عبد الحكيم قطيفان يغني “لو ترجع” لعبد الباسط الساروت

زيتون – عدنان الصايغ

إن كان للفن من معنى فهو تجسيده لأحلام الناس، وإبراز أوجاعهم واختصار تطلعاتهم، وسكب الجمال الموجع على تفاصيل حياتهم، وهذا ما فعله الفنان “عبد الحكيم قطيفان” في أغنيته الأخيرة التي أهداها للشهيد عبد الباسط الساروت.

لم يوالي النظام ويقف معه كما فعل الكثير من الممثلين السوريين، كما لم يكن من الفئة الصامتة التي أثرت السلامة على الموقف، لكنه كان حاسما في الوقوف ضد السلطة ومع الناس منذ بداية الحراك في سوريا.

تذكر أغنية “لو ترجع” بقسوتها ووجعها بأغنية “ياحيف” لسميح شقير، وتتشارك معها في الدموع التي انهمرت من كل من حلم بالحرية في سوريا، وبذلك يتصدر قطيفان بأدائه الهادئ والصادق قلوب المكلومين والحزانى من أهل الثورة السورية، وذلك لما فجرته هذه الأغنية من فجيعة الفقد والخسارة، ومن فجيعة ضياع الحلم وبؤس الواقع، مقارنة مع “حلاوة الثورة وعيلتها” في البدايات.

يمثل قطيفان في مواقفه الأخيرة وتصريحاته على وسائل الإعلام كل سوري رفض أن تكون سورية مزرعة لأحد، كما يمثل كرامة السوري البسيط الذي فضل أن يتشرد لا مستعظما غير نفسه على أن يبقى ذليل معادلة الأسد أو نحرق البلد.

التعاطف والدعم المعنوي الذي حاول قطيفان تقديمه للاجئين السوريين في المخيمات اللجوء في دول الجوار، كان جزءا من دفاعه عن قضيته وجزءا من مساهمته في نضال الشعب السوري.

تفوق قطيفان بموقفه الإنساني والمبدئي في الثورة السورية على أقرانه ممن لاذوا بمزايا السلطة، وتربع بجدارة لن تزول بسهولة من قلوب السوريين في السنوات القادمة، كما تفوق بتمسكه الأصيل بشخصيات الثورة كالساروت وحمزة الخطيب ودرعا، على من خافوا من بطش السلطة فرحين بالسلامة.

أغنية “لو ترجع” هي من انتاج تلفزيون سوريا، ومن كلمات صديق الساروت “فراس الرحيم”، بثت على التفزيون في برنامج لم الشمل، بصوت عبد الحكيم قطيفان ولاقت إقبالا لافتا من السوريين.

ووصف قطيفان عبر موقع “تلفزيون سوريا” الأغنية بأنها: “شكل من أشكال التكريم، لأيقونة الثورة عبد الباسط الساروت”، متمنيا أن تكون “وفاء لجزء من دين معنوي ندين به لهذا الشخص العظيم، الذي أعاد برحيله نبض الثورة مرة أخرى”.

خرج قطيفان منذ منتصف عام 2012 من سوريا إلى مصر، وشارك مع صديقه مازن الناطور النشاط الأغاثي، حيث وجد العزاء له وقدمه للاجئين في تلك المخيمات، قدم اللجوء في ألمانيا رغم ضيقه من فكرة اللجوء، مضطرا لحماية أسرته، بعدما هُدد من قبل السلطة.

لقطيفان توجه معارض سبق الثورة السورية فقد تعرض للسجن في أقبية النظام للسجن لفترة تسع سنوات بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي عام 1983، ليعاني بعد خروجه من النبذ والتهميش في عمله بالتمثيل، جاهد خلال تلك الفترة ليأخذ مكانه الطبيعي في الصف الأول، دون أن يتلوث بأروقة السلطة والفساد المستشري في سوريا، وهو ما دفعه للقول ردا على نقيب الفنانين السوريين الذي خون المصطفين مع الثورة بجملته: “”يا نقيبهم نحن نقيضكم تماماً، نحن الوطن السوري الواحد الموحّد بكلّ أهله ومواطنيه لا طائفييه”.

في حوار له في صحيفة الوفد عام 2012 قال: “الفنانون انقسموا؛ فمنهم من ترك سوريا وهم معارضو النظام واختاروا صف الشعب ولي الشرف أن أكون منهم، وهناك من اختار صف النظام وهؤلاء لن يسامحهم الشعب لأنهم ساعدوا بشار ونظامه على سفك دماء الأبرياء”.

قطيفان من مواليد مدينة درعا عام 1958، درس المثيل وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدفعته الأولى عام 1981.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*