حوار زيتون مع فنان الثورة أبو صفا

بدون عنوان

انطلقت الثورة السورية من قلب الأرض ومن وجع الأرض قبل أن تنطلق بحناجر و أيدي أبناءها, انطلقت منذ بدايتها تحمل في القلوب مخزوناً تاريخياً من تراث نقلته الجدات الى الأحفاد. فكان السوري يحارب بندقية نظام متوحش  باغنية  و هتاف ولافتة و كل ما تلقنه من تاريخه الممتلئ  بوقفات العز والشرف والنخوة ومن مخزون تراثي لكل البلدات و المدن السورية يطلقونه ليكون شعاراً لتظاهراتهم السلمية الشعبية وكان الجميع يرددون ” الموت ولا المذلة , واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ” ,  وكان أبو صفا كما يحب أن يناديه الجميع في البلدة, من أوائل من أمسكوا الميكروفون أثناء  المظاهرات يعبر بالصوت و الكلمة المغناة عن أوجاع و آهات الناس ويصدح بصوت قوي لتهتف وراءه الجموع وتردد كلماته, لم يتأخر أبو الصفا في الانضمام للثورة بصوته و تلك البحة التي تميز صوته و التواضع الذي يمثل طبعه, فكان أبو صفا يغني ويهتف للثورة ومن قلب سراقب.

 ابو صفا هو:  محمد وليد ضاهر من أهالي سراقب مواليد 1972 , يعمل في مجال في حفر الأبار الارتوازية بعيدا عن  هوايته  في الغناء.

متى قرر أبو صفا الانضمام للثورة السورية ؟

ــ  من  أول  يوم انطلقت فيه  أول مظاهرة في سراقب, من أمام جامع الزاوية  وكان الأمن يحيط بنا بأربع سيارات من إضافة لبعض الشبيحة الأوائل الذين حاولوا الاعتداء علينا, ويومها قمنا بإقامة صلاة الغائب على أرواح  شهداء درعا   وفضت المظاهرة بعد عشر دقائق لا غير  و في نفس الليلة  مساء وصلتنا تبليغات للحضور الى فرع الأمن العسكري و ذهبت مع من ذهبوا حيث بقينا من الساعة التاسعة صباحا حتى المساء و كنا حينها  بتعداد يقارب العشرين شخص .

 ألم يكن  أبو صفا يخاف الاعتقال  حين كان يخرج ليطلق صوته بين الجموع الثورية  ضد النظام القمعي ؟

طبعاً كنت أخاف من القبضة الأمنية ولم أكن اخاف على نفسي, إنما كنت أخاف أن ينقطع الغناء عن الثورة فثورة بلا اغاني ليست بثورة.

هل كانت أغانيك من تأليفك و ألحانك أم اعتمدت على الموروث الشعبي كأغلب الأغاني التي

انطلقت في الثورة ؟

اعتمدت على اللحن التراثي و بدأت أكتب بخطي و قلمي الكلمات الثورية, وأستلم الميكرفون أثناء المظاهرات وأغنيها وما كنت أكتبه ليلا كنت أغنية  نهارا وقت المظاهرة التي كانت بيوم الجمعة من كل اسبوع, و بتنهيدة من أبو صفا قال:  الأمر المحزن  أن بعض الناس حاولوا  التسلق على أكتافي بادعاء أنهم يكتبون لي الكلمات و لكن كلماتي كانت  من قلبي ومن قلمي ولا اكتب للمال ولا للجاه إنما اكتب للبسطاء والفقراء والمظلومين.

ما هو اللون الغنائي الذي يقدمه أبو صفاء.؟

 أقدم التراث أولا ولكنني غنيت كل الألوان

عند انطلاقك وهتافك في المظاهرات كيف كنت تشعر بتجاوب الناس لأغانيك ؟

فاضت عينا أبو صفا بالدموع  وهي ميزة  تميزه من ناحية طيبة قلبه ونقاء معدنه وقال بصوت متهدج : لقد أعدتني الى أيام  تبكيني غصباً عني، وساحكي لك احدى القصص، في إحدى المظاهرات كنت موجودا ولكن لم أكن أغني حينها  فأخذ الناس يهتفون: أبو صفا, أبو صفا…  وتركوا الهتاف ضد الأسد و بدأوا بترديد اسمي وحينها بكيت و أمسكت الميكرفون  وبدأت أغني رغم تعبي و إنهاكي و كانت الحرائر ترمي الأرز علينا, تلك الأيام لا أنساها أبدا.

انطلق بعض من المطربين في الثورة و بدأت أغانيهم تتصدر الشاشات فلماذا لم يحضر أبو صفا في الساحة الغنائية الثورية؟

أولا أنا أضع اللوم على جميع الإعلاميين بدون استثناء بما فيهن جريدة زيتون لتجاهلي, في حين قام البعض باستغلال كلماتي بل و ألحاني  وصوري للتجارة بها ولغايات شخصية لا تخدم الثورة, ولكونهم  معتمدين على أن أبو صفا بقي على مبادئه ولم يتسخ بالشعارات الفارغة, فقد عرضت علي الكثير من المغريات ولكنني رفضت بشكل قاطع ..

ثانيا: كون أبو صفا  فقير ومن عائلة فقيرة ولم أملك قدرة للتفاعل مع الوسائل الإعلامية فأنا لم يكن عندي حساب على الفيسبوك إلا من ستة أشهر فقط, رغم  مطالبات الكثير من أهالي سراقب وخارج سراقب بل وخارج سوريا بأن أفتح  حسابا على الفيسبوك أو غيره من وسائل  التواصل الاجتماعي.

هل سجلت أغاني ثورية على اليوتيوب مثلاً ؟

نعم سجلت الكثير من الأغاني, فقد كان بعض الأصدقاء يرفعونها لي على اليوتيوب وغيره وأحيانا لا يرفعونها للأسف ولا أعلم السبب, ومازلت حتى الآن أعاني من هذا الأمر.

 هل التزم أبو صفا بالغناء الثوري فقط أم  له إنتاجات فنية بغير اتجاه,  قبل الثورة أو أثناءها ؟

نعم , فقد كنا  في كل اسبوع وغالبا يوم الخميس نعقد جلسات فنية مع الأصدقاء والأحباب, والمحبين للفن وكنا نتبادل تأليف العتابا والمولية الشعبية والشعر بعمومه, ولكن  ومنذ بداية الثورة فقد توجهت بكلي الى الثورة وأغاني الثورة فلم  أعد أستطيع حتى أن أقول كلمة  في شعري أوغنائي إلا للثورة والوطن.

ما هي الأغاني التي قدمتها و انتشرت بين جمهور فنان الثورة بشكل كبير؟

يرفع أبو صفا رأسه ويقول بفخر: هي أول أغنية وكان اسمها ” نحنا اللي طلبنا يا عالم حرية  ” وقد غنيتها على الربابة, وشاركتني الغناء ابنتي صفاء, وانتشرت أيضا أغنية  ” أبطال جيش الحر ”  و ” سوريا الغالي “.

ما هو عدد الأغاني التي سجلها أبو صفا على يوتيوب  وضمها لأرشيفة ؟

سجلت 38 أغنية, ولكن بقي الكثير من الأغاني التي لم تسجل بعد.

إذن عانى أبو صفا  كثيراً لإيصال صوته وحيداً ؟

نعم كنت أقوم بتسجيل الأغاني على موبايل, واشغل الإيقاع في الأورغ  ثم التقط العود و أقوم بتسجيل الأغنية و بدون أي آلية تسجيل ولا مضخم ولا غيره ,ولهذا الأورغ قصة اسمعها:

لقد كنت املك سيارة ” ببك أب ” و قد احتجت لعازف يشاركني على الأورغ من حيث كونه يضبط الإيقاع, ومع الأسف لم يلبي طلبي أحد, فاضطررت لبيع البيك أب  بقيمة “50  ”  ألف ليرة, علماً أنني كنت  أحتاج أن  أصلح بثمنه غرفة في بيتي  لأتآوى بها مع أولادي, لكنني فضلت أن أشتري الأورغ، و تعلمت لوحدي  على الأورغ  وما تسمعون من أغاني هي عزفي الذي مازال غير احترافي.

ما هي آمال أبو صفا الفنية في الظرف الحالي أو بعد انتصار الثورة السورية ؟

والله وليس محاباة لأحد أو لجهة, أنا سألتزم الأغاني الوطنية لبلدي ما دمت حياً

ماذا يحب أبو صفا أن يضيف لجمهور زيتون  ولمتابعيه ؟

أتمنى من الجميع, المحبة والإخلاص والعمل لأجل الوطن ولا يعملوا إلا لأجل الوطن لا غير و عدم الذهاب باتجاه المادة لان الوطن أغلى من المادة فهو الروح وهو الأخلاق وهو الحياة..

وقبل نهاية اللقاء اسمعنا أبو صفا آخر أغنية ألفها ولحنها.

الشكر لفنان الثورة أبو صفاء .

أجرى الحوار: حسن قدور