شهادات عناصر التسويات بعد عام من مصالحة درعا

لم يكذب النظام المخاوف التي شاعت حول نواياه تصفية الشبان السوريين في مناطق المصالحات، وظهرت بأخر شكل لها حين زج بهم في الخطوط الأمامية لمعارك حماة كطريقة تصفية مفيدة له وسط أنباء عن إعدامات للهاربين منهم أو اتهامهم بسبب الخسارات التي لحقت به في تلك المعارك.

وعن الانتهاكات التي يتعرض لها شبان المصالحات نشرت صفحة تجمع أحرار حوران تقريرا مفصلا اليوم أوضحت فيه الظروف التي تعيشها محافظة درعا جنوبي سوريا بعد عام من سيطرة قوات النظام والميليشيات الطائفية عليها.

وأوضح التقرير كيف سلمت الفصائل المقاتلة السلاح الثقيل لقوات النظام وتم إعلان وقف إطلاق النار من خلال اتفاقيات المصالحة التي رعاها الجانب الروسي في تموز من العام الماضي، ما مهد للنظام وأفرعه الأمنية الطريق للسيطرة تدريجيا على المحافظة بشكل كامل.

ومنح عناصر الفصائل كجزء من الاتفاقيات إمكانية الاختيار بين الإجلاء إلى محافظة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة أو البقاء وتسوية وضعهم مع نظام الأسد، لتنتهي بسيطرة قوات النظام على مهد الثورة السورية بتهجير نحو 12 ألفا من أبناء درعا الذين رفضوا التسوية إلى الشمال السوري، فيما اختار باقي السكان البقاء ضمن قراهم ومدنهم رافضين عملية التهجير مع مخاوف الملاحقة الأمنية والاعتقالات والاغتيالات وسوء الخدمات المعيشية والتجنيد الإجباري.

وكان اتفاق المصالحة قد نص على منح سكان درعا الراغبين في البقاء ضمانات بعدم ملاحقتهم من قبل الأفرع الأمنية، إلا أن قوات الأسد تعتمد على حواجزها المنتشرة بين قرى ومدن محافظة درعا بتنفيذ عمليات الاعتقال بالإضافة لمداهمة المنازل، حتى بلغ عددهم 692 معتقلا غالبيتهم من حملة بطاقات التسوية ومن بينهم شخصيات عملت سابقا في المجالس المحلية والمجال الإغاثي بحسب التقرير.

وأكد التقرير أن من بين المعتقلين 29 سيدة أفرج عن قسم منهن خلال فترات سابقة و18 قيادي سابق في الجيش الحر، تشكلت بعدها مجموعة مسلحة أطلقت على نفسها “المقاومة الشعبية” في تشرين الثاني العام الماضي لتعلن منذ ذلك الحين مسؤوليتها عن مجموعة من التفجيرات والهجمات على مواقع قوات النظام في درعا وريفها.

وقال التقرير أن نظام الأسد منذ سيطرته على المحافظة قد عوض إفراجه عن قرابة 70 معتقلا من أبناء المحافظة باعتقال نحو 700 منها، ليبقى مصير 4386 معتقلا ومعتقلة مجهولا في المعتقلات منذ 2011.

التجنيد الإجباري

وثق التقرير أسماء 25 شخصا من أبناء المحافظة تم الدفع بهم إلى جبهات المشتعلة في الشمال السوري بعد أن عمد إلى سوق المئات من الشبان للخدمتين الإلزامية والاحتياطية في جيشه، بعد أن تقوم حواجزه المنتشرة في محافظة درعا وخارجها باعتقال الشباب وسحبهم للخدمة الإلزامية والاحتياطية في جيشه مجبرين.

هذه المحرقة دفعت بتصاعد عمليات التخلف والانشقاق من أبناء درعا مؤخرا ليتم توثيق 124 حالة تخلف وانشقاق، وذلك بعد حصولهم على إجازة، إضافة إلى امتناع العشرات عن إجراء عملية التسوية منذ بداية الاتفاق ورفض الالتحاق بصفوف قوات الأسد.

ونشر الموقع شهادات عناصر انخرطت مؤخرا في صفوف النظام منهم محمد المقداد الذي كان ضمن صفوف أحد ألوية الجيش الحر، ليصبح في صفوف قوات النظام قبل ثلاثة أشهر بعد أن أجرى ورقة التسوية في إحدى المراكز الأمنية في البلدة.

وتحدث المقداد عن المعاملة السيئة التي يتلقاها في قطعته العسكرية في حمص قائلا لتجمع أحرار حوران: “أصبحنا أضحوكة لشبيحة الأسد ينادوننا بأبشع العبارات، كلمات استفزازية مقصودة، لتعذيبنا نفسيا، وكأنّهم يقولون لنا عشتم سبع سنوات بدون ذل سنذيقكم إياها ضعفين”.

مضيفا: “في أول أسبوع من دخولنا إلى القطعة العسكرية كانت المعاملة حسنة نوعا ما، ولكن عندما تبيّن للشبيحة أنّنا من عناصر سابقين في الجيش الحر تغيّرت المعاملة بشكل كبير، وأمرونا بغسيل ملابس العساكر الداخلية والخارجية وتنظيف أحذيتهم بشكل يومي، حتى أنّ مهمتنا أصبحت سخرة في المهاجع وتنظيف مكاتب ومنازل الضباط ويطلقون علينا عبارات استفزازية أقلها (يا ابن التسوية)“.

مردفاً: “أهلي كسروا ظهري، لم يكن لدي خيار آخر سوى أن أنضوي في صفوف قوات الأسد لأحمي نفسي من الملاحقة الأمنية بعد أن رفض أهلي الخروج إلى الشمال السوري مع رفاقي” مشيرًا إلى أنّ البراميل المتفجرة والمعارك والجوع والموت أهون على نفسه من هذه المعاملة.

فيما تحدث أنس أبو زيد الذي أجبر على الانضمام لصفوف قوات النظام عما شاهده خلال خدمته في معارك الشمال السوري قبل أن يهرب من جبهات القتال ويلجأ إلى منزله ومن ثم إلى الشمال عن طريق التهريب.

يقول أبو زيد إن قوات الأسد زجوا بنا في الخطوط الأمامية للمعارك تحت قيادة لاسلكية لاقتحام مواقع الجيش الحر التي تعتبر الأكثر تحصينا لنكون طعما وندفع حياتنا ثمنا لمعرفة الثغرات في هذه المواقع، مضيفا إن معاملة عناصر النظام معهم أسوء من أن توصف وسط الإهانة والنعت بالخونة والتوعد لنا بمحاكمات عسكرية إن لم ينصاعوا لأوامرهم.

وأكد أبو زيد في روايته عن حالات تصفية ميدانية لبعض عناصر التسوية من قبل قوات النظام ممن هم على جبهات القتال عند الشعور بتقصيرهم في إطلاق النار على مواقع الثوار.

وأشار التقرير أن العديد من عناصر المصالحات يقومون بالانشقاق وترك الجبهات والهرب إلى مناطق سيطرة الثوار في إدلب وريف حلب فيما يلتزم الكثيرون منازلهم وذلك على وقع المعارك المحتدمة في الشمال السوري وزج عناصر المصالحات على الخطوط الأمامية.

ووثق تجمع أحرار حوران في الأونة الأخيرة انشقاق أكثر من 15 عسكريا من أبناء بلدة النعيمة انشقوا حديثا عن صفوف جيش الأسد، وأكثر من 10 عساكر في كل من بلدتي المسيفرة وانخل، فيما انشق 20 عسكريا من بلدة الكرك الشرقي، وفي مدينة نوى قرابة 14 منشق، و5 آخرين من بلدة خربة غزالة، وأكثر من 25 منشق في بلدة نصيب لم يُسلّموا أنفسهم، وعشرات العناصر المنشقين من قرى حوض اليرموك غربي درعا.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*