع لها على المدنيين.

وسيلتها في السيطرة الدائمة يكمن باختلاق معارك جديدة تعيد تمسك الأهالي بها باعتبارها حامية إدلب من أي عدوان متوقع من قبل النظام، إضافة إلى خوف الأهالي من عودة القصف على قراهم ومدنهم، وانشغالهم عن هيمنة تحرير الشام على مفاصل المحافظة والاستفادة من مواردها، والخضوع لفرض الضرائب والغرامات المالية، وسن قوانين خاصة بحسبتها.

وكان من المقرر إجلاء خمسة آلاف من سكان بلدتي الفوعة وكفريا خلال الشهر الماضي، مقابل إخراج مقاتلين من هيئة تحرير الشام من جنوب دمشق، لكن عملية الإجلاء اقتصرت على الحالات الطبية فقط.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*