اليقظان المصري.. شرعي النصرة لتحرير المحرر

زيتون – بشار بن برد

شنت هيئة تحرير الشام كعادتها هجوما على حركة نور الدين الزنكي بذريعة مقتل أربع عناصر لها في بلدة “تلعادة” التي تقع تحت سيطرة الزنكي، ويعلم القاصي والداني أن هذا النهج في “تحرير المحرر” لم ينتهجه إلا فصيلين في منذ بداية الثورة السورية “داعش-النصرة” إضافة إلى بعض الجماعات الصغيرة التابعة لهما.

ويختلف هذين التنظيمين عن كل الفصائل والجماعات التي تنقسم عادة إلى متشددين صقور ومعتدلين حمائم، غير أن داعش والنصرة يعتبران أن الاعتدال رزيلة والتشدد هو الأفضل ولا يضمان في قيادتيهما سوى المتشددين والأقل تشددا.

ويستغل التنظيمان القسم الأول المتشدد لقتال كل من يخالف منهجهم من الجيش الحر وغيره، فيما تستخدم الأقل تشدد في قتال الأعداء المجمع عليهم “إن صح التعبير” مثل إيران وحزب الله ونظام الأسد وروسيا والميليشيات التي تقاتل تحت رايتهم، وبهذا ترضي جميع التيارات وتنفذ من خلالهم الأجندات التي تزيد من مكاسبها على الأرض، من اتساع رقعة السيطرة إلى الموارد المالية والأوراق التفاوضية.

منذ شهر ونصف تقريباً قال “أبو اليقظان المصري” أبرز المتشددين في “هيئة تحرير الشام” وهو يخطب في أحد مساجد ريف حلب منتقداً “الجولاني”: “من يضع خطوطاً حمراء مزورة كاذبة بأنه يرفض اتفاق سوتشي فلماذا لا يبدأ عملاً على جيش النظام المرتد؟، ولو عملاً نوعياً خلف خطوط العدو البعيد في ثكناته في حمص وحلب ودمشق ودرعا، أو خلف خطوطه القريبة هنا في جبهاتنا، الذي يضع خطوطاً حمراء أن تتحول إدلب إلى مصير “الفساد” في درع الفرات وغصن الزيتون، فلماذا يرحب بالجيش التركي ولماذا يمكن له في إدلب ويرفع رايات الحكومة العلمانية؟، إن استمرارية الجهاد خطوط حمراء فلماذا يخرس ألسنة من يحرض على قتال النظام الكافر وأعوانه”، وأضاف مخاطباً أنصاره “إياكم أن تنخدعوا بخدعة الخطوط الحمراء” ثم ختم كلامه “لعلي لا ألقاكم بعد هذه الخطبة”.

وتوحي جملة أبو اليقظان المصري إلى احتمال أن يقوم الجولاني بسجنه أو قتله بعد خطبته، ولكن الحقيقة أن أبو اليقظان الذي تدور حوله الكثير من الشبهات هو صانع الألعاب الأفضل في هيئة الجولاني، ولا ينسى الكثيرون فتواه الشهيرة في قتال حركة أحرار الشام حين قال موصياً عناصر هيئة تحرير الشام: “إذا لم تستطع أن تسيطر على الحاجز اضرب بالرأس وإذا سألك رب العالمين يوم القيامة قل له أبو اليقظان مفتي الجناح العسكري أمرني”.

يقود أبو اليقظان اليوم القتال في دارة عزة وغيرها، يتحدث وكأن الله أعطاه وكالة حصرية لخلافته في الأرض، يميز المؤمن من الكافر والمصلح من المفسد ويوزع الشهادات في الدنيا والله يختمها له في الأخرة!، ثم ليخرج علينا منذ أسبوع من على ذات المنبر ليحرم القتال مع الجيش التركي معيبا على المقاتلين تبجحهم علناً قتالهم في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل حسب تعبيره.

لم يطل كثيرا رد الجولاني، أتريد معارك؟ أو ترغب بقتال الكفار والمرتدين؟ أمامك الزنكي فهم مرتدون لا يتبعون نهجنا، كما أنهم لم يبايعوني، ودعك من الخطوط الحمراء والصفراء، واقتل في سبيل الله الذي هو سبيلي من شئت، مقاتلين ومدنيين وكوادر طبية.

وتكفل أبو اليقظان أن يعلم المقاتلين تطبيق كلامه السابق عملياً، في كيف يكون القتال ومن أجل ماذا، فهذه المعركة الناقة والجمل فيها للهيئة لتستكمل سيطرتها على المعابر، وبالتالي ضخ المزيد من الدولارات لخزينة الهيئة، وكسب المزيد من الأوراق التفاوضية مع النظام وحلفائه من جهة، ومن جهة أخرى مع الأتراك أنفسهم حول مصير المنطقة وتقسيم وتسليم وتوزيع الحصص والمكاسب، بالإضافة إلى تصفية جميع الفصائل التي ربما تشكل خطراً على فكر ومنهج الهيئة.

ولو سلمنا برواية هيئة تحرير الشام عن تأخر الزنكي للمدة المحددة في تسليم المشتبه بهم، ألا يستحق حقن الدماء مهلة إضافية، رغم أن شهود عيان أكدوا أن هيئة تحرير الشام كانت تحشد قواتها في محيط “دارة عزة” قبل انتهاء المدة المحددة، كما أن المتابع لمجريات الأحداث هناك يستطيع أن يكتشف أن هذا الأمر قد خطط له ودبر له مسبقاً.

هناك الكثير من الأسئلة تحتاج إلى أجوبة؟ وربما كانت أجوبتها أمام أعيننا، من أبرزها:
كيف تستطيع الهيئة أن تهاجم وتصد هجوم جميع الفصائل في وقت واحد ومن كل المحاور دون أن يرف لها جفن، ولا تستطيع فتح معركة على جيش الأسد وحلفائه ولو من محور واحد؟.
من أجل ماذا تقاتل هيئة تحرير الشام؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*